| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسل أودو

 

 

 

 

الثلاثاء 22/1/ 2008



عودة ثالثة لكل المسيحيين

باسل اودو

تخيّل احدهم بأنه قد تزوج امرأة ... وانجبا طفلا ... ولم ينجبه احدهم ، بل بنشاطهما اثنيهما ، ونما الطفل ، فأذا به يأتي الى والده وهو جالس بجانب البئر ، وبدأ الطفل يتطلع بفضول الاطفال الى البئر ، وأذا ب (بابنوكة ) قد نبتت على جداره ، فبدأ يحاول قطفها وأثناء المحاولة سقط في البئر العميق ومات ، وبدأ الرجل يولول ويبكي على طفله المتخيل ، فاجتمع حوله الناس وسألوه ، ما الموضوع ؟ فأجاب بأن طفله قد سقط في البئر ومات ، فسألوه من أين لك هذا الطفل وانت لم تتزوج حتى .
الخيال والحلم هما الشيأن الوحيدان اللذان لا تستطيع كل القوى والانظمة وممارساتهم ان تسيطر عليهما ، لأنهما ليسا بشيئين ماديين يمكن الامساك بهما .
ولقتلهما ، على قاتلهما ، ان يقتل الجسد الحامل لهما ، الا أنه لا يستطيع قتل الخيال والحلم ، ولهذا بقيتا ترافق الانسانية وستظل والى الابد .
ولكن أي خيال وأي حلم علينا أن نعيش في أجوائهما ؟
هذا يعتمد على ما أسّس لنا وما اسّسنا لأنفسنا من ثقافات ، وعلى مدى استفادتنا من تجاربنا وتجارب الآخرين ، وعلى ما يقدمه لنا الواقع المادي من اشكالات وكيفية التعامل معها .
تجربة الاكثر من الاربع سنوات الماضية ، اثبتت اننا فشلنا في اثبات وجودنا كما يجب ان يكون ، هذا يدعونا الى البحث عن اسباب هذا الفشل بكل جرأة وواقعية وصراحة .
بل ان هذا الفشل بدأ يقود الجميع الى خيبات اخرى تمثّلت في انسحاب البعض من ساحة الدفاع عن قوميتنا ، او تفرغ البعض للمناكدة والعنصرية والتعصّب ، او توجيه البعض الآخر لأبداعه الفكري نحو مواضيع بعيدة عن القضية الأساس .
فأيهما افضل لنا في الأختيار ، الآن ، ان نستمر في الصراع حول من له احقية قيادة افكارنا وشعبنا ، ام في التنافس فيما بيننا بحب قوميتنا ووطننا وشعبنا والبحث عن المخارج الصحيحة والواقعية من هذا الوضع والأبتعاد عن التعصب القومي ازاء القوميات الاخرى واعتبار الوطن هو مكّونات الموجودين فيه من قديم الزمان ، والمساهمة في تعزيز وتعميق اواصر المحبة بين مكوناته والابتعاد عن الصاق الدين بمصطلح الشعب الرائجة هذه الأيام كأحد البدائل المطروحة للتسمية .
*- حبيب تومي – جلال جرمكا – هرمز حنا كوهاري – مايكل سيبي - نزار ملاخا - وديع بتي حنا - بطرس شمعون آدم - كريم وردوني - تيريزا ايشو - ياقو بلو - نبيل دمّان - ثائرة البازي - وأسماء اخرى في قائمة لن تنتهي ، كلّ يكتب بأخلاص وبطرق مختلفة او متفقة ، حوارات ، آراء ، شعر ، تأريخ ، وبقناعات وارضيات انطلاق فكرية مختلفة ، هذا هو الجمال في الابداع الفكري .
هل فكرت هذه الأسماء وغيرها في مشروع ثقافي وطني بعيد عن التّعصب ، واتفقت فيما بينها على نبذه والترويج له والابتعاد عن مبدأ التسويق التجاري ، بعد كل الذي عانيناه .
بأعتقادي ، أن احد الأسباب التي تقف حائلا في اتفاق البعض مع البعض الآخر ، في التجربة العراقية تخصيصا ، هو الموقف الآيديولوجي المسبق لبعضها ازاء البعض الآخر ، والأصرار لدى المؤدلجين على عدم التسامح مع الآخرين في طروحاتهم من قناعة الأمتلاك الكامل للحقائق وعدم جواز المس بها ، واصرار الطرف او الأطراف المقابلة على عدم التساهل مع المؤدلجين .
فأين الخلل اذن ، هل هو لدى هذه الجهة ام تلك؟
كيف يمكننا ان نصل الى العافية ان لم نتحاور ؟
سألوا الشاعر الفرنسي الكبير اراغون عن تنّوع مصادر ثقافاته ، فقال انه يقرأ ويستمع للجميع حتى الذين لا يتفق معهم ، لأنه يريد أن يشّم رحيق أفكاره فيهم .
فلكي نشّم رحيق افكارنا علينا أن نستمع للجميع ، وأن كان رحيق أفكار الآخر اكثر جذبا فعلينا ان نشمّه ونبدي اعجابنا به ، لا أن نلفظه مسبقا قبل شمّه .

لقد جربنا الأختلاف فلنجرب الأتفاق .
ولكن بشرط ان نهيئ له مقوماته وأسبابه ، العملية والواقعية ، وليس بغرض التسويق الأعلامي والشخصي والحزبي .
ولا نعيش في خيالات مسبقة ونقطف البابونك ونسقط في البئر .



 

Counters