| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسل أودو

 

 

 

الأحد 17/2/ 2008



محاولة استفزاز عراقية ؟

باسل أودو

أعتقد أن ما يحصل في العراق الآن ، بعيد جدا عن الأدعاءات بالرغبة في بناء دولة مؤسسات ديمقراطية ، أو دولة حديثة ، أو دولة تعتمد القانون في المحاسبة ، أو دولة تؤمن بتداول سلمي للسلطة عبر أنتخابات نزيهة تماما ، أو بتعبير أكثر أستفزازية ومشاكسة ، لدينا دولة مواصلة وأتصال لسابق عهود من التأليه للأسماء ، والتعصّب للأفكار ، والتبشير للثّبات ، والقمع والقتل للأبداع والتحديث والواقعية .

فمنطق الثأر القومي والديني والطائفي لا يزال له الأولوية في محتوى وأسبقية القوانين الواجب تشريعها ، ولا يزال السبب في تأخير تشريعها بعيد عن المنافسة الفكرية الوطنية ، والبحث والدفاع عن كل ما يعوض شعبنا من عقود الحرمان والجوع والتخلّف .

فعلى مستوى البناء الفوقي للدولة ، نجد قوى أساسية تتحكم في توجيه العراق ، ولا تستند في توجيهها له الى نصوص دستورية وخاصة في الأمور المرتبطة بالثروة الوطنية أو حقوق الأنسان أو الحريات العامة ، وهذا لم يأتي صدفة ، بل جاء من خلال التعمّد في الصياغات المبهمة والتي تحتمل التفاسير المتباينة لنصوص في الدستور ، والتي بررت حينها ، بضرورة صياغة الدستور الدائم والأستفتاء عليه ومتابعة ومناقشة الخلاف حول بعض مواده لفترة لاحقة . والحاصل الآن هو التسّابق على الأستفادة من هذا الغموض في تلك النصوص ، وتعطيل أو عرقلة عمل لجنة دراسة وتغيير بعض نصوص الدستور .

ان قوى البناء الفوقي للدولة تشترك في توجهها الفكري المتعصّب المنغلق التهميشي ، في أدارتها لأوضاع الدولة ، وتتقاسم مسؤولية الكوارث والجرائم الحاصلة في البلد .

فأحزاب الأسلام السياسي بشقّيها السّني والشيعي لا زالت تتصارع على أحقية الأمامة على الناس ، قريش أم آل البيت ، ونجده واضحا في المناسبات التعبيرية وخطاباتها المتطرفة وأشكال تمظهرها على المسؤولين ، ودعوات الثأر الطائفي لقرون الأضطهاد على الشيعة ، ودعوات أستعادة مراكز السلطة لدى أحزاب الأسلام السياسي السنّية ، محوّلين الوجهة الواجب الأهتمام بها ، وجهة الشعب والوطن ، الى وجهة صراع طائفي أستذكاري ، وما يتبعه من شكوك وأتهامات متبادلة بين الطرفين . والذي نجده في فشل كل محاولات التقرب عبر اللجان أو الهيئات ألتي تمّ تشكيلها أو التي ستشكّل لأزالة تلك الشكوك والأتهامات والتي لن تزال بسبب طبيعة المنهج الفكري المسيطر عليها .

أما القوة الثانية التي تتحكم في توجيه العراق ، فهي القوى الكردية ، والتي تتحالف مع قوى الأسلام الشيعي ، وتتبادل القبلات الحارة مع قوى الأسلام السنّية ، مستغلة الصراعات بينهما لتمرير حزمة من القوانين البعيدة بل
المناقضة للمصلحة الوطنية العليا ، والمستجيبة لرغبات مراكز القوة في العالم الضامنة للجلوس المريح على الكراسي . ولا تزال فكرة الثأر القومي لعقود من الأهمال والتصفية والقتل قائمة ، بل يتم التبشير بها وجعلها ثقافة
شعبية ، غير منتبهين لآثارها المستقبلية .

هكذا تشترك قوى التحكّم في توجيه البلد نحو مآزق تضاف لما ورثناه من مآزق وآلام وكوارث .
ولا يزال كل القادة في العراق ، اسلاميين وقوميين وعلمانيين ، يعتبرون الواقع السلطوي الذي هم فيه ، من مناصب دولة ، أو برلمان ، أو أحزاب ، أو حركات ، يعتبرونه أقطاعا لهم ولأولادهم من بعدهم ، ولا تزال القطيعة مستمرة بينهم وبين المثقّف ، ولا يزالوا مصرّين على توسيع الفجوة بينهم .

هذا جزء من واقع أكثر تعقيدا ، خلّفته للعراق ولشعبه ، قرون من الفكر المتخلف والممارسات الديكتاتورية الأستبدادية ، قرون من الممارسات الحزبية العشائرية – الفردية .

متى سنراجع ؟ متى ستتنافسوا في بناء الوطن ؟ متى ستجعلوا شعبنا حائرا في أختيار من منكم يحب وطنه أكثر ويصوت لكم جميعكم ؟







 


 

Counters