| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

باسل أودو

 

 

 

الأحد 10/2/ 2008



دعوة مخلصة
لدراسة جادّة عن وضع المسيحيين العراقيين

باسل أودو

مرة أخرى يعود الأساتذة الكتّاب (كلدان أو آشوريون أو سريان) الى توجيه الفكر نحو مناقشات تبعد المسافة أكثر بين نخب المتصدّين أو المهتمين وبالتالي بين المسيحيين بشكل عام . ويعود أيضا توجيه الأتهامات ، الجارحة أحيانا ، لطبيعة توجّهات هذا الكاتب أو ذاك السياسي ، و(أكتشاف) ما يبيتّه من نوايا أو تزلف لهذا الطرف أو ذاك من الماسكين والفاعلين في الشأن العراقي .

أكرر هنا ، بأنّي لا أدّعي أبدا ، أمتلاكي خزينا وافرا من المعلومات التأريخية ألتي تخصّنا ، بل أني أفقركم في ذلك ، كما أنه في المقابل لا يحق لأي كان أن يدّعي ذلك ، وأن يكون مرجعا وحيدا ، بل علينا جميعا أن نثري ثقافتنا بالأفكار والمعلومات المحايدة الدقيقة والصحيحة في آن ، والبعيدة عن الأنحيازات المتعصبة .

فأحدى مسلّمات النّية الصادقة والرغبة المخلصة في الدفاع عن حقوق الشعوب ، لدى أطراف تتصدّى وتقود النضال لانتزاع تلك الحقوق ، هو في بحث تلك الأطراف عن قواسم مشتركة للأنطلاق منها للعمل الجدّي والفعّال والملموس ، والبعيد عن مجاملات المؤتمرات . وفي حالة شعبنا فالقواسم المشتركة كثيرة ومعروفة ، الاّ أن ما يحصل هو التركيز على نقطة أو نقاط تثير الخلافات الحادّة وتبعد المشتركات ، بل ويتم أستغلال المشتركات أحيانا لتعميق الخلافات . ويتم الأتكاء على أحداث سياسية أو أجتماعية مؤلمة ، يتم أنتزاعها من ظروف حصولها الموضوعية والذاتية ، لأغراض تقديم الأدلة وأثبات حقد أو عدم صدق نوايا طرف ما تجاه شعبنا . ويتم التغاضي ، ان كان غير مقصودا أو نتيجة ضعف في الذاكرة ، عن أخطاء أشتراك طرف أو أطراف أخرى وتسبّبها في أيلام الطرف الأول .

ممّا ينقل المحلل أو الكاتب الى أستنتاج يحيل أسباب الصراع الى عوامل ذاتية متمثلة في الحقد القومي أو الديني أو الطائفي ، وليست أنعكاسا لصراع موضوعي طبقي ، وجد تعبيره في الصراعات السياسية والفكرية السلمية منها والعسكرية ، والتي فتحت الباب لتجاوزات وأفعال تخريبية وأجرامية .

هذا لا يمنعني من الأعتراف ، بوجود فكر متخلف لدى أشخاص موجودين في داخل كل الأطراف ، وفي كل الأزمان ، آت من موروث أو ثقافة متخلفة أو متعصبة لم يستطع اولئك الأشخاص التخلص منها .

فتوجّهنا في الفضح والمحاربة يجب أن يكون تجاه القوى التي تتمسك وتبشّر بالأفكار الشوفينية الفاشية الأرهابية ، لا تجاه قوى معرضة ، في الطريق الطويل لنضالها ، لخطايا وأخطاء من الطبيعي تعرّضها لها في هكذا واقع  عراقي معقّد ومتناقض ومتخلف ، ان كان ذلك الخطأ على مستوى الأشخاص أو الأحزاب .

والاّ لو ثبتّنا فكرة الأستذكار الدائمي للأحداث ، فعلى جميع الموجودين الآن في الساحة السياسية ، اشهار أسلحتهم وحفر خنادقهم ، استعدادا للأنتقام من بعضهم البعض ، وأن لا وجود للمراجعات الدائمة واستخلاص الدروس والعبر .

ان الحيادية والعقلانية في قراءة ودراسة التأريخ والواقع ، هي التي توصل الشعوب الى تحقيق أهدافها وطموحاتها المستلبة ، ويجعلنا نبتعد عن التوتّر والتعصّب الفكري أثناء البحث عن أقصر وأنجح وأفضل الطرق
الحضارية الموصلة لتحقيق تلك الطموحات والأهداف . ويتجلّى هذا في المنهج العلمي الواجب علينا اعتماده في قراءة ودراسة وتحليل الأحداث ، للخروج بنتائج تؤدي الى ما نصبو اليه ، اضافة الى المراجعة الدائمة والقراءة
الواقعية المحايدة دائما لتطورات الأحداث ومواكبتها بشكل مستمر ، لتطوير أفكارنا ومطالبنا ، لا الأستكانة الى ما تحقق والأكتفاء به .

فعلى المستوى الشخصي ، من الممكن أن يصيب الأنسان أو يخطأ في التشخيص ، وذلك عائد لأسباب عدة ، موضوعية وذاتية ، منهج التفكير ، تعقيدات الواقع ، الخبرة ، الموروث الثقافي ، الأنغلاق الفكري ... والخ من أسباب . ولكن ليتم تفادي وتجّنب الوقوع في أخطاء وخطايا ، ولتفادي لدغ الجحر مرتين ، يستوجب الأستفادة من  التجارب التأريخية ، للأرث الوطني والأنساني المشترك ، التي أدت الى الكوارث أو التي أدت الى استقرار وتقدم الشعوب .
فلم نسمع ، عن وجود تجربة في تأريخ الشعوب ومنذ تبلور تشكيلاتها على شكل دول وأنظمة ، ولم نسمع ، وفي كل فروع المعرفة الأنسانية ، بأن تم حل المعضلات والمشاكل والقضاء على المعوقات كلها دفعة واحدة وبوقت واحد . بل العكس ، كان ولا يزال وسيظل الأسلوب الصائب في حل المعضلات والأزمات ، هو بدراسة ارتباطها ببعضها والتأثير المتبادل فيما بينها وتأثرها بما يحيط بها من أحداث وتطورات .

فالتباين والتناقض الموجود حاليا بين أوساط أطيافنا المسيحية ، في طرح الأفكار والمقترحات والحلول ، دليل حيوية واهتمام وأثبات وجود ، ولكن الأسلوب المتعصب في أثبات صحة الفكر والمقترح والحل ، والذي يقود الى
التشتت والضعف والتشرذم ، هو الذي يضعف موقفنا أمام من يتم مطالبته في الدولة أو الأقليم .

وهذا العيب ليس فينا (كمسيحيين) فقط ، وأنّما انتشر بين باقي القوميات الأقل عددا ، كما يصفها المسؤولين في الدولة والحكومة ومجلس النواب ، ممّا أضعف اصغائهم الى المطالب العادلة للجميع .

فلكي يتم اجبار الدولة والحكومة ومجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني والأعلام ، الى الأنتباه والأصغاء ، وصياغة الحقوق في قوانين وتثبيتها في الدستور ، على جميع القوميات المستلبة حقوقها ، التوجه ، كل على حدة ، أو بالتنسيق فيما بينها ، والضغط بطرق حضارية سليمة ومستمرة ، والأبتعاد عن اجهاد الفكر الأنساني الأيجابي الخلاّق عن الأنشغال بأمور ثانوية ستجد طريقها الى الحل تباعا في مسيرة طريق حل القضايا الأساسية .

 

Counters