| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

السبت   21/4 / 2007

 

 

النفط مصدر ثراء أم لعنة للعراق..؟

باقر الفضلي

"
روح بغداد ؛ هي الحوقلة والاستسلام،
وهي الشغب والتمرد، وهي الردع والتقوى،
وهي في هذا الزمان النفط،
وقد يصير النفط في المستقبل روحها الكيمياوية العظمى
روحها المركبة في بوتقة هذا الزمان البراق.
" 1922
أمين الريحاني

حينما قال الريحاني هذا، " لم يكن نفط كركوك ونفط البصرة ونفط الكويت ونفط الصحراء الغربية قيد الاستثمار، وقد نفذ بفكره الثاقب الى سوء أثر الأستعمار الغربي في العراق" على حد قول المرحوم العلامة الشيخ محمد رضا الشبيبي . *

خلال ثمانية عقود من السنين، بدأّ من عام 1927 وحتى الساعة، لعب النفط العراقي ولا يزال ، الدينامو المحرك لكل تقلبات الصراع السياسي الاجتماعي على الساحة العراقية، بكل تناقضاته السلبية والايجابية. وإن أردنا الدقة في القول، فإنه يقف وراء كواليس مسرح المتصارعين، من مختلف الطوائف والاطياف على الصعيد الوطني و الاقليمي والدولي. ولعل تأريخ العراق السياسي خلال هذه العقود، يصدق نبؤة فقيد الادب والفلسفة الكاتب العربي أمين الريحاني حول مستقبل العراق.
وها هو النفط اليوم وعبر هذه السنين الطويلة ، لا يزال مصدر كل الويلات وسبب كل المعاناة التي أثقلت كاهل الشعب العراقي، والتي رسمت ولا تزال ترسم لوحة مأساته الدامية، حتى بات السؤال:    "هل سيكون النفط مصدر ثراء أم لعنة للعراق؟" ** هاجس الجميع بمن فيهم كبار المتخصصين من خبراء النفط والأقتصاديين..!؟ فمن يمتلك النفط يمتلك كل شيء؛ الغنى والسلطة والقوة والمنعة والمستقبل..! فمن يا ترى صاحب هذا الحظ السعيد..؟
في مقال سابق بعنوان (هل يمتلك العراقيون نفطهم..؟) *** نشر في تشرين الاول من عام2006 في عدد من مواقع الانترنيت وأحجم البعض منها عن نشره، عرجت فيه الى المثالب والنواقص التي أكتنفت بنود الدستور المتعلقة بالثروة النفطية وخصوصا المادة 110 منه، فيما يتعلق بكيفية رسم السياسات الاسترتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، وما يكتنفها من غموض وتداخلات في الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم، ومدى حدود مسؤولية الاقاليم في إبرام عقود الإنتاج ، كما تطرقت فيه الى طبيعة وأشكال العقود الممكن إبرامها مع الشركات الاجنبية، مع تلميح خاص الى عقود المشاركة في الانتاج وما يترتب عليها من هدر لثروة البلاد ومس بسيادتها. ويمكن أن نشير اليوم الى أن الأمر لا يتعلق بعقود المشاركة لمجرد كونها عقوداّ للمشاركة، رغم أفضليتها بالنسبة لشركات الإستثمار ، بقدر ما يتعلق الأمر بمحتوى ومضمون شروط هذه العقود ومدى ضمان هذا المحتوى لمصالح الوطن والشعب، على حد ما تفضل به الأستاذ الفاضل والباحث الأقتصادي الدكتور كاظم حبيب، في مقاله المنشور بتاريخ 27/3/2007 بعنوان (ندوة لندن ومشروع قانون النفط العراقي الجديد) على موقع الحوار المتمدن.

واليوم إذ تزمع وزارة النفط العراقية، وطبقاّ لتصريح السيد وزير النفط العراقي الدكتور الشهرستاني بتأريخ 18/4/2007 على هامش مؤتمر النفط الذي يعقد بنفس اليوم في دبي، على إنه سيتم تقديم مشروع قانون النفط والغاز الجديد الى مجلس النواب خلال اسبوع من الآن لإقراره بعد أن أقر مسودته النهائية مجلس الوزراء وبالاجماع قبل فترة قصيرة، يصبح من المفيد الاشارة الى أن مسودة المشروع المذكور قد تم تناولها بالبحث والدراسة من قبل العديد من المتخصصين في شؤون النفط ومن بعض السادة الاقتصاديين، ناهيك عن الندوات الفضائية، فثمة ما يمكن الاشارة اليه هو أن عدداّ غير قليل من هؤلاء قد تناول مسودة مشروع القانون بالنقد، لما تتضمنه من مثالب وسلبيات تعيد للذاكرة عقود المشاركة مع الشركات الاجنبية كأساس رئيس من أسس الاستثمار التي تزمع الدوائر النفطية العراقية إعتماده في عملية إستثمار الثروة النفطية، رغم ما تتظمنه المسودة من الإيجابيات الأخرى المتعلقة بتشكيل شركة النفط الوطنية والمجلس الإتحادي للنفط، مع حصر التعاقد بالحقول الواردة في الجدول الاول والثاني الملحقة بالمسودة بشركة النفط الوطنية، رغم إغفال الحديث عن حقول الجدول الثالث، والتي يعتقد البعض من المتخصصين أنها ستكون من نصيب الشركات الاستثمارية.
الأمر الآخر والذي أثار حفيظة الأدارة النفطية في إقليم كردستان هو الموقف من تأسيس شركة النفط الوطنية وإعتبار ذلك خروجا على الدستور أو على حد قول الاستاذ أشتي هوراني وزير التفط في اقليم كردستان الذي:"اعتبر أن مسودة القانون الجديدة مخالفة للدستور وتعيد "مركزة" القطاع في العاصمة، واصفاً الأمر بأنه إجحاف بحق إقليم كردستان الذي "قفز قفزات كبيرة إلى الأمام وبات لديه قانون نفطي خاص" على حد تعبيره.
وانتقد هوراني تشكيل مؤسسة مستقلة للنفط العراقي، محتجاً على ذلك بوجود وزارة، مطالباً بالحصول على حصة كردستان من عوائد النفط بصورة مباشرة دون المرور بوزارة المالية." (صوت العراق) - 18-04-2007

مهما قيل أو يقال عن مسودة مشروع قانون النفط والغاز المنوي طرحها على مجلس النواب قريباّ، فهي في تقديرنا وبعد إستقراء ما قيل بهذا الشأن من قبل الجميع بما فيهم الحكومة، فإن المسودة، قد إتسمت بطابع الإستعجال. كما وتشير أكثر الدلائل، بأنها قد أعدت ونضجت في أجواء غير ملائمة، بعيداّ وراء جدران من الكتمان والسرية، وتحت تأثيرات خارجية، لعبت فيها مصالح الشركات الإستثمارية العالمية دوراّ تعدى حدود الإستشارة الى حد صياغة النصوص. ****
ولعل من اللافت للنظر أن تقدم الحكومة ممثلة بوزارة النفط على تقديم مسودة مشروع القانون الى مجلس النواب لإقرارها، في الوقت الذي تجري فيه لجنة إعادة النظر في الدستور تدقيقاتها حول نصوص الدستور الخلافية، وفي مقدمتها مسألة توزيع الثروة الوطنية، وفدرالية الأقاليم التي هي نفسها أرجيء البت في أمر تطبيقها لمدة 18 شهرا . علماّ بأن الأمرين سيخضعان الى الأستفتاء العام. وللتنويه نشير بأن مسألة الثروة النفطية وفدرالية الأقاليم مترابطتان عضويا، وفي حل إشكالية الخلاف بشأنهما يكمن جوهر المصالحة الوطنية. وبالتالي فإن التمرير المستعجل لمشروع القانون، لا يعبر عن وقفة جدية للتحرك بإتجاه دفع عجلة الحل السياسي للمشكلة العراقية ووقف نزيف الدم ودحر الارهاب الى الأمام، بقدر ما يفاقم الحالة ويزيد من تعقيداتها الموضوعية..!

فإن كان هناك ثمة تغير أستراتيجي على صعيد الواقع العراقي، يمكن الحديث عنه بعد هذه السنوات الاربع من الإحتلال، إنما يجد أو سيجد تعبيره المكثف في ما ستؤول اليه مسودة مشروع قانون النفط والغاز الجديد، بعد طرحها على مجلس النواب، حيث ستكون هناك وقفة تأريخية تضع الجميع أمام إلتزاماتهم التأريخية في الحفاظ على ثروة الشعب الوطنية وصيانة سيادته. ومن الجدير بالذكر وللإعتبارات اعلآه يصبح من نافل القول أن يقدم مجلس النواب على التريث في الشروع بمناقشة أو إقرار مسودة مشروع القانون قبل أن تنهي اللجنة الخاصة يتدقيق نصوص الدستور ومراجعتها وتقديم مقترحاتها في الوقت المحدد لذلك ومن ثم طرحها على الإستفتاء العام..! فهل سيقدم مجلس النواب على ذلك، أم أن تنور النفط والغاز لا يقبل الإنتظار..؟!

* -
أمين الريحاني: الاعمال العربية الكاملة- المجلد الرابع
** -
كريك موتيت: *- www.niqash.org
*** -
هل يمتلك العراقيون نفطهم..؟ منشور في الموقع
**** -
مثل شركة bearing point-www.niqash.org