| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

                                                                              الخميس 16/8/ 2012


 

سوريا: تحت أي عنوان...؟!!

باقر الفضلي

عندما يختلط الحابل بالنابل، وحين تضيع المقاييس بين الإزدواجية والتزييف، ويوم يصعب التفريق ما بين الخيط الأبيض والأسود؛ يومذاك يتعذر معه على المراقب أن يتلمس ملامح الصورة الحقيقية للمشهد المنظور، أو أن يسعى كما يسعى "الآخرون" في البحث عن " ملاذ آمن "، فيخلد للصمت عندما يصبح الصمت في معرض الحاجة الى بيان..!!

وهكذا هو الحال بالنسبة للمشهد السوري في كل جوانبه ومن كل زواياه؛ فمنذ ما يقرب من سبعة عشر شهراً باتت صورة ذلك المشهد، تبدو أكثر قتامة يوماً بعد آخر، وغدت أوراق اللعبة السياسية، تختلط مع بعضها، لدرجة بات يتعذر معها، التمييز بين ما هو وطني وما هو أجنبي، وهكذا فقد إستحال الأمر، لدرجة يصعب معها الإستدلال منه الى العنوان المناسب، الذي يعبر حقاً، أكثر من غيره عن جوهر وحقيقة ما تخفيه بواطن ملامح ظاهر الحال، الأمر الذي أقل ما يقال عنه، إنه بات يعكس صورة غير واضحة المعالم، لصراع بين إجندات داخلية وإقليمية ودولية متعارضة الأهداف والإتجاهات، وفي خضمها ومن ضمنها، تصطرع الحالة الوطنية، باحثة عن متسع من مكان في هذا الصراع، لتثبيت أقدامها في الأرض الوطنية، بين هذا الركام الهائل من الإجندات، وذلك الموج المتلاطم من المصالح المتباينة، وسط بحر هائج لا تعرف حدوده ولا تسبر أغواره؛ فوجدت بين كل هذا "الهرج والمرج" من يحمل شعاراتها، ويزايد على أهدافها، ويندب حظها وضحاياها..!!؟

فورقة "التغيير" باتت مرفوعة من قبل الجميع، وأصبح تدويل المسألة السورية هو السمة البارزة بالنسبة للأحداث الجارية اليوم على الصعيد الداخلي السوري، وما يجعله أكثر تميزاً، هو ذلك الدور الذي أخذت تلعبه بعض الأقطاب من الأعضاء الدائميين في مجلس الأمن، في محاولة لتجريد الأحداث الداخلية الجارية على أرض الواقع هناك، من كل عواملها ومسبباتها وبواعثها، وإختزال أطرافها بالطرف الأكثر إستهدافا، رغم كل ما يكتنفها من إختلاط وتعارض في المقاصد والنوايا والأهداف، محاولة بذلك إستقطابها الى مجرد "عناوين وشعارات" فقدت معانيها الحقيقية ومغزاها المعلن من قبل تلك الأقطاب على صعيد الواقع والتجربة والممارسة العملية التأريخية القريبة؛ وأصبح أقل ما يمكن أن يقال فيها: أنها [[كلمات حق أريد بها باطل]]

لقد تجاوزت العديد من الشعارات المرفوعة من قبل تلك الأقطاب، بالنسبة للشأن السوري، كل حدود الواقع الذي إعترفت به نفسها يوماً في مؤتمر جنيف، وأقرت فيه ما عرف بوثيقة جنيف وما نجم عنها، من خطة ( كوفي عنان ) ذات النقاط الست، فقد باتت أحوال الصراع على الساحة السورية، أكثر إستقطاباً في شكلها ومحتواها، عما كانت عليه في مستهل بدء [الحراك الشعبي] قبل أكثر من عام، كما بات هذا الإستقطاب أكثر وضوحاً من جهة الفرز بين أطراف الصراع نفسها، وكافة المشاركين في الأحداث الجارية ميدانيا، بمن فيها تلك القوى المجندة من الخارج، من المجموعات المسلحة التي دخلت على خط الصراع الوطني الداخلي لتعطيه بعداً ثالثاً؛ الأمر الذي غير كثيراً من معادلة التوازن بين كفتي ميزان القوى الوطني الداخلي، وأصبح البعد الثالث في هذا التوازن، وكأنه يمثل العامل الحاسم في هذا الصراع؛ فلم تعد التلميحات والإشارات العابرة عن إحتمالية [التدخل الأجنبي] في الشأن السوري، مجرد أقاويل عابرة، بل بات الحديث عن هذا "التدخل الأجنبي" اليوم، حقيقة واقعة على الأرض، وأصبح تصويره بكل معدات وآليات التضليل، وكأنه بمثابة مطلب شعبي تنشده كافة القوى التي تضع نفسها في خانة "المعارضة" على مختلف أصنافها، إذا ما إستثنينا منها، القوى الوطنية السورية التي تجد في حرية وكرامة الوطن السوري خطاً أحمر لا يمكن المساومة عليه، و[[ إن الدفاع عن الوطن وسيادته ووحدته هي المهمة الأساسية مهما غلا الثمن]]...! (*)

فما تقدمت به المملكة العربية السعودية مؤخراً، من مشروع قرار الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي تطالب فيه إدانة سوريا لعدم تقيدها بتنفيذ خطة عنان، وإنتقاد مجلس الأمن لفشله في إتخاذ القرار المناسب بحق سوريا طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة...، قد عكس موقف الإصرار الذي لا زال يتمسك به التحالف الامريكي/الغربي، والعربي/الخليجي_التركي، حول محاولة "التدخل العسكري" في الشأن الداخلي للدولة السورية، مع كل ما يعنيه ذلك من إنتهاك فض لمباديء ميثاق (الأمم المتحدة )، وفي مقدمتها، مبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول؛ فكيف والحال حينما يصبح مثل هذا التدخل حقيقة قائمة على أرض الواقع، وهذا ما عكسه وفي أقل تقدير، موقف دولة قطر، عندما "تطالب باستراتيجية جديدة للتعامل مع الازمة السورية"، أو على حد قول وزير الخارجية: 'نحن نرى ان اي مهمة لاي مندوب جديد اذا كانوا يريدون الدول العربية ان تساهم يجب ان يغير مهمته وتكون مهمته لنقل سلمي للسلطة في سوريا.' بعد الإعلان عن إستقالة السيد كوفي عنان،..؟!(1)

كما وأن ما يحصل اليوم داخل المشهد السوري، وما تعكسه صورة الأحداث العسكرية اليومية، قد وجد تعبيره بوضوح في لقاء السيدة كلينتون والسيد داود أوغلو يتأريخ 11/8/2012 في تركيا؛ بما يعني التخطيط لترجمة نوايا "التدخل العسكري" في دولة سوريا، الى حقيقة ملموسة على أرض الواقع، من خلال ما يدعى بفرض مناطق "الحظر الجوي" ومناطق "الملاذ الآمن" كما جاء في اللقاء المذكور...!!؟(2)

إن ما يدور على الساحة السورية اليوم، وفي كل تجلياته المعلنة والخفية، لا يخرج بعيداً في التفسير بالنسبة للمراقب، عن كونه تدخلاً سافراً في شؤون دولة عضو في الأمم المتحدة، وإن كان هذا وفي صورته المعلنة، يبدو أقرب الى حرب غير معلنة، أو حرب بالوكالة لتحقيق أجندات ومصالح إقليمية ودولية متعارضة، ولكنه وإن بدى في بعض من تجلياته، وكأنه يعكس ملمحاً لصورة من صراع داخلي بين النظام وقوى المعارضة الوطنية، إلا أن مظاهر هذا الصراع في الحقيقة، باتت وكما يبدو من صورة المشهد العام للواقع الراهن، تتداخل بل تضيع في خضم هيمنة إدوات ومحركات وآليات الصراع الأخرى التي تتحكم فيها تأثيراً وحسما؛ القوى الدولية والإقليمية بما لها من مصالح إستراتيجية في المنطقة، وبالأخص منها قوى التحالف المشار اليها فيما تقدم، بما يمتلكه بعضها من موقع مؤثر وحاسم في مجلس الأمن من جهة، أو ما تمنحه لها الجغرافيا من خصائص التسلل والإختراق..!؟

ومما تقدم ومع كل هذا الضخ الإعلامي التضليلي، الذي تطلقه قوى التحالف المذكور بإتجاه سوريا وضدها، لم يعد مستحيلاً أن تفقد بوصلة الإتجاه للصراع الوطني الداخلي مكانها الطبيعي في داخل إطار قوى المعارضة الوطنية، لتجد مكانها في المحصلة النهائية خارج حلبة الصراع الوطني الداخلي، حيث تتحكم بها في النتيجة، قوى الصراع الدولي ومعها حلفائها من الدول الإقليمية، لتسيّرها وفقاً لما تتطلبه مصالحها الإستراتيجية، حتى لو كان في ذلك تدمير بلدان بكاملها، وفي هذا لعمري، خطر غير قليل حينما تستحيل الدولة وإرثها التأريخي وتراثها الثقافي والمعنوي، وكل مؤسساتها وهياكلها الإرتكازية وبناها التحتية الى أنقاض متناثرة وركام من الخردة؛ ناهيك عما سوف يجره ذلك من ويلات وكوارث على شعب تلك الدولة، ومن تداعيات تدميرية وخراب لا تعرف حدوده؛ وكل هذا ما حذرنا منه سابقا ولا زلنا نكرر التحذير، مع علمنا ويقيننا بأن وحدة القوى الوطنية السورية أقدر من غيرها في تلمس الطريق الصحيح، ووضع البوصلة في الإتجاه الصائب، الذي يقي ويحفظ سوريا وشعبها النبيل من كل سوء..!(3)


13/8/2012
 

(*) http://www.iraqicp.com/2010-11-22-05-28-38/22494-2012-08-15-14-32-58.html
(1) http://www.amad.ps/arabic/?action=detail&id=94538
(2) http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE87A0C320120812?sp=true
(3) http://www.ahewar.org/m.asp?i=1189


























 

 

free web counter