| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

الأحد 27/5/ 2007

 


 

آفاق مستقبل الحكومة العراقية..!؟2-2


باقر الفضلي

لست الوحيد من يطرح السؤال؛ فجميع الإستفهامات التي ترد على السنة المواطنين، والمقالات التي يدبجها الكتاب والصحفيون، ومنذ الأحداث المأساوية التي أعقبت زيارة السيد المالكي الى البصرة، وأزمة وزيري الدفاع والداخلية وكذلك الأمن الوطني، جميعها تطرح السؤال نفسه وبصور وأشكال مختلفة..! نعم: هل سينجح المالكي..؟

لا زلنا في بداية الطريق، ومن السابق لآوانه الخروج بإجابة قاطعة، وهذا ما سبق وأن أشرت اليه في عدة مقالات سابقة تناولت الأمر نفسه.* إلا أن الوقائع التي تزامنت مع أحداث البصرة وما بعدها، ألقت ضلالاّ من الشك على إمكانية التوصل الى إجابة واضحة وإيجابية على التساؤل المذكور، هذا إذا ما كان التساؤل نفسه موضوعياّ ويعطي القاريء مقاربة لتصور معقول حول طبيعة الحقائق التي تقوم عليها الأوضاع الآن في العراق..!

الفشل والنجاح في أي عملية سياسية مسألة نسبية، محكومة دائماّ بظروفها المحيطة من جانب ، وبمدى تأثير العوامل الأخرى، كالشخصانية والبراغماتية على سبيل المثال من جانب آخر..! وبالتالي فإن نجاح أي حكومة في مهامها وتنفيذ برنامجها، أول ما يستدعيه؛ هو حالة وطبيعة الظروف التي ستعمل هذه الحكومة خلالها من جهة، وطبيعة تركيبة الحكومة نفسها والأسس التي تشكلت بموجبها من جهة أخرى..! فحيثما تهيأت ظروف طبيعية من حيث الأمن والإستقرار، وحيثما كانت تشكيلة الحكومة نفسها، نتاجاّ لعملية برلمانية ديمقراطية، وحيثما إمتلكت هذه الحكومة برنامجاّ واضحاّ ومحدداّ فيه أهم أولويات المرحلة الراهنة وقت تشكيل مثل تلك الحكومة ، كلما كانت فرص نجاحها أكثر إحتمالا، وحظها من التأييد والمساندة الشعبية سيكون كبيرا..!

وبقدر ما يتعلق الأمر بالشأن العراقي، وبخصوصية هذا الشأن في الوقت الحاضر، وللوصول الى توصيف معين أو تقييم مناسب لطبيعة الحكومة الحالية وظروف نشأتها، لابد من التوقف أمام بعض الأمور ذات الأهمية في تحديد مسار الوصول للهدف المذكور، ومن أجل التوصل الى جواب أو أجوبة معقولة وقريبة من واقع الحال تساعد مجتمعة على إجابة السؤال المركزي حول إحتمالات نجاح أو فشل حكومة المالكي الحالية، فهذا ما سنحاول إجماله وبإيجاز في ما يلي من النقاط:

أولاّ : ظروف التشكيل
المقصود بذلك هو الظروف التي تشكلت أثنائها الحكومة..! وهنا يمكن القول؛ بأن طبيعة تلك الظروف، تتسم بخصوصيتها وأستثنائيتها قياساّ لأي ظروف أخرى عاش في ظلها العراق أو أي بلد آخر في الفترة الراهنة نسبياّ، وهذا لا يعني إنفراد هذه الإستثنائية عن غيرها من حيث الشكل أو المضمون، أما ما يتعلق بخصوصيتها، فيمكن القول أن سمة الإنفرادية التي تتسم بها هذه الخصوصية ناتجة من طبيعة المكونات الديمغرافية للسكان، حيث التشابك الأثني والديني والمذهبي المعقد الذي يتسم به العراق، عن غيره في كثير من البلدان..!

أن الظروف المعنية التي تشكلت خلالها الحكومة الحالية، هي إمتداد لنفس الظروف والأجواء التي عاشها العراق منذ التاسع من نيسان 2003 وحتى اللحظة وقد تميزت بالمظاهر التالية:

×- ما رافق سقوط النظام السياسي وإنهيار مؤسسة الدولة، من إرتفاع نسب البطالة بشكل خطير زاد عن 60% نتيجة حل الجيش والمؤسسة الأمنية وتعطل نشاط المؤسسات الحكومية ونهب ممتلكاتها، بما فيها بنوك الدولة والكنوز الأثرية..!

×- التواجد الأجنبي الذي تمثل بقوات الإحتلال والتي تغيرت تسميتها بعد ذلك الى قوات التحالف متعددة الجنسية بقرار من مجلس الأمن رقم 1483.

×- التركة الثقيلة من مخلفات النظام السابق، على كافة الأصعدة السياسية والإجتماعية والإقتصادية. والتي أتسمت بتردي الأوضاع الإقتصادية للسكان نتيجة الحصار الإقتصادي، والمديونية الكبيرة للدول الأجنبية، مضافاّ اليها تراكم المعاناة الجماهيرية جراء الطبيعة الدكتاتورية للنظام السابق ونتائج الحروب المدمرة التي تعرضت لها البلاد..!

×- الفوضى العارمة التي سادت البلاد وإنتشار أعمال النهب والسرقة و"الفرهود" التي رافقت سقوط الدولة والتي إستمرت بالتفاقم طيلة السنوات الثلاث الماضية، حتى تحولت الى ظاهرة تحكم العصابات المنظمة من المافيا بحياة الناس الإقتصادية والإجتماعية، وباتت تشكل ظهيرا للمليشيات المسلحة لبعض القوى السياسية، أو تختفي تحت عبائتها ..!

×- انتشار ظاهرة "المليشيات المسلحة" لعدد من المنظمات السياسية، وتحكمها في الشارع العراقي، مما افقد الدولة هيبتها من جهة، وفتح الطريق للفلتان الأمني، وساعد على إستغلال هذه "المليشيات" من قبل عصابات المافيا وإستخدامها كغطاء للحماية وللتستر على نشاطاتها الإجرامية مما أشاع ظاهرة التهريب وإنتشار تجارة السلاح والمخدرات وإختطاف الأطفال وغيرها من الأفعال المشينة من جهة أخرى..!؟

×- ألصراع الدموي بين مكونات هذه " المليشيات" والذي هو في حقيقته صراع قائم بين حواضن تلك "المليشيات" من بعض أطراف النخب السياسية، والذي يجري على حساب أمن المواطنين وإزهاق أرواحهم، وإن الهدف منه على حد تعبير أحد قادة تلك الأحزاب السياسية هو في («التدافع السياسي» وتسابق الاحزاب والتيارات من اجل كسب اكبر مساحة من مراكز القوى في محاولة منها للاستيلاء على مجالس إدارات المحافظات استعداداً للمرحلة الجديدة التي ستشهد نقلة نوعية على مستوى إدارة للمحافظات وتطبيق النظام الفيديرالي.))
د.الدباغ << صوت العراق6/6/06>>

يشاركه الرأي ولكن من منطلقات أخرى كل من؛ النائب حسين علي الشهلان من مدينة الديوانية الذي أشار(( الى تباين اسباب الصراع بين الاحزاب السياسية للسيطرة على مقاليد السلطة، ويقول: «تشير المعلومات الى وجود مافيات تتصارع الان على ملايين الدولارات من ثروات العراقيين»، ولم يستبعد تورط قوى محلية في عمليات الاغتيالات الجارية في الديوانية حيث يتم توجيه الاتهامات الى مليشيات وجهات اخرى، واعتبر ان «عدم الاستقرار السياسي في البلاد ادى الى نشوء حاضنات أمنية لجماعات تسعى الى كسب اكبر قدر ممكن من السيطرة على مدن الجنوب».))
<<صوت العراق 6/6/06>>

وكذلك النائب السابق عن البصرة منتصر الامارة الذي أشار الى(( ان ما يجري في المدينة يكشف عن «صراع مصالح حزبية على السلطة والثروة مما وفر مساحة للايدي الخبيثة من داخل وخارج العراق وحرية حركة لتأجيج الخلافات>>))
<<صوت العراق 6/6/06>>

محاربة الأرهاب ؛ وهي من أولويات المهام التي واجهت حكومة المالكي، بل ولعلها تقف في مقدمة الجدول الحكومي للمهام التي يجب الإضطلاع بها والبدأ بتنفيذها. ومن سمات هذه الظاهرة وتعقيداتها يمكن الإشارة الى النقاط التالية:

×- ارتبط وجود هذه الظاهرة مع البدايات الأولى لدخول قوات الإحتلال، بل وتشير بعض المعلومات الى أن وجودها ترافق مع بداية ردود الفعل في بعض المدن العراقية ضد قوات الإحتلال مثل مدينة الفلوجة، مما ساعد على إرباك الصورة التي رسمتها بعض القوى المسلحة عن نفسها والتي أعلنت عن وجودها كقوى "للمقاومة" ضد الإحتلآل، فأصبح من غير اليسير الفصل بين ما تقوم به هذه الفئات من أعمال العنف الموجهة ضد قوات الإحتلال، حسب دعواتها، وما ترتكبه زمر الإرهابيين من أعمال القتل وتفجير السيارات المفخخة، وخطف الأبرياء وأفراد السلك الدبلوماسي..الخ، مما زاد في إختلاط الأوراق...!

×- ما رافق عمليات قوات الإحتلال العسكرية الموجهة ضد الزمر الإرهابية ، من تجاوزات وإنتهاكات وخروق لحقوق الإنسان ضد المواطنين العراقيين وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ، وما رافق ذلك من تدمير وهدم للبيوت ولقرى كاملة، ولعل أحداث مدينتي (حديثة والإسحاقي) وقبلهما مدينتي الفلوجة وتلعفر من البراهين الدامغة على تلك التجاوزات..!؟

×- إرتباط ظاهرة الإرهاب بإمتدادها الخارجي مع بعض دول الجوار مما سهل من تمويلها لوجستيا بالمال والسلاح والرجال، لدرجة أصبحت معها هذه الظاهرة تشكل خطراّ حقيقياّ على أمن وسيادة البلاد..!؟

- عملية التطهير العرقي ؛ وتعتبر من أخطر ما يواجة الحكومة الجديدة، لما لها من تداعيات خطيرة للغاية، ليس على مستقبل ضحايا هذه العملية وحسب، بل وعلى مستقبل البلاد أيضا، فتغييرها لديموغرافية السكان له من النتائج المدمرة ما لاتحمد عقباه، فهي ستجلب معها كل عوامل التفرقة والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. كما وستؤول الى إختفاء أقليات قومية ودينية صغيرة عاشت في كنف هذا الوطن منذ فجر التأريخ بل وحتى قبل قومياته وأديانه الكبيرة..! إن ما يؤرق كاهل المواطنين، هو هذه الفلترة المتواصلة للسكان، والتي تجري على أسس من الهوية العرقية والدينية، وفي ظل أبشع وسائل الضغط والإكراه والتهديد، بل وحتى القتل والإختطاف وإنتهاك الأعراض. وهي تمارس من قبل العديد من الأطراف التي بعضها يرى فيها خروجاّ من المأزق الذي آلت إليه حالة العراق اليوم. فهناك من القوى السياسية، وخاصة من لها ميليشيات مسلحة، من يعتقد بأن فدرلة العراق في أقاليم معينة، وعلى أسس من العزل الطائفي، أو العرقي، قد يكون فيه المتنفس من هذا الإحتراب...!

- ظاهرة الفساد المالي والإداري؛ ورغم أن هذه الظاهرة هي من النتائج المتوقعة سلفا، للأسباب المشار اليها في أعلاه، إلا أن إستشرائها في كافة مؤسسات ودوائر الدولة وعلى أعلى المستويات ، جعل منها آفة فتاكة، تلقي بثقلها على كاهل أفراد الشعب. وقد أصبحت منبعاّ للأثراء الفاحش، خالقة طبقة جديدة في المجتمع، لها من النفوذ الإقتصادي والتأثير السياسي ما يشبه تأثير وسلطة المافيات المتمرسة بالجريمة. فهي تقف وراء الكثير من الإنتهاكات للقانون، بل وتدير العديد من العصابات الإجرامية، من عصابات الخطف والإبتزاز، والإغتيال، ولها إرتباطات معلنة وغير معلنة، مع قوى الإرهاب والجريمة، ولها من الإختراقات داخل صفوف القوات المسلحة ومؤسسات الدولة، ما يجعل الحكومة نفسها عاجزة عن ضبظ الأمن وسيادة القانون..!

- التدخل الأجنبي الإقليمي؛ وهو من إحدى تداعيات العملية السياسية الجديدة ومن نتائجها غير المباشرة. وهي حالة باتت تؤرق العراقيين لما سببته لهم من معاناة يومية مستمرة، سواء على الصعيد الأمني أو الإقتصادي. فالتدخل الأجنبي والقادم من دول الجوار، بات يلعب دورا أكثر تعقيداّ مما يعتقده البعض، فخلال مسيرة السنوات الثلاث المنصرمة وحتى الآن، شكت جميع الأطراف السياسية بما فيها تلك التي تمسك بزمام السلطة، من هذا التدخل، وأعتبرته أحد عوامل عدم الإستقرار في البلاد، وبأنه يقف وراء كل عمليات الإرهاب وتمويله لوجستيا. ولكن هذه الشكوى أختلفت من جهة الى أخرى. وأخذت في إنحيازها لهذا الطرف أو ذاك منحى مذهبياّ طائفيا. فبالرغم من إعتراف جميع الأطراف السياسية بهذا التدخل إلا أن البعض منها تغاضت عن حقيقة تدخل بعض دول الجوار، بل وألقت ظلالاّ من الشك والريبة على ذلك، والقت بالتبعة جراء ذلك التدخل على عاتق دول أخرى تختلف معها في المذهب الديني. وكذلك الأمر بالنسبة الى الأطراف الأخرى التي تختلف معها في المذهب الديني، فهي الأخرى قد ألقت بالآئمة على عاتق الدول التي تختلف معها في المذهب. وبالنتيجة فأن الجميع يعترف بوجود التدخل والمخاطر التي يسببها، ولكنها تختلف في تعيين مصادر هذا التدخل والمسؤولية..! وهذا الأمر يعتبر من أبرز عوامل تقويض حكومة الوحدة الوطنية المعلن عنها، لأنه يدخل في صلب الخلافات القائمة بين مكونات العملية السياسية نفسها..!

ثانيا: هيكلية البيت السياسي الداخلي
من خلال التعرف على هيكلية البنية السياسية العراقية الداخلية بكل أبعادها ومن جميع نواحيها، تغدو صورة الواقع السياسي العراقي اكثر وضوحاّ وتجلياّ في التعبير عن حالة التشابك المصلحي لمختلف الطوائف السياسية الإجتماعية العراقية، وإرتباطه في شبكة التداخل الأجنبية على شتى المستويات. وبإيجاز مكثف يمكن التركيز على النقاط التالية:

- في تشكيل الحكومة والهيئات الرئاسية الثلاث، تم إعتماد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية كأساس في توزيع المناصب الرئاسية والوزارية. وإعتماد هذا المبدأ بكل مساؤوه المعروفة، كان أمراّ لا مفر منه، لكونه كان ملزماّ للجميع، وذلك إعتمادا على تشريعه كطريق في بناء الهيكلية السياسية للعراق منذ ولوجه في العملية السياسية الجديدة بعد إسقاط النظام السابق. وهذا ما توجته نتائج الأنتخابات الأخيرة للبرلمان.

- حرصا من قبل جميع الأطراف التي شاركت في بناء الحكومة الجديدة على السير قدما بالعملية السياسية، فإنها إرتضت بالقبول بمبدأ المحاصصة الطائفية – العرقية، وإن كان البعض منها قد عبر عن إمتعاضه لذلك ولكن قبوله به كان من تداعيات الإعتراف بالأمر الواقع.

- كافة الأطراف التي شاركت في بناء الحكومة الجديدة، لم يظهر عليها من خلال مسيرة الحكومة القصيرة (عام واحد)، بأنها تمتلك أجندة واحدة لقيادة هذه المسيرة، أو خطاب موحد، رغم إعلان السيد رئيس الحكومة عن برنامجه السياسي والذي تناولت الحديث عنه في مقالة سابقة.** فالكتل السياسية التي دخلت في العملية السياسية، سابقا أو لاحقا ، لها أجنداتها الخاصة، التي تتعارض في منطلقاتها وفي أهدافها، وإن توحدت في أساليبها من داخل الأطر الشكلية التي أفرزتها العملية السياسية.

- كافة القوى السياسية التي شاركت في الحكومة ، جاءت وهي تحمل معها أفكارها المتباينة حول عدد من الأمور الدستورية الخلافية، الأمر الذي ولدت فيه الحكومة وهي تقف على أرضية مهزوزة مزعزعة..!

- رغم أن رئاسة الحكومة جاءت من نصيب كتلة الإئتلاف العراقي برئاسة السيد المالكي، إلا أنها ولدت في ظل ظروف من الصراع الداخلي ضمن الكتلة المذكورة، وبالنتيجة فإن بقاءها مرهون بطبيعة تلك الصراعات وما ستؤول اليه، فيما يتعلق بتنفيذ برامجها السياسية، وعلاقة ذلك بتعهداتها أمام الكتل الأخرى، خاصة ما يتعلق منها بإنهاء وحل الميليشيات المسلحة، والموقف من إنسحاب القوات الأجنبية..!

ثالثا : إحتمالات وتوقعات
وبعد أن مر عام على إستيزار حكومة المالكي من قبل مجلس النواب، وطبقاّ لطبيعة ظروف ذلك الإستيزار، أتسمت الكثير من التكهنات حول مستقبل هذه الحكومة، إرتباطاّ بمجمل العملية السياسية، وقياساّ بالنتائج العملية التي تمخضت عنها مسيرة عام كامل من نشاطها الميداني وعلى كافة الأصعدة، بما لا يشجع كثيراّ على التفاؤل، أو يبعث على الأمل القريب بإنفراج في طبيعة الأزمة التي تخيم على المشهد العراقي..!

فإن كان هناك ثمة تغيرات على الصعيد الأمني، وهو الإطار العام لمجمل الأزمة العراقية، والذي كان في مقدمة التعهدات التي ألزمت الحكومة نفسها بها كأحد أولوياتها في برنامجها العام للمرحلة القادمة؛ أقول إن هذه التغيرات جاءت بالإتجاه المعاكس؛ حيث تفاقم الإرهاب أضعافاّ مضاعفة، وإتخذ أشكالاّ أكثر همجية وعدوانيه..؟! ومن جانب آخر تفاقم الوضع الإجتماعي والإنساني للمواطنين بشكل لا يطاق، حتى بات الأمر؛ أن المواطن لا يجد من يتجه اليه لطلب المساعدة، وهذا ما دفع بآلاف العوائل العراقية للهجرة خارج البلاد طلباّ للأمن..!؟؟

وعلى كافة الأصعدة الأخرى جاءت النتائج مخيبة للآمال..!؟؟

وبعيداّ عن الخوض في كافة تفاصيل المشهد العراقي بعد مرور عام على مسيرة الحكومة الجديدة، فإنه يمكن تلمس نتائج وإنعكاسات تلك المسيرة والحكم على أداءها والإحتمالات المتوقعة لهذا الأداء؛ من خلال إنعكاسات مستوى الأداء نفسه وكل ما يبنى عليه من متغيرات على الصعيد العملي، على البنية الهيكلية للحكومة نفسها؛ وبمعنى آخر على حجم ومستوى التلاحم والإنسجام بين مكونات هذه الحكومة، ومدى قدرتها على مواجهة ظروف وجودها وإشتراطات هذا الوجود للمرحلة القادمة..!؟ وهذا لعمري لا تدعمه إيجابياّ حالة الإستقطاب والتمحور التي تعيشها الكتل والطوائف السياسية في الوقت الحاضر، وهذا ما يهدد الكيان الحكومي نفسه..!

فليست لوحة المشهد العراقي هي وحدها تتسم بالتراجيدية، بل هي الحكومة نفسها، تعاني من تداعيات هذا المشهد، بشكل يقلل من فرص الخيارأمامها ، ويضعها، بعد هذا التدهور السريع في الأوضاع الأمنية، أمام خيارات صعبة، أقل ما فيها، هو ضرورة إعادة النظر في بنيتها الهيكلية، على أسس من المهنية والكفاءة والوطنية، وكسر أطر التكوين الأولى، من محاصصة عرقية وطائفية، وإتخاذ قرارت جريئة، على صعيد المصالحة الوطنية، والتعجيل بتشريع قانون ديمقراطي للأحزاب، بعيداّ عن أي توجه طائفي أو ديني، وقانون جديد للإنتخابات يحترم إرادة الفرد، ويعتمد الترشيح الفردي، والإقتراع السري المباشر..!

وحتى مع إفتراض كل ذلك، فإن هذا سيعيدنا الى المربع الأول، وهو (الكتل السياسية) وطبيعة علاقاتها، وحالة الصراع والإحتقان القائم بينها، فالحكومة نفسها نتاج هذه الكتل وينعكس عليها كل إفرازات الصراع المحتدم بينها، سلباّ كان ذلك أو إيجابا..!

لقد كشفت مسيرة عام من عمر الحكومة العراقية، بأنها لا زالت تراوح في مواقعها في كثير من المسائل الخلافية رغم ما عرضته من إنجازات، وهي تعاني من حالة الوهن والتردد والمحاباة، التي تعكس من جانب آخر، حالة التناقض والتباين الشديد في مواقف الكتل السياسية المختلفة، من عدد من القضايا العقدية؛ فقد أثبتت تلك المسيرة، عجز الحكومة نفسها من إيجاد طريق للخروج من متاهة الإنفلات الأمني وتفاقم الإرهاب..وهما يشكلان الإطار العام لأزمة الصراع الدائر بين هذه الكتل، والذي بات مؤخراّ يأخذ صوراّ أكثر وضوحاّ في سعيه الى السلطة..!

ونخلص أخيراّ للقول: بأن أي نجاح أو فشل لمسيرة الحكومة الحالية بل وحتى وجودها في السلطة، مرهون بطبيعة هذا الصراع وما يمكن أن ينجم عنه من تداعيات قادمة..!***



*  http://www.al-nnas.com/ARTICLE/BFadli/6gv.htm
** http://www.al-nnas.com/ARTICLE/BFadli/2mk.htm
*** http://www.al-nnas.com/ARTICLE/BFadli/20gov2.htm 

¤ من الذي يرتهن العراق...؟؟ (1-2)