| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

                                                                               الجمعة 25/2/ 2011



العراق: ما الذي يريده الشعب وما تريده الحكومة..!؟

باقر الفضلي

أمران لا يستويان، معادلة لم يتوازن طرفاها، فالحكومة في واد والشعب في واد آخر؛ ذلك هو حال المشهد السياسي في عراق اليوم ..!؟

فما الذي يريده الشعب العراقي يا ترى..؟ وما الذي تسعى اليه الحكومة..؟ هذا هو السؤال المتداخل الذي يطرحه الجميع، ولكن الأهم هو أين تكمن الإجابة..؟ وبمعنى آخر ما هي العوامل التي دفعت بالوضع السياسي الى ان يستقطب بهذا الشكل المتغضن والمحتقن؛ حين يتحول الشعب في مواقفه بالإتجاه المعاكس لموقف الحكومة، وحين يصبح موقف الحكومة كموقف المدافع الذي داهمته السيول من كل صوب وحدب، ولم تجد أمامها من مخرج إلا سلاح الرعب، وقوة التخويف، لترهب به عدوها الجديد، متمثلاً بالشعب الذي إنتفض عليها، بعد أن إفتقد كل أواصر الربط مع الحكومة التي إعتقد أنها ستكون عند وعودها وعهودها، التي أغلظت لها أثقل الإيمان قبل الإنتخابات، فجاءت وعودها كوعود عرقوب، وكان جزاء الشعب "كجزاء سنمار"..!؟؟

لو أدركت الحكومة القائمة وخليفة الحكومة السابقة، حقيقة الدوافع التي تقف وراء غضب الجماهير العراقية وإحتجاجها المتواصل على الأوضاع المزرية التي أثقلت ولا زالت تثقل كاهلها، طيلة كل هذه الفترة، وما لحقها ويلحقها من حيف ونكد، رغم كل ما قدمته من تضحيات فاقت في جسامتها ما لا يتصوره العقل، من موت ودمار وتشريد وإغتراب، من أجل أن يسترد هذا الشعب النبيل كرامته بعد ما عانى من هول الإستعباد والطغيان وجور الدكتاتورية لعقود طويلة؛

لو أدركت حكومة العملية السياسية وسائر المتحالفين معها، لتلك الحقيقة الناصعة نصوع الشمس، أقول لو أدركت ذلك مبكراً لما وجدت نفسها أمام هذا الواقع المتفجر والبركان الثائر، من الغيض وردود الفعل الجماهيرية الصادقة، والذي بات يشكل طوافناً هادراً بوجه سلطة الحكومة، فلم تجد أمامها من سبيل غير اللَّف والدوران؛ بين الإعتراف بحق هذه الجماهير المنتفضة في التظاهر والتعبير عن مطالبها ومحاسبة المسؤولين عن التقصير طبقاً للدستور من جهة، والإعتراف من جهة أخرى بحقيقة ما تعلنه تلك الجماهير من إستشراء الفساد المالي والإداري في كل فصائل الدولة من القمة حتى قاعدة هرم السلطة ومن نقص الخدمات..!!؟

فالجماهير المحتجة والتي قررت الخروج بتظاهرة الإحتجاج والمعلنة عن كونها ستكون سلمية وفي إطار المشروعية الدستورية يوم غد الخامس والعشرين من شباط/2011 ، فإنه ومن تحصيل الحاصل، أن تضع تلك الجماهير على عاتق الحكومة مسؤولية سلامتها وأمنها من أي تجاوزات أو عدوان قد يستهدف سلامتها وأمنها، مهما جاء على لسان السيد رئيس الوزراء المالكي من تحذيرات متتالية وعلى لسان الناطق بعمليات بغداد من تأكيدات عن خطط للإندساس بين المتظاهرين وإحتمالات تعرضهم لمخاطر المفخخات والتفجيرات والأحزمة الناسفة والمسدسات كاتمة للصوت، وهي في تقديري وطبقاً لتصريحات السيد رئيس الوزراء والجهات الأمنية، مخاطر لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، وإن الجهات المستهدفة بها هي جماهير الشعب المنتفض، الذي يسنده في مطالبه المعلنة، الدستور الذي صوت عليه في إطار العملية السياسية، وفي نفس الوقت فإن الحكومة نفسها هي من وضعها الشعب في دست الحكم من خلال إنتخابات شرعية وعن طريق مجلس شرعي منتخب..!؟

كما ومن جانب آخر فإن كل التحذيرات والنصائح التي أكد عليها السيد رئيس الوزراء من إحتمالات ما يمكن أن يواجه التظاهرة من مخاطر حقيقية، فإنه ومهما بلغت تلك التحذيرات من جدية مفترضة، فإن كل هذا لا يعفي الحكومة ورئيسها والقوى الأمنية من تحمل كامل مسؤوليتها التي نص عليها الدستور، وبحكم كونها حكومة منبثقة عن طريق البرلمان، بأن توظف كل إمكاناتها وكل طاقاتها في تأمين الحماية والسلامة للمتظاهرين، ولا يبر لها ذلك الخطر المفترض؛ أن تطلب من المتظاهرين الإمتناع عن التظاهر يوم غد، لما يمكن أن يعبر ذلك عن ضعف الحكومة وعجزها عن تأمين تلك الحماية لمواطنيها في حالة ممارستهم لحقوقهم المشروعة التي كفلها لهم الدستور، وما يمكن ما يخلقه من حالة الإحباط لدى جماهير المتظاهرين، ناهيك ما يمثله من تجاوز على حقوق الشعب في التظاهر التي كفلها الدستور، من خلال الإيحاء لدى الشعب بخطر لم تتحقق معالمه الأولية، ومن جهة ثانية يعزز هذا الموقف من قبل الحكومة كل التكهنات والتصورات التي ترى بأن موقف الجهات الحكومية وبالذات تصريحات رئيس الوزراء وإعلانات الناطق بإسم قوات عمليات بغداد، وما روجت له أجهزة الإعلام الحكومية وما صدر من تصريحات وفتاوى من المراجع الدينية، بأنها كلها تصب في إتجاه بث الرعب والخوف في نفوس المتظاهرين، بهدف صرفهم عن المشاركة في عملية التظاهر، وهو تكهن وإفتراض يجد دلائله في طبيعة التصرفات الحكومية والأمنية على صعيد الواقع الميداني، وآخرها على سبيل المثال، قرار عمليات بغداد بمنع النقل الفضائي لأنشطة التظاهر الجماهير ليوم غد تحت ذرائع وتبريرات أمنية..!!؟؟

إن كل ما يتمناه المراقب أن تسير الأمور طبقاً لمشروعيتها الدستورية، بعيداً عن كل تطرف ومغالاة في إستعمال الحق الدستوري بالتظاهر والتعبير من قبل المتظاهرين، وأن يتلمس الجمهور المتظاهر كل ما يعزز لديه الثقة بتصرفات الأجهزة الأمنية في حمايتها للمظاهرة، وتأمين جميع المستلزمات والوسائل الكفيلة بتحقيق ما يبتغيه المتظاهرون من إسماع أصواتهم الى باقي جموع الشعب والى البرلمانيين ورجال الحكومة، في جو من الهدوء والتفاعل الإيجابي مع القوى الأمنية في المحافظة على سلامة الأجواء التي تحتظن المظاهرة، وسلامة الممتلكات العامة والخاصة، فالشعب وحده هو الجدير بأن يعلو صوته وإرادته فوق الجميع وفي إطار النظام العام الذي صوت عليه الشعب نفسه وإقره في أحكام الدستور..!


24/2/2011




 

free web counter