| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

باقر الفضلي

bsa.2005@hotmail.com

 

 

الخميس 10/7/ 2010



العراق: تشكيل الحكومة ومأزق التدخل..!

باقر الفضلي

في مقالة سابقة بتاريخ 22/5/2010 والموسومة: من سيشكل الحكومة الجديدة..؟ ، ومن منطلق الخروج من واقع الأزمة السياسية التي أعقبت إنتخابات آذار/2010، جرت الإشارة الى أهمية التعاون المشترك بين الكتلتين النيابيتين الكبيرتين، كل من كتلة القائمة العراقية، وكتلة دولة القانون، للإسهام في حل عقدة تشكيل الحكومة الجديدة، رغم تباين المنطلقات الفكرية وإختلاف الأسس الأيديولوجية وتمايز المنحدرات الطبقية بين الكتلتين، وذلك خدمة لمصلحة العراق العامة، وتجنيب الوطن تعقيدات الفراغ السياسي والدستوري، والمخاطر المحدقة به نتيجة لذلك، وتفويت الفرصة على المترصدين والمتربصين لمستقبله من مختلف الجهات الإقليمية والدولية..! (1)

ومع تسارع الزمن، وقرب حلول موعد إنعقاد جلسة مجلس النواب المفتوحة في الثالث عشر من تموز الحالي، لا يجد المراقب حلحلة جادة على مستوى الكتل السياسية الأربع الفائزة في الإنتخابات بهذا الشأن ، بقدر ما يؤشره الحراك السياسي من تصعيد وتمسك بالمواقف الذاتية والتذرع بالإستحقاقات الدستورية والإنتخابية، وجميع ذلك لم يوصل السفينة الى شاطيء السلام، ولازال الصراع محتدماً على أشده، خاصة وأن مسعراته من خارج الحدود، ما إنفكت تضرم في النار إشتعالاً، لتزيد اللهيب إستعارا..!

فلم يكد نائب الرئيس الأمريكي السيد بايدن ينهي زيارته الأخيرة الى العراق، وهو أحد المشرفين الرئيسيين على الملف العراقي، والذي أبدى قلقاً غير معتاد حول جمود الحالة السياسية وتأخر تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وطبقاً للسيد علي الدباغ الناطق الرسمي للحكومة العراقية المنتهية ولايتها: [[فإن التعابير المنتقاة لنائب الرئيس الأميركي خلال زيارته السابعة عشرة للعراق تعكس هذا القلق في البيت الأبيض.]](2)

ولم يكن القلق المذكور نابعاً من فراغ أو سوء تقدير طاريء، أو مجرد تكهن غير محسوب النتائج؛ فبمجرد مغادرة السيد بايدن العراق، حتى تعالت أصوات الغضب والإحتجاج الإقليمية على الزيارة، لتضع أمام المسؤولين العراقيين، مدى تدخل بعض الأطراف الإقليمية في الشأن العراقي، ومدى عمق تأثيرها على إتجاهات بعض الأطراف السياسية، بل وحتى تحكمها في نتائج تلك الإتجاهات..!؟

وليس بعيداً عن ذلك، بل ويقف في مقدمة تلك التدخلات الإقليمية، التدخل السافر للجارة إيران، ليس على الصعيد العسكري، والذي بات يأخذ صفة العدوان المتكرر، بقصف المناطق الحدودية وإجبار سكانها من الفلاحين الأكراد، الرحيل الى الأعماق حسب، بل ليذهب ذلك التدخل بعيداً ليشمل الشؤون السياسية، ناهيك عن الإقتصادية، لتعلن فيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية "ولايتها" و"قيمومتها" على الشعب العراقي، حتى في عملية إختياره لحكومته الجديدة، ولتعلن من جهة أخرى، وكرسالة موجهة الى الولايات المتحدة الأمريكية المحتلة للعراق، بأنها غير بعيدة عن أي تغيرات تجري في العراق لاحقا، وهذا ما أكده المتحدث بأسم وزارة الخارجية الإيرانية السيد رامين مهمان برست، من خلال مؤتمره الصحفي أثناء زيارة بايدن الى العراق، من [[ اِن على الادارة الامريكية ان تترك للشعب العراقي حريةَ اتخاذ قراراته بنفسه وان يختار الحكومةَ التي تناسبه، واضاف المتحدث ان الحكومة الايرانية مازالت تنتظر من الحكومة العراقية إخراجَ منظمة "مجاهدي خلق الايراينة المعارضة من أراضيها وفي أسرع وقت...]](3)

فما الذي يدفع بالحكومة الإيرانية الى أن تضع نفسها بديلاً عن الشعب العراقي، في تقرير ما الذي يضره أو ينفعه، وأن تملي عليه قراراته في الوقت والزمان الذي تريد..؟!

لا ينكر أحد بأن لإيران أو لغيرها من الدول المجاورة للعراق من المصالح الوطنية الإستراتيجية في علاقاتها مع دول الجوار، ما يفرض عليها أوعلى غيرها رعاية تلك المصالح بنفس القدر الذي تحترم فيه مصالح جيرانها وسيادة أراضيهم وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية، وكذلك هو الأمر نفسه بالنسبة للجمهورية العراقية كدولة جارة، بما يعزز أواصر الجورة والمودة والصداقة بين شعوب المنطقة، وبالذات مصلحة الشعبين الجارين العراقي والإيراني..!

فحين يأتي التدخل الإيراني في وقت تتشابك فيه مصالح جميع الأطراف السياسية العراقية، بل وتتصارع من أجل الفوز بالمكان الأول للسلطة بعد الإنتخابات النيابية آذار/2010، يصبح لهذا التدخل شأن أكبر أهمية وأعظم تأثيراً في حرف مسيرة التعاون والتلاقي بين تلك الأطراف، مما يعيق كافة الجهود المبذولة من أجل تذليل المصاعب والعوائق التي تقف في وجه التوصل الى تشكيل حكومة عراقية وطنية، تحضى بقبول الشعب، وتقطع الطريق أمام جميع المحاولات المتصيدة بالماء العكر..!!

فالموقف الأيراني المعبر عنه في المؤتمر الصحفي لوزارة الخارجية الإيرانية كرد فعل لزيارة نائب الرئيس بايدن في 4/7/2010، لا يمكن أن يصب في مصلحة الشعب العراقي، رغم صياغته بناعم الكلام وتجليه بحسن المقام، فمن إلتقى بهم السيد بايدن في بغداد من رجال الدولة والسياسة، هم أقدر على تحديد مصلحة البلاد، وهم من يمتلك القدرة على إتخاذ القرار المناسب، وجلهم من الذين إنتخبهم الشعب في اكبر عملية إنتخابية تحدى فيها كل ضروب الإرهاب والتخويف..!!

فإن كان الموقف الإنتقادي للخارجية الإيرانية في ظاهره الشكلي موجهاً الى الإدارة الأمريكية، فهو من حيث الأصل يمثل رسالة واضحة المعالم والإشارات للساسة العراقيين، في وقت يخوضون فيه مخاض الساعات الأخيرة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، لتذكرهم ب"الأجندة الإيرانية" الغارقة لأذنيها في الأوحال العراقية، وبمقاصدها القريبة والبعيدة، ولتضعهم في مأزق كيفية التكيف والتعامل مع مثل تلك الضغوط المسلطة من قبل "الجارة العزيزة"، بما يكفل مصلحة العراق، ويضمن سيادته في ظل علاقات جوار مبنية على الإحترام المتبادل بين الجارين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكافة الدول تحت مظلة الشرعية الدولية ومصالح البلدين الجارين، وهي لعمري، مسؤولية جماعية تتحمل تبعتها كافة الكتل السياسية الأربعة الفائزة بالإنتخابات، وبالذات العراقية ودولة القانون، ولا أقل منها الإئتلاف الوطني والكردستانية..!

 


(1) http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=216337
(2) http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=577280&issueno=11545
(3) http://www.a11g.com/vb/t13144.html






 

free web counter