| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسل أودو

 

 

 

الخميس 1 /5/ 2008



على طريق الديمقراطية وتطبيقها
(1)

باسل أودو

الأنتقال من حالة الى حالة أعلى ، ومن وضع ما الى وضع أكثر تقدما ، ومن مرحلة تاريخية معينة الى مرحلة أخرى ، وما يرافق الأنتقال من تعقيدات في المجالات كافة ، مرتبط ، هذا الأنتقال ، بمجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية ، التي تتكون وتتراكم وتفعل فعلها في عملية الأنتقال والتطور .

وتتباين المجتمعات من حيث مستوى تطورها ، وتختلف في تفاصيل انتقالها ، نظرا للخصوصيات الوطنية المتباينة والمختلفة ، في قسم منها ، والمتطابقة في اعمّها الأغلب .

الاّ أن الفرق في مستوى التطور ، والأختلاف في بعض الخصوصيات ، لا يمنح الحق للأكثر تقدما في فرض تجاربه وأفكاره وسياساته ، على الأقل تطورا ، مثلما لا يمنح تبريرا للأقل تطورا ، للوقوف بالضد من حركة التطور التاريخي ، بحجة الخصوصية ، ولا أن يكون ذلك دافعا ، للتراجع واليأس وتقديم التبريرات للعجز والخضوع للأمر الواقع ، وتقديم التنازلات .

فالأقرار بأن الوضع العراقي ، كما أوضاع دول كثيرة أخرى ، وضع معقّد ومتأزم و متخلف ، هو وصف للواقع وليس قدرا أبديا ، وليس واقعا لا يمكن تغييره . انه نتاج موروث لما سبقه ، كما يورّث واقعنا لما يليه ، من تعقيدات في حال تم الأصرار على عدم الاستفادة ومعالجة الاسباب التي أدت بواقعنا الى أن يكون بهذه الصورة الرديئة ، لنقدم لما يليه أوضاع أكثر تقدما وحضارة .

فالقناعة بوراثة أسباب الأزمات والتعقيدات ، والأقرار بها ، لا يكفي ، ويجب أن يرافقه عمل كبير ، وعلى كافة الأصعدة بأتجاه أن لا يتم تكريس قيّم متخلفة قديمة أو جديدة وتوريثها مجددا لأجيال قادمة .

انّ القراءة الصحيحة للواقع وأستيعابه ، والمعبر عنها بالوعي ، يجب أن لا تكون مغالية في التفاؤل أو التشاؤم ،كي يتم صياغة معالجات وأفكار موضوعية واقعية ، تجنّب مجتمعنا ، قدر الأمكان ، الهزّات والمفاجآت ، والتي قد تكون أيضا بسبب عوامل موضوعية تفرضها قوانين التطور .

واحدة من الطرق ألتي تقود الى القراءة الصحيحة للواقع يجد تعبيره في الديمقراطية . الاّ أن أفتراض الديمقراطية حلا سحريا لكل المشاكل ، وأفتراض قيام مؤسساتها كافيا ، يكون أفتراضا خاطئا .

فالديمقراطية ليست فقط مؤسسات ، انّما هي أجواء ومناخات وقناعات حقيقية ، تعمل داخلها تلك المؤسسات والعقول ، وضمن هواءات نقية .

فالديمقراطية ، كما هي شرط أساسي للتقدم ، فأنها في نفس الوقت أداته أيضا ، ولكن عبر القناعة بها والأشاعة لها وفهمها ، وحضورها في كل حلقات البناء الأجتماعي ، من أصغرها الى أكثرها وضوحا متمثلا في الدولة .

ان الأبتعاد عن الديمقراطية ، أو منحها اجازة اجبارية ، بأختلاق الحجج ، يجعلنا ندور حول أزماتنا ومشاكلنا ، ويقودنا الى خيالات وأوهام وأتهامات ، تقودنا الى تراجعات أكبر ، ووقائع أكثر مؤلمة ، نخلقها بأنفسنا لواقعنا ، أو يفرض الآخرون ، وعبر ممارساتهم ، علينا ، أن نبتعد عن الطريق الصحيح للتعامل الديمقراطي .

ان الديمقراطية حقوق في كل المجالات ، كما هي ضمانات أخلاقية وقانونية ، تتم عبر اسلوب التفكير والسلوك وطريقة التعامل بين أطرافها . فالديمقراطية ليست تشريعات قانونية فقط ، لا تجد تعبيرها في الممارسات العملية اليومية ، وانما هي قواعد وتقاليد تشمل الجميع ويطبّقها الجميع ، أكثرية كانوا أم أقلية .



 


 

Counters