باسل أودو
الأحد 6 /4/ 2008
محاولة لأشاعة ثقافة التقرّب المتبادلباسل أودو
وقائع السنوات الخمس المؤلمة ، التي مرّت ، والتي كانت نتائج طبيعية لسياسات مدروسة ، للنظام المقبور ، لأنتاج واقع متخلف على كافة الأصعدة .
تلك الوقائع واستمرار ظهورها وتطوّرها ، الى آلان ، تجد لدى المثقّفين أهتماما متباينا في طريقة التناول والتحليل ، وتقديم المعالجات . نجده واضحا في الأندفاع نحو والتأييد للحلول السريعة لوقف تطور ظاهرة ما أو تدهور معيّن ، من دون أن ترافقه أجراءات ، وفي المجالات كافة ، توقف ذلك التطور أو التدهور السلبيين .
كما نجد أيضا في معالجات أخرى ، وبسبب أخفاقات الجمع السياسي الماضية ، نجد الحيرة وعدم القدرة ، أو تجنّب دراسة الأسباب الحقيقية لتلك الأخفاقات ، الطبيعية في مسيرة العمل السياسي والأجتماعي والثقافي ،تلك الحيرة وعدم القدرة ، قادت وتقود ، الى الشعور باليأس ثم الأحباط ، أضافة الى التصور المبالغ فيه ، للمصاعب المحتملة ، وبالتالي التردد أو التوقّف عن أي مبادرة مدروسة جديدة ، للأنطلاق نحو آفاق أكثر تفاؤلا . لذا نجد الصخب العالمي للأحداث وعلاقاتها المعقّدة ، وتعدد وتنوّع الأفكار والثقافات والسلوكيات ، تجد فعلها وتأثيراتها وأنعكاساتها ، على مثقفينا ، وهم يحثوّن الفكر في ساحات صراع الأحداث والأفكار ، المكشوفة لأول مرة في العراق ، للوصول بمجتمعنا وبلدنا الى شاطئ الأمان .
في هذه الأجواء المعقدة ، يلّف اليأس بعضنا ، كما تمتلك الموضوعية في النظرة والمعالجة آخرين .
هكذا هي طبيعة العمل السياسي والثقافي ، نجاحات في الرؤى والمعالجات بسبب رجحان كفة النظرة الموضوعية ، وأخفاقات تحصل وستظل تحصل ، ما دامت الحياة مستمرة ومتحركة ، وما دامت التنافسات والصراعات قائمة .
التجربة الأنسانية ، الحديثة خاصة ، أثبتت ولا زالت ، بأن فرض أنماط معينة من الأفكار والثقافات والسلوكيات وعن طريق القوة والترهيب ، أثبت فشله ، ليس فقط بسبب عدم قدرته على التفاعل والأستجابة لضجيج الأحداث اليومية ، بل لأن عملية الفرض بالقوة والأكراه ، قادت دائما وتقود الى أنتاج وتطوير أفكار ونظم تعامل ديكتاتورية مع الأفكار والثقافات الأخرى ، ومع المجتمعات .
أن فرض الأفكار والسلوك بالقوة أدّى بمجتمعنا ، وبالتجربة الملموسة ، الى زيادة سنّي أبتعاده عن التقدم والعلم والحضارة ، بسبب وهم الأعتقاد بالفرص الوحيدة والأخيرة ، والتّسابق للثأر من ماضيات أضطهاد ، كما التسابق لتسجيل نجاحات هشّة ومهزوزة ، بسبب عدم أستنادها الى القناعة الشعبية الجمعية ، وعدم الأعتماد على الدراسة العلمية الموضوعية ، وألتي يساهم الجميع فيها .
هنا يبرز دور المثقف ، بأصراره وعدم تراجعه ، ودوام أستمراره في أشاعة ثقافة تقبّل الآخر لدى محاورته ، بل وتستدرج الآخر للمحاورة الحريصة . كما أستمراره في مواجهة القوي والمختلف حين يفرض أولوياته ويستخدم العنف في فرضها ، أو أن يستخدم الموروث المقدّس الديني أو العقائدي أو القومي . . . أو عن طريق التحايلات والألتفافات الدستورية والثغرات القانونية ، أو بكليهما .
أنّ الأرباك الحاصل الآن في بلدنا ، في العلاقة بين المثقّف والسياسي المحترف أو التنفيذي ، جاء في واحد من أسبابه ، بأبتعاد كليهما عن التّعمق والأستفادة من الموروث الغني للثقافة الوطنية العراقية ، والتجارب السياسية العراقية ، ممّا أدى الى تراجع في الأبداع الوطني ، مقابل طغيان ثقافي فكري مصدّر الينا .
انّ التفاعلات الثقافية ، على المستوى العالمي ، وألتقاء الثقافات والأستفادة المتبادلة ، ضرورية ، بل ولازمة ، بشرط عدم السماح لأي طرف أن يعمل مسخ ثقافة الآخر أو يجعلها ديكورا .
انّ هذا الأبتعاد عن الأستفادة من الموروث الوطني ، واستمرار أسلوب خنق الآخر ، وصّم الآذان ،والتسابق الثأري ، ووضع النظّارات ذات العدسات الأكثر سوادا ، قادت الى ساعتنا هذه ، وستظل تقود نحو تدهورات أكثر وهاويات أعمق .
فلندرس وبهدوء همومنا ومشاكلنا الحقيقية ، وأن لا نغرق بتفاصيل صغيرة ونترك أسباب حصولها ،لنكسب الوقت ونختصر الزمن .