| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

الجمعة 16/6/ 2006

 

 

 

الزرقاوي: الاسطورة والظاهرة...!

الجزء الاول
 

 باقر الفضلي

لقد قتل الزرقاوي وتباينت وجهات النظر في قتله، بين قادح ومادح، بين فرح وحزين، وبين صامت ومجلجل..، فمنهم من لا اعار للامر اهتماما، ومنهم من هدد وارعد وازبد، ومنهم من اعتبر الامر وكانه نهاية العالم، ومنهم من هنا وبارك واوعد..!
نعم ان قتل الزرقاوي يعني شيئا ما، ولكل قوم راي في ذلك، فما يعنيه قتل الزرقاوي ياترى..؟
ومن هذا "الجن" الذي اشغل العالم، وارعب الاجنة في بطون الارحام..؟ من هذا "المارد" الذي اهتز (البيت الابيض) بقتله، وتبادل زعماء الدول التهاني والتبريكات بموته..؟ من هذا " العفريت " الذي كان وراء نزيف دماء الوف الضحايا الابرياء من العراقيين..؟
من هذا الذي حزنت لفقده فضائيات بعينها، واقيمت له ماتم الحزن، وسميت باسمه "ساحات" في فلسطين، وذرفت لفقده دموع في افغانستان ولندن.. والقائمة تطول..؟؟!

"الزرقاوي" هذا ، قد انقسمت حوله الاراء، وتباينت بسببه المواقف، ووظف مقتله في شتى الصور والمقاصد..! ونشبت بسبب موته معارك من نوع جديد وكثرت التقولات حول شخصيته في مختلف وسائل الاعلام، عربية واجنبية..!
فمن قائل قادح:
ان "الزرقاوي"؛ ما هو الا نكرة ، خائبة الحظ ، بليدة الفكر، تلقفتها يد صانع ماهر، فحورتها وسبكتها الى الة عمياء، تقودها حيثما تريد، وتوجهها حسبما ترغب..، الة عمياء، تقترف الدمار والخراب حينما يطلب منها، عمياء لا تفرق بين الابيض والاسود، بين الضار والنافع.. تقتل انى يشاء منها، فلا تميز بين صغير او كبير، رجلا كان ام امراة ، صبيا ام شيخ..!
ان "الزرقاوي" هذا ، صنيعة ليس الا، وامثاله بالاوف؛ ان سقط احدهم اليوم قام غيره غدا؛ مدجنين كالخراف، لا بصر لهم ولا بصيرة، دهماء، مقادون مامورون؛ جرائمهم الشنيعة بحق الابرياء، ترقى الى هول وبشاعة جرائم صانعيهم؛ المتسترين وراء كل ما تقدسه النفوس وما تؤمن به العقائد؛ غلاظ عتاة، متمترسين وراء كنوز المال السحت، من فيض الاموال المغسولة، من تجارة السلاح و المخدرات..!؟
ومن قائل متشكك:
انه مجرد انسان غير طبيعي، ذو شخصية سايكوباثية مشوهة بالفطرة، تتصف بالتطرف والعنف بشكل جنوني في ارتكاب الجرائم وفي اي ظرف كان.
واخرون مباركون او مؤيديون وهم يدعون:
ما "الزرقاوي" الا "شيخ" من مشايخ التقى والهداية، نذر نفسه لكسب الشهادة.. وقد فاضت روحه، في سبيل تطهير ارض الاسلام من رجس الصهيونيين، ودنس المحتلين الصليبين، من اجل اقامة دولة المسلمين. فهو مسلم مجاهد، فرض عليه ايمانه سنة الجهاد..واحتباه الله ان يكون واحدا من جنوده في الارض ليقيم العدل ويعيد الحق الى اهله في فلسطين، ويحرر العراق من المحتلين، اما وسيلته لذلك ، فهي في مقاومته المسلحة ودك قلاع الصليبين انى رحلوا وحيثما كانوا..!

مع كل هذا فقد تبدو شخصية الزرقاوي حالة اسطورية "غامضة" تختلط كغيرها من اوراق اللعبة السياسية بكل تلاوينها في الشرق الاوسط، مع كل عوامل واوراق عملية الصراع الدائر في العالم بين قوى العوملة بجبروتها وقدراتها اللامحدودة وبين ردود الفعل المختلفة والناجمة من واقع هذه العملية، وما تعكسه تلك الردود من حقيقة التباين في المستويات الحضارية والاقتصادية لشعوب البلدان التي تستهدفها تلك العملية..! ولكن ما يسمح به القول، فان ظاهرة اسطورة "الزرقاوي" نفسها، ليست عديمة الاصل او الجذور او انها ولدت من خيال ..!

[[ ففي الخامس من شباط 2003 اعلن وزير الخارجية الاسبق ( كولين باول) امام مجلس الامن، شكواه التي اصبحت حدثا تاريخيا والتي يتذكرها الكثيرون بدقة، متهما النظام العراقي بتصنيع وحيازة اسلحة الدمار الشامل، وبانه يمتلك علاقة تعاونية خفية مع منظمة "القاعدة"..! وكصلة ارتباط بين صدام حسين واسامة بن لادن، الفت (باول) النظر الى الاردني المولد والغير معروف، الارهابي "ابي مصعب الزرقاوي"..! وهكذا خلال لحظات ولدت "اسطورة الزرقاوي"، تلك الاسطورة، التي رغم ان فرضية وجود علاقة خفية سريعا ما ثبت عدم صحتها، فانها وبدون ادنى شك، قد اثرت على التطور في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي..!]] - الصحيفة السويدية/ 22/03/2006 Svenska Dagbladet- CARL JOHAN GARDELL
ومما جاء في تعليق الصحفي (كارل يوهان كاردل) المشار اليه في اعلاه، على كتاب الصحفية والكاتبة الايطلية (لوريتا نابوليوني) الموسوم ب(التمرد المسلح في العراق)، فانه وعلى حد قول الصحفية الايطالية: فان اسطورة "الزرقاوي" قد وظفت في مقاصد كثيرة. فمن خلال عملية التماثل للرابطة الخاطئة بين صدام والقاعدة ، حاولت ادارة (بوش) اضفاء صفة من الحقيقة عليها لغاية الفترة التي اتخذت فيها القرار باسقاط النظام..!
ويضيف الصحفي المذكور ونقلا عن المؤلفة: " فان الزرقاوي، مثله مثل ابن لادن من قبل، عبارة عن شخصية زائفة صنعتهما حكومة الولايات المتحدة وحركة المجاهدين." وبعد هذا الاختراق الحسي وغير المنتظر، وجد نفسه، يسهم في الدور كشخص عالمي فائق الشهرة..!" لاحظ الصحيفة السويدية اعلاه .

مهما قيل او يقال عن شخصية "الزرقاوي" فانه في اغلبه يتمحور حول "الزرقاوي" كشخصية "اسطورية"، والنادر منه تناول "الزرقاوي" كظاهرة تاريخية، لها ابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخلفياتها الفكرية، وجذورها التاريخية..! ولست هنا في معرض الحديث او الدخول في تفصيلات ذلك، فالزرقاوي وغيره امثال ابن لادن والظواهري والشخصية الجديدة التي بانت ارهاصات تالقها( كاسطورة جديدة) على الصعيد الدولي في بداية الطريق ، بعد ان اعلن عنها هذه المرة الرئيس (بوش) بنفسه في زيارته المفاجاة للعراق في14/03/ 2006 وليس وزير خارجيته كالسابق، والمقصود هنا الخليفة الجديد المدعو ["ابو حمزة المهاجر"] الذي كثر السؤال عن هويته بعد مقتل "الزرقاوي". ان جميع هؤلاء وغيرهم من التابعين لا يشكلون بمفردهم (الظاهرة) نفسها، رغم ما لعبوه ويلعبوه من ادوار ذات تاثير بالغ على الصعيد الدولي؛ وحينما يجري الحديث عن اي منهم يستدعي الامر تناول الظاهرة نفسها وبكل ابعادها ، وهذا ما لا تتناسب معه مقالة بهذا الشكل والمضمون..!

وهكذا تبدو المواقف من مقتل الزرقاوي ونهاية الاسطورة التي رسمت حوله، موضع جدل ونقاش لا ينتهيان، طالما ان عوامل واسباب ظهور مثل هذه الشخصيات وما يحاك حولها من قصص وتصورات، ماثلة حية بالملموس، تفرزها حقيقة عملية الصراع الاقتصااجتماعي العالمية وسيرورتها المستمرة..!
ولكن الامر قد يختلف عن سياقه المذكور، حينما يتعلق ذلك بما يجري فعليا على صعيد الممارسة العملية اليومية لمفردات ذلك الصراع والنتائج المترتبة عليها وردود الفعل التي تحدثها، وطبيعة الاثار التي تتركها على المديين القريب والبعيد، ومدى تقبل او رفض طبيعة الوسائل المستخدمة في ادارتها، كما ونفس الشيء فيما يتعلق بطبيعة الذرائع التي تسندها..!

يليه الجزء الثاني