| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

السبت 16/2/ 2008



العراق : الصراع السياسي و"العرس البرلماني"..!

باقر الفضلي

لا يختلف اليوم إثنان ، في طبيعة ما يدور على الساحة السياسية العراقية، من صراع بين مختلف الأحزاب السياسية المهيمنة على الحكم من خلال كتلها السياسية الممثلة في مجلس النواب والحكومة، كما ولا يختلفا ، بأن جوهر هذا الصراع يتمحور حول مطالب وأجندات هذه القوى الخاصة، قبل أن يتمحور حول المصالح العليا للشعب والوطن..!

ففي دوامة هذا الصراع، والتي ألقى السيد رئيس مجلس النواب في مؤتمره الصحفي الذي عقده صبيحة يوم الأثنين/11/2/2008 ، الضوءَ على الخطوط العامة لبعضٍ من تفاصيله؛ فقد بدت الصورة غايةً في الضبابية والقتامة، وظهرت غالبية الأطراف السياسية وهي ممسكة بثوابتها الخاصة رغم ما تعلنه عن نجاحها أو قرب ذلك النجاح على عقد "صفقات" توافقية للوصول الى أهدافها رغم عمق الإختلاف والخلاف بين تلك الأجندات..!؟

لقد حاول السيد رئيس مجلس النواب أن يوجز طبيعة الخلاف بين الكتل السياسية في البرلمان خلال مؤتمره الصحفي آنف الذكر، في ثلاثة أمور جوهرية، حددها في:

- الخلاف حول نسبة التخصيص من الموازنة العامة/2008 الى إقليم كوردستان.
- الخلاف حول قانون مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم، وعلاقة الأمر بصلاحيات المركز ومجالس المحافظات، ومواعيد الإنتخابات.
- قانون العفو العام وما يكتنفه من خلط في تحديد من تشملهم أحكام العفو العام، ونطاق وشمولية تطبيق القانون.

ومن تفاصيل حديث السيد المشهداني في مؤتمره الصحفي، ومن خلال ما تنشره وسائل الإعلام، بدت الخلافات بشأن الأمور الثلاث المذكورة، أعمق مما تظهره بعض تصريحات ممثلي تلك الكتل التي يعنيها الأمر..!؟

فعلى صعيد الخلاف حول نسبة التخصيص التي ينبغي تحديدها من الموازنة العامة للإقليم، تمسكت كتلة الإتحاد الكوردستاني بنسة ال 17% المحددة سلفاً طبقاً للتوافق الحاصل بين الكتل السياسية حينذاك، ودون إعتبار لحجم الإيرادات الأخرى، أو حساب النفقات، ورفضت الأخذ بحسابات الموازنة العامة لعام/2008 . وقد إشترطت لموافقتها على تمرير القانونين الآخرين الموافقة على النسبة المذكورة من قبل الكتل الأخرى، وبالذات كتلة الإئتلاف العراقي.

الأمر نفسه يمكن أن يقال بالنسبة لقانون مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم؛ وهنا تبدو الصورة أكثر إختلاطاً وتشويشاً في تعبيرها عن طبيعة الخلاف والصراع بين الكتل المؤتلفة في الحكومة. كما وتكمن وراء هذا الصراع الأهداف السياسية التي تطمح لتحقيقها الكتل صاحبة المصلحة في تمرير القانون المذكور. وهنا تقف كتلة الإئتلاف العراقي الموحد بقيادة المجلس الإسلامي الأعلى في المقدمة، حيث ربطت تمرير قانون الموازنة العامة /2008 بقانون مجالس المحافظات للإرتباط بين القانونين حسب تبريرها. وبالتالي فهي إشترطت لتمرير قانون الموازنة مع نسبة ال 17%، الموافقة على تمرير قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم؛ كما وكان للكتلة الصدرية موقفها الخاص من القانون..! ومن جانبها أيضاً، إشترطت كتلة التوافق، تمرير قانون العفو العام كشرط لتمرير القانونين الآخرين. ولها في ذلك، مصلحة سياسية واضحة في تمرير هذا القانون..!؟

بهذه الصورة المربكة والمشوشة تنعكس حالة الوضع السياسي العراقي على مجمل العملية السياسية، وتخرج من إطارها الطبيعي كمجرد إنعكاس لأزمة حكومية تتعلق بإداء الحكومة الحالية حسب، بل لتكشف عمق هوة الخلاف بين الكتل السياسية الممثلة في مجلس النواب والمكونة لتلك الحكومة، وتظهر مدى إستعدادها للمساومة لضمان مصالحها الخاصة ككتل سياسية مبنية على أسس من المحاصصة، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة العامة، وهذا ما كشفه رفضها لصيغة صناديق الإقتراع السري المنفرد على القوانين الثلاثة، وذلك بسبب إنعدام الثقة فيما بينها من جهة، وإنعدام ثقة كل كتلة سياسية بممثليها من أعضاء مجلس النواب، من جهة أخرى؛ وهكذا جاءت الوليدة "الصفقة"..!

فأخيراً وبقدرة قادر ، صَفتْ الأجواء وتوحدت القلوب، وسارت الأحوال على أحسن ما يرام. وإذا بالكتل السياسية المتناحرة تتعانق معلنة الفوز الساحق على نفسها، ليزف رئيس البرلمان على الشعب العراقي البشارة، معلناً في مؤتمر صحفي جديد صباح الأربعاء 13/2/2008 خبر "العرس البرلماني" ، مهنئأً السادة النواب والشعب على هذا الإنجاز الفريد في نوعه ؛ فالبرلمان العراقي قد تجاوز المألوف، حيث تمكن وخلال سويعات من تمرير ثلاث من أعقد القوانين في "صفقة" واحدة وخلال نفس الجلسة، بعد طول إنتظار من الشد والجذب والتناحر..!؟

حدث كل ذلك لأن السادة أعضاء مجلس البرلمان، قد أدركوا أخيراً، أنهم "يمثلون" الشعب العراقي على حد قول السيد رئيس البرلمان، ولا يمثلون أنفسهم، أو كتلهم السياسية حاشا لله..وإن إختلف في ذلك مع تصريح النائب من كتلة الإتحاد الكوردستاني السيد محمود عثمان، الى صحيفة الشرق الأوسط 14/2/2008، حيث يشير الى أن: «المشكلة تكمن في الكتل البرلمانية، فهي من يتحكم بالبرلمان ومجلس الرئاسة ورئاسة الوزراء»، مشيرا الى ان «اعضاء البرلمان لا يمثلون الشعب العراقي وانما يمثلون كتلهم».!؟(*)

فهل حقاً مَثٌلَ أعضاء مجلس النواب، الشعب العراقي عن طريق تصويت "الصفقة" ، أم لا زالت أصواتهم مشدودة الى إرادة قادة كتلهم السياسية..؟؟

سؤال نترك إجابته الى الشعب العراقي ليقول كلمته فيه..!

أما مجلس النواب؛ فننتظره ليعود من إجازته بعد أن "تنفس الصعداء"، وهو أكثر نشاطاً وهمة؛ ليجد أمامه، العديد من مشاريع القوانين المهمة، والتي كما يبدو، لا تحتاج لتمريرها بعد الآن، سوى الى "صفقة" سَلْقٍِ شبيهةٍ بعملية سَلْقِ القوانين الثلاث، إنْ سارت الأمور على نفس الشاكلة، ونوعده بالتهاني والتبريكات على أعلى المستويات..!!؟


(*)
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=4&article=458522&issueno=10670




 


 

Counters