| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

 

الخميس 14/9/ 2006

 

 

القضاء العراقي: هل كان صدام دكتاتوراّ..؟

 

باقر الفضلي

حكمة القاضي وتداخل صدام حسين في الجلسة السابعة للمحكمة الجنائية العليا صباح يوم 14/9/2006 والخاصة بقضية (الأنفال)، قد فجرت عاصفة من الإستغراب والإستنكار لدى اوساط واسعة من السكان، وخلقت حالة من البلبلة والإندهاش في الوسط الصحفي والإعلامي وعلى نطاق واسع..!؟

وصف القاضي لصدام حسين بكونه ليس دكتاتوراّ " أنت مو دكتاتور ولم تكن دكتاتور..!!؟" في إجابته له بأن "الآخرين ينعتونه بالدكتاتور"، هي التي تقف وراء العاصفة الإحتجاجية، التي دفعت بقاضي التحقيق السيد (رائد جوحي)، الى عقد مؤتمر صحفي للإجابة على أسئلة وإستيضاحات مراسلي الصحف ووكالات الإعلام والقنواة الفضائية..!

فهل كان قاضي المحكمة بإجابته المذكورة منحازاّ الى جانب المتهم..؟ أم إن ما قيل كان مجرد كلام ملقى على عواهنه، أو كما تفضل السيد القاضي رائد جوحي، أن وصف الأمر وببساطة؛ بأن "القاضي هو أيضاّ بشر." تمثلاّ بقول السيد المسيح (ع)، "من منكم لم يرتكب خطأّ فليرمها بحجارة."!؟ أو قول قس سلامة: " يا قوم إني بشر مثلكم...!"

لست هنا في معرض مناقشة أحكام الإنحياز من قبل الحكام، فالأمر ليس بهذه البساطة وكأنه مجرد تعليق على مفردة قيلت من قبل قاض للمحكمة، بقدر ما يتطلبه ذلك من إثبات الإنحياز بحكم قضائي من المحكمة، بعد الطعن الذي يقدم من قبل أحد أطراف الدعوى وطلب التنحي..!

إن ما يمثله صدام حسين بالنسبة لقاضي المحكمة، هو عبارة عن كونه شخص ماثل أمام المحكمة بسبب إتهامه بإرتكاب فعل يجرم عليه القانون، وبالتالي فهو ليس إلا (متهم ) ولا يهم بعد ذلك ما كان يلصق به من نعوت أو ما يحوزه من ألقاب وصفات قبل ذلك، وكذلك الأمر بالنسبة لجميع المتهمين..!؟ وهذا من البديهيات التي يفترض أن يعلمها وكلاء المتهم نفسه، والذين إعتادوا وربما تملقاّ، أو لأسباب أخرى وفي جميع الأحوال على ترديد إسم المتهم ملصقاّ بالقابه..!

وبالتالي فإن وصف المتهم صدام حسين بكونه دكتاتوراّ من عدمه ، لا يغير من حقيقة الأمر شيئا من الناحية القانونيةّ، من كونه مجرد (متهم) ماثل في قفص الإتهام..! كما وإن تعليق القاضي على هامش كلام المتهم لا يؤثر في مجريات سير الدعوى، ولا يوحي بأن القاضي يقصد من وراء قوله، ما يصب في مصلحة المتهم، رغم إستحسان المتهم لذلك، وشعوره بالإرتياح..! إذ ليس من المنطق الحكم على النوايا، وإستخلاص النتائج من الغيب..!؟

القاضي نفسه يعلم؛ بأن أمامه طريقاّ طويلاّ من النظر في الوثائق والأدلة الكثيرة المتعلقة بالدعوى المنظورة أمامه، وبالتالي فأنه ليس من المصلحة أن يضع نفسه في موقف الشبهة أو الإنحياز لأي طرف من أطراف الدعوى، ولذلك فإنه ومن نافل القول، أن لا يشارك القاضي، المتهم في وصفه لنفسه وعلى حد قوله(المتهم) نقلا عن الآخرين بأنهم ينعتونه بالدكتاتور، وبالتالي يقع في فخ المتهم، الذي مؤداه الطعن بالإنحياز..!

ونفي القاضي لهذه الصفة عن المتهم، إنما يعبر عن موقف قانوني يؤكد حيادية القاضي طالما كان الشخص الماثل أمامه مجرد (متهم) لا غير..! وطبقاّ للمبدأ القضائي المعروف ، فإن (القاضي لا يحكم بعلمه)، ومن هنا دفع القاضي أي إلتباس أو شبهة بالإنحياز، بنفيه معرفته للمتهم بأنه دكتاتور..! حتى وإن كان يعلم يقيناّ بحقيقة ذلك..!

أما على الصعيد العام، فقد إستقبل قول القاضي بعاصفة من الرفض وعدم الرضا من قبل الرأي العام، ولهذا ما يبرره من الأسباب، فليس وحده الشعب الكردي من ينعت صدام حسين بالدكتاتور وعلي حسن المجيد بالكيمياوي، بل أن جميع العراقيين على إختلاف مكوناتهم، والرأي العام العربي والعالمي، لايعرفون هذين الأسمين إلا بهذين النعتين، حيث أصبحتا صفتين لصيقتين بشخصيهما، ولايمكن الإستدلال عليهما إلا بذكرهما بالترادف..!

أما القضاء وحكم القانون فله منطقه الخاص. والقاضي وحده هو الذي يتحمل مسؤولية إدارة جلسات الدعوى، وإن إختلف القضاة في طرقهم في الأداء ، فإنهم لايختلفون في الجوهر، وهو تمسكهم بمباديء وأصول قانون المرافعات وأحكام القوانين الأخرى. والقضاء العراقي مشهود له في ذلك، ويمتلك من السمعة الجيدة ما يشهد له بها الجميع..!