| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

الأربعاء 19/11/ 2008



العراق: ملاحظات سريعة حول الإتفاقية الأمنية..!

باقر الفضلي

حددت الحكومة العراقية مهلة إسبوع من الزمن الى مجلس النواب العراقي لقول كلمته الأخيرة بشأن الإتفاقية الأمريكية – العراقية في صيغتها الأخيرة، التي إقرهها مجلس الوزراء العراقي في 16/11/2008 بالإجماع وإمتناع أحد الوزراء عن التصويت..!

وللمفارقة أشير بأن الحكومة العراقية قد منحت نفسها ما لا يقل عن تسعة أشهر من المفاوظات والمباحثات والمناقشات والأخذ والرد مع الجانب الأمريكي في شأن تلك الإتفاقية، وكل ذلك الوقت جرت الأمور في طي الكتمان والسرية، وفي غياب إطلاع مجلس النواب على أية تفاصيل حول مفردات الإتفاقية ونشاطات الوفد المفاوض، بل حجبت عنه حتى أسماء المشاركين في عملية التفاوض، وها هي الآن وبعد إقرارها لمسودة الإتفاقية والتوقيع عليها بالأحرف الأولى من قبل السيد وزير الخارجية هوشيار زيباري والسفير الأمركي السيد كروكر، ترمي الكرة في ملعب مجلس النواب، ليقول كلمته في الإتفاقية وخلال فترة وجيزة وحاسمة لا تتعدى الإسبوع (24/11/2008)، وتحميله مسؤولية الرفض أو القبول أمام الشعب، مجنبة نفسها بعد ذلك من تحمل مسؤولية تبعات النتائج التأريخية التي تترتب في الحالتين..!؟

أعلن غير قليل من أعضاء مجلس النواب عن عدم إرتياحهم للإسلوب الذي إتبعته الحكومة في طريقة تحويلها مسودة الإتفاقية المقرة من قبلها الى مجلس النواب وطلبها منه البت بالإتفاقية خلال فترة قصيرة من الزمن، كما شاركت بعض الكتل السياسية في تحفظها على اسلوب الحكومة وأعلنت عن مفاجئتها من قبل الحكومة بنص الإتفاقية وإقرارها في اللحظات الأخيرة .(1)

وقد إنعكست ردود الفعل على إقرار الحكومة للإتفاقية بشكلها الحالي وبصورة مستعجلة، في تحفظ بعض الكتل النيابية، مما دفع رئيس مجلس النواب الى تأجيل جلسة المجلس لهذا اليوم للقراءة الثانية الى يوم الخميس 20/11/2008 . (2)

لم يُحط الشارع العراقي ولا الأوساط السياسية والثقافية بتفاصيل الإتفاقية والتطورات التي صاحبت إقرارها، طيلة الفترة التي إستغرقتها في المفاوظات، ولم تطلع مؤخراً إلا على نتف مما تم تسريبه من قبل وسائل الإعلام عن مسودة الإتفاقية، ولذك جاءت مناقشة الإتفاقية والبحث في تفاصيلها محدودة وقاصرة، بسبب حجب المعلومات عن الباحثين والمتخصصين والكتاب وأوساط الرأي العام العراقي، وإنفراد الحكومة وحدها في معرفة كل شيء تحت ذرائع ومبررات واهية.

حاول إعلام الحكومة والكتل السياسية المكونة لها والتي هي مع تمرير الإتفاقية في البرلمان بعد أن مررتها في مجلس الوزراء، الترويج الى إستخدام آلية إنتخابية تتعارض مع روح وأسس الدستور العراقي الدائم/2005 حول الديمقراطية، وذلك بحثِها مجلس النواب على إستخدام قرارات مجلس قيادة الثورة غير الملغية للنظام السابق في التصويت على الإتفاقية، بسبب عدم تشريع قانون تصديق المعاهدات الجديد الذي أوجب الدستور تشريعه بالثلثين، علماً بأن آلية التصويت بموجب قرار مجلس قيادة الثورة السابق، كانت إستثنائية ويتم التصويت بموجبها بالأغلبية البسيطة (نصف الحضور +1)، وبموجبها مرر النظام السابق إتفاقية الجزائر.

إعتماداً على ما نشر مؤخراً في وسائل الإعلام حول بنود مسودة الإتفاقية في صياغتها الأخيرة والتي جرى إقرارها من قبل مجلس الوزراء في 16/11/2008 والتوقيع عليها بالأحرف الأولى من قبل وزير خارجية العراق السيد هوشيار الزيباري والسفير الأمريكي رايان كروكر بتأريخ 17/11/2008 ، فإن الإتفاقية تتكون من ثلاثين مادة، مرفقاً بها ملحق للإتفاق الإطاري الإستراتيجي، مكون من إحدى عشر قسماً في مختلف الشؤون السياسية والأمنية والدفاعية والثقافية والإقتصادية والتجارية والقضائية والإجتماعية. ورغم أن الإتفاقية الأمنية قدمت مستقلة عن إتفاق الإطار الإستراتيجي، إلا أن هناك من التداخل بين الإتفاقيتين ما يدعو للتوقف والبحث والتدقيق( القسم الثالث – التعاون الدفاعي والأمني من إتفاق الإطار الإستراتيجي الإطار) على سبيل المثال.

بعد الإطلاع على المسودة الأخيرة للإتفاقية الأمنية وإتفاقية الإطار الإستراتيجي التي تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى من قبل السيد وزير الخارجية كما بينا أعلاه، يبدو معه من المتعذر أن يتمكن الباحث أوالمتخصص، وفي غضون إسبوع من الزمان أن ينتهي الى قرار قطعي بشأنهما، فكيف الأمر برجل البرلمان الذي يتحمل مسؤولية تأريخية كبرى أمام ضميره وشعبه أن يحسم الأمر بالرفض أو القبول في أمر سيادي ومصيري مثل الإتفاقية الأمنية، التي لها من الخصوصية التأريخية والسياسية ما لا يمكن مقارنته مع أمور أخرى، أقل أثراً في تداعياتها المستقبلية على صعيد الوطن والشعب ولكنها بعين الوقت تستلزم النظر بأناة ودقة قبل إتخاذ القرار، فكيف وذلك مع دولة كبرى لا زالت جيوشها المحتلة تعسكر على مساحات الوطن الواسعة..؟! أم أن المطلوب من النائب البرلماني أن يوقع على شك بياض، معتمداً على ثقته بتوقيع السيد "الوزير" ممثل كتلته السياسية في الحكومة.. أم كيف سيكون عليه الحال ياترى مع المواطن العادي..؟؟!(3)

لقد عودتنا حكومة "الوحدة الوطنية" في مجمل قراراتها المصيرية ومنذ إستيزارها في الحكم على الطبخات المستعجلة ورمي كراتها في ملاعب الآخرين ليتفاقم الصراع وتستعر نيرانه، وهذا ما عهدناه منها في أمور أخرى، مع الأمل العودة الى بنود الإتفاقية الأمنية في حديث آخر..!(4)
 


(1) http://www.sotaliraq.com/iraqnews.php?id=30242
(2) http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/middle_east_news/newsid_7737000/7737641.stm 
(3) http://www.pcdk.org/pcdk/index.php?sid=1136
(4) http://www.al-nnas.com/ARTICLE/BFadli/28irq.htm









 

free web counter