| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسل أودو

 

 

 

الخميس 7/2/ 2008



أعطني وطنا ...... لأتفاءل

باسل أودو

تنتشر وبشكل متزايد ، سواء في داخل العراق أو في بلدان المهجر ، روح اليأس من أي تطور أيجابي محتمل في العراق ، ويلاحظ هذا من خلال مجموع المقابلات المباشرة ، أو في تعليقات وكتابات الكثير من المتتبعين والمهتمين بالشأن العراقي . هذه الروح تعطي مؤشرا على المزاج العام ، من الضروري الأنتباه له ، خشية تطوره باتجاهات سلبية لها مردودات على مجمل الوضع في العراق . مع أنه جاء نتيجة أسباب موضوعية تتمثل في الأخفاق المتواصل الحاصل في العملية السياسية وما يتبعه من أخفاقات على المستوى الأمني والأقتصادي . ونتيجة أسباب ذاتية تتمثل في المستوى الفكري والوعي والتجربة الحياتية والسياسية الفردية .

المهم أننا أزاء واقع لا يمكن غض النظر عنه ، فالواقع الموضوعي وتطوراته وتداعياته وتشوّهاته يمارس تأثيره بشدّة على الوعي ، ويدفعه نحو طريقة تفكير سلبية .

ان الخطاب والممارسة اليومية وطرق المعالجة الفاشلة ، لم تأتي من الفراغ ، بل أتت من خلال خلفيات فكرية مرتبطة بموروث اجتماعي وموروث قومي وطائفي متعصب أو تعصّب حديثا بفعل الأحداث ، وباتت أفكار تحقيق الغلبة المتبادلة بين الأطراف الماسكة بالقرار ، هي السائدة والمهيمنة ، دافعة تلك الأطراف لمساومات على قضايا وطنية وشعبية ، مبعدين صاحب المصلحة الحقيقية ، الشعب ، من اتخاذ القرار بشأنها ، بعد توفير الظروف الملائمة لأتخاذه مثل هكذا قرارات .

هذا المنهج في التفكير وتحليل الأحداث وتطوراتها وطريقة معالجتها ، يتم سحبه وتطبيقه على الأحداث اليومية المتكررة ، فالمعالجات على صعيد الوضع الأمني تنطلق في التعامل معها بطريقة العزل والتجريد عن أسبابها المتعددة ، ويتم التعامل معها فقط وكأنها نتيجة لفعل فكري أرهابي تكفيري أو جريمة منظمة ، ويتم ابعاد حاضنات هذا الفكر الأرهابي المجرم ، من فقر وبطالة وفروقات طبقية ووعي وثقافات متخلفة وممارسات وتطبيقات دينية طائفية مستفزة يتم تشجعيها وحشد الملايين لممارستها ، اضافة الى ما خلفته عقود الدكتاتورية من تخلّف فكري وثقافي ساعد أصحاب المنهج والفكر المتخلف الجديد وأختصر طريقهم نحو ترسيخ منهجهم في عقول الكثير .

عليه يتم تقديم التبريرات في الدفاع عن عدم حل المعضلات الأقتصادية والسياسية والخدمية ، واعتبارها تحصيل حاصل للوضع الأمني المستمر في التّردي بل والمتصاعد في التأزم . موفّرا الأرضية والظروف الملائمة لكل ما هو مؤذي وضار وسلبي على المجتمع ، ان القضاء على الأسباب هو الذي يقود الى نتائج أيجابية تعجّل في الخلاص ليس من الأرهاب فقط بل يفتح الآفاق واسعة للّحاق وبسرعة بركب الحضارة والتطور ، والخلاص ايضا من الضعف الواضح جدا في المواقف تجاه التجاوزات على السيادة الوطنية ، ناهيك عن التجاوزات والسرقات العلنية لخيرات الشعب العراقي .

ازمات سياسية عميقة ، وضع أمني متردّي ، فساد مستشري ، مؤسسات شكلية ، فقر ، بطالة ، انعدام خدمات ، تجاوزات اقليمية عسكرية وسياسية وأمنية وأقتصادية ، تهجير قسري، تخلّف في كل المجالات، ارهاب ، ميليشيا .

هكذا واقع ، هو الذي يدفع بالكثيرين الى اليأس ، ولا يحق لأحد أن يحاسبهم على يأسهم ، لأن التفاؤل لا يتحقق بمفردات جميلة ووعود لا يتحقق حتى الحد الأدنى منها ، وليس في الأفق ما يشير الى تحققها ، بل يتحقق بملامسة الحقائق على الأرض .

قدّموا لهم وطنا ، كباقي الأوطان ، خاليا من كل تلك المعضلات ، وسوف ترون شعبا طيبا متفائلا متفانيا مخلصا نقيا متسامحا . وستجدون كم سيؤثر عليكم وفيكم .
 


 

Counters