| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسل أودو

 

 

 

الأثنين 28/1/ 2008



النائمون في الخضراء ....
والصّاحون ابدا في اليابسة

باسل أودو

قد تصبح الكتابة ممّلة في موضوع واحد ، خاصة أذا كان قد تناولها عدد كبير من الكتّاب ، العراقيين خاصة ، ممّا يدفع الكاتب الى " المناورة " في اسلوب طرح الأفكار والمقترحات عّلها تجد يوما أذنا صاغية .
في الموضوع العراقي وتداعياته ، كثرت الكتابات الفكرية والسياسية والأقتصادية والأجتماعية والأمنية مقدمة مختلف الحلول والمعالجات للأوضاع الآنفة الذكر ، الاّ أننا لم نجد لدى اصحاب القرار أية أستجابة لتلك الأفكار المخلصة والواقعية . مما يدفع ، ربما ، بعض كتّابنا أو القراء من المواطنين الى اليأس والقنوط ، أو الى السؤال عن ما يقوله المسؤولين مع أنفسهم أو فيما بينهم عن تلك الأفكار ، هذا أذا أفترضنا أنهم يطّلعون عليها .
فمن الواضح جدا ، ومن خلال الوقائع على الأرض أن أصحاب القرار الحكوميين غير مبالين بما يطرح ، مصّرين على ترقيع " الفتقات " المتكاثرة في كل المجالات حتى أصبحت تلك الترقيعات هي السائدة على شكل العملية السياسية .
هذا الأصرار يدّل على ضيق أفق أو غرور أو أعتداد عالي مرضي بالنفس على صحة آرائهم ، يقابله أصرار أيجابي مرن من الكتّاب العراقيين خاصة ، على مواصلة المتابعة والتنبيه وتقديم المقترحات المخلصة ، أيمانا منهم ، لا كالطرف الثاني ، بأن الحوار وتبادل الأفكار هو الطريق الأصوب لحل المعضلات .
- فمن الأفكار الصائبة التي كان ولا يزال هناك الحاح مستمر عليها ، هو التنبيه الدائم للحكومة والقادة السياسيين في البلد على أعتماد مبدأ المواطنة والنزاهة والكفاءة في أسناد المسؤوليات ، وخاصة القيادية منها ، في وزارات ودوائر الدولة ، والأبتعاد عن نظام المحاصصة الطائفية والسياسية والفكرية في توزيع تلك المسؤوليات ، ولكن الحال أستمر منذ سقوط النظام الفاسد لحد الآن . لقد اثبت نظام المحاصصة الطائفية المقيت فشله في كل شئ بل قاد الأوضاع في البلد الى جحيم لا يطاق ، وفترة الخمسة سنوات الماضية دليل على ذلك .
- التحالفات الأستعاضية بين أطراف العملية السياسية ، فالطرف المختلف مع أحد اطراف كتلة ما ، يدخل تحالفا مع أحد أطراف تلك الكتلة وبأتفاق ثنائي أو ثلاثي ، وبذلك يكون قد أصبح طرفا في التحالف الأول بالأستعاضة . أساليب وفلسفات جديدة في التحالفات ستدخل التأريخ من أضيق فتحات أبوابه . والنتيجة ، أتجاه الوضع نحو أزمات أكبر لأنه لا أبداع أو جرأة أو تحليل علمي موضوعي لدى قادة البلد للواقع العراقي ومسببات أزمته .
- أين أصبحت الوعود بحل الميليشيات وضربها بيد من حديد ، وكلنا يتذكر أنها كانت من أوائل الوعود ألتي قدّمها دولة رئيس الوزراء . لا ميليشيا فككت أو حتّى تمّ المسّ بتنظيماتها أو افكارها . بل زادت تنظيماتها وطورت أساليب عملها ونوعية أسلحتها وكميتها ، وبدأت تمّن على الدولة والحكومة والقوات المتعددة الجنسيات بأيقاف نشاطها لكذا شهر لمبررات هي تضعها وهي تختار الوقت المناسب لأعادة نشاطها التخريبي في حال زوال دواعي ذلك الأيقاف ، ومتحدثها الأعلامي هدد قبل أيام بالعودة الى النشاط العسكري ، والحكومة صامتة أمام هكذا تحدّي من قبل ميليشيا لا أساس قانوني دستوري لها ، بل هي خارجة تماما عن القانون والدستور وغارقة حتى أذنيها بالجريمة السياسية والأجتماعية ، ولا أحد يتصدّى لمحاسبتها .
وميليشيا أخرى يدّعي صاحبها بأنه صلة الوصل في ظهور الأمام المهدي ، ويبدأ هو وأتباعه بالعبث بالسلم الأهلي وتأزيم الوضع الأمني أكثر مما هو متأزم مترافقا مع ارهابيين آخرين في مناطق أخرى وفي نفس الوقت ، كالجريمة الأرهابية البشعة ألتي حدثت في الموصل ، مما يدفع المتتبع والمحلل الى الى التيقن الى ما وصلت اليه تلك الميليشيات والجماعات الأرهابية من تنسيق وتوحيد لأعمالها وأهدافها ، والطبيعة الأجرامية المتطورة لأعمالها ، لما تتركه من آثار واضحة على مجمل أوضاع البلد عامة والعملية السياسية الدائمة التعثّر خاصة .
وميليشيا صحت من غفوتها ولا زالت صاحية لحد الآن ، فما الذي سيحصل لو غلب عليها النعاس ثانية ، وغفت ، وأدارت سلاحها وقناعاتها معه بسبب السهر المتواصل والّذي يسبب التشتت في التفكير ، أدارته الى الجهة الغافية أصلا ، متعللة بهذا السبب أو ذاك .
أن القليل الذي تحقّق من مكتسبات هو بسبب الضغط الشّعبي ومطالباته ونضاله ، ولم يكن منّة من القادة ، انها حقوق شعب ، وسيكون نفس الضغط الذي يهيّئ الأرضية السّليمة والسّلمية للأزاحة الدائمة لكل من لا يعمل بجد وأخلاص لصالح شعبه .
- مقابل كل تلك الصورة الكئيبة والمحزنة ، لا يزال الخيّرين من أبناء شعبنا أحزابا وقوى وشخصيات وكتّاب يسعون مجتهدين ، وخاصة في الفترة الأخيرة ، لأنقاذ البلاد من الغرق ، الاّ أن من المفيد التنبيه ، أن لا يتوقف هذا الجهد الصعب والمخلص أو يتراخى ، أو تتسلل اليه ، وهذا مهم جدّا ، النزعات الفكرية والعقائدية والشخصّية والأنانية الضيقة .
- دعوة لكل الكتّاب المخلصين الى التركيز على هذا الجهد المخلص الأخير ، والذي أبتدأ بجمع التواقيع ، ومتابعة تطوراته وتقديم المقترحات السّاندة لتطويره وجعله يتبلور في صيغ أكثر تقدما ، للخلاص من الوضع القائم .
 


 

Counters