| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. بهجت عباس

 

 

 

الثلاثاء 8/4/ 2008



برومثيوس بين غوتـه الألماني ولورد بايرون الإنجليزي

ترجمة بهجت عباس

برومثيوس Prometheus
يوهان فـولفـغانغ غوتـه ( 1749 – 1832 )

( كان برومثـيوس ، أحد الجبابرة في الأساطير اليونانية ، قد سرق النار من الآلهة وأعطاها البشر ، فعاقبه زيوس ، كبير الآلهة، بربطه إلى صخرة مرسلاً إليه عـقابَ الجو يأكل كبده في النهار ويقوم زيوس بتجديدها في الليل. في هذه القصيدة التي نظمها غوته عام 1774 ، والتي هي جزء من مشروع مسرحية لم تكمل ، برومثـيوس يخاطب زيوس ، ويظهر أنّ العقاب جاء بعد الخطاب !).

غـط ِّ سمـاءك يا زيـوس
بسد يـم غيوم
وتمـرّنْ ، مثلَ الغلام الذي يحصد رؤوسَ الأشواك ،
على شجر السِّـنديان ومـرتفعـات الجبل !

ولكن رغم هذا يجب
أن تترك لي أرضي
وكوخي الذي لم تـبنـِه
وموقدَ ناري
الذي تحسـدني على ناره المتوهِّـجة.

لا أعرف شيـئـاً أشـدَّ بؤساً منكم
تحت الشمس أيـتها الآلهة !
أنتـمْ تـغـذّ ون هيـبْـتـَكم شَـظَـفاً
من القرابين المفروضة
وتراتيـل المـُصلّـين ،

ولسوف تتـضـوّرون جـوعاً،
إذا لم يكـنْ ثمـّة أطفال وشحّـاذون
حمقى أمل وخـّاذ.

عند ما كنت طـفـلاً ،
لم أفهـمْ شيـئاً من آخـر ،
أجَـلْـتُ بعينـي الزائـغـة
نحو الشمـس ، كما لو كان هناك
أ ُذن لتسمع شكـواي ، وقلب كقـلبي ،
ليـُزيح عني الشَّدائدَ.
من الذي سـاعد ني
من طغيان الجـبابـرة ؟
من الذي أنقـذني من المـوت ،
من العبـودية ؟
ألمْ تـُنـجزْ كلَّ شيء بنفسك ،
يا قلبي المقـدَّس الوهـّاج ؟
وفي وهـج شبابك وعطائـك ،
خـُدعتَ ، ألم تـُسبل شكر النجاة
على النائم في الأعالي ؟

أأ ُبجـِّلـُكَ ؟ لأيِّ شيء ؟
هل سكـَّنـتَ آلامـي
عنـد ما كنت أعـاني ؟
هل كفـكفـتَ عَـبـراتي
عندما كنت ُ مـكروباً ؟
ألم يسبكني إلى الطبيعة البشرية
الزمـن الجبّـار
والمصير الأزليّ ،
سـيَّـدايَ وسيِّـداك ؟

هل تتـصوَر ربـما ،
أنـني سأكره الحـياة
أهـرب إلى الصـحارى ،
لأنْ ليس كـلّ ُ
أحلامي المتـبرعمـة آتتْ أ ُكُـلَها ؟

هنـا أجلس أنـا ، وأصنع أناساً ،
حسـب مـُخـيَّـلتي ،
جنسـاً يكـون شبـيهاً بي ،
ليعـاني، ليـبكي ،
ليـتمـتع وليكـون سعـيداً ،
ولا يعيـرك اهتمـاماً
كمـثلـي !


برومثيوس
لورد بايرون (1788-1824)

أيها الجبّار ! الذي في عينيْه الأزلـيّـتـيْـنْ
تُـرى آلامُ الموتِ ،
على حقيقتـها الكئـيـبة ،
حيث ليسَتْ هي كأشياءٍ تزدريـها الآلـهةُ ؛
ماذا كانتْ إثابةُ معاناتِكَ ؟
مكابدةً صامتةً ، صلابةً ؛
الصَّخرةَ ، العُقـابَ ، والقـيْـدَ ،
كلّ ُ ذاك يقدر الشّامخُ أنْ يُحسَّ من الألم ،
الأسى الذي لا يُرِيَّـنَـه ،
شعورُ المعاناة الخانقُ
الذي ينطـِقُ ولكنْ في عزلتـه ،
وحسودٌ مخافةَ أنْ يكونَ للسّماء مُصـغٍ ، ولا يتأوّه
حتّى يكونَ صوتُه دون صدى.

الجبّارُ! إيّاكَ أ ُعطِـيَ النِّضـالُ
بين المعاناة والإرادة ،
اللتـيْن تعذّبان من حيثُ لا تستطيعان أنْ تقتلا ؛
والسَّماءُ المتعنِّـتةُ ،
وطاغي القدر الأصمّ ُ،
أصلُ الكراهية الحاكمُ
الذي خلق لمـرحـه
الأشياءَ التي قد تُـفـني ،
رفضَ حتّى استرحامَـك للموتِ ؛
الأبديّـةُ الهديّـةُ التّعيسةُ
كانتْ لكَ – وأنتَ تحمّـلتَها جيّداً.
كلّ ذاك أخذ الرّاعد منكَ بعد أنْ لَواك وعصرَكَ
ولكنّ الوعيدَ الذي بَـقِـيَ لك ألقى عليه
تباريحَ آلـةِ تعذيـبكَ ؛
المصير يُخبِرُ ما تنبّأتَ به جِـدُّ كبيرٍ
ولكنْ سوف لا يهدّئـه ؛
وفي صمتك كانتْ إدانتُـه ،
وفي روحه ندم لا يُجدي ،
وشرّ ٌ مخيف بِتَكـلّفٍ عليلٍ
ذلك أنَّ البروقَ ارتعشتْ في يـده.

جريمتك السَّماوية كانت أن تكونَ رحيمةً ،
لتسديَ أقـلَّ بمبادئك
مجموعَ الشَّـقاء البشريّ
وتقـوّيَ الإنسانَ بعقله الذي يمتلكه ؛
ولكنَّه مُبَـلبَـلٌ لكونك من أعلى ،
لا تزال في حيويّـتِـك الصّابرة،
في التحمّـلِ، ودرءٍ
لروحكَ التي لا يُنفَـذُ إليها ،
التي ما استطاعت الأرضُ ولا السّماءُ هزَّها ،
درسٌ عظيمٌ ورثناه:
إنَّك رمز وعلامةٌ
إلى أمواتٍ لمصيرهم ومقدرتهم ؛
مثـلُـكَ ، المرءُ في جزء إلهي ،
نهرٌ مضطربٌ من منبع نقيّ ؛
والإنسان في مراحلَ يستطيع أن يتوقّعَ
مصيرَه الجّنائـزيَّ ؛
تعاستَه ومقاومتَـه ،
ووجودَه البائسَ المُتفكِّكَ ،
إلى ما قد تعارضُ روحُـه
ذاتَها - وتعادل كلَّ المُكابدات ،
وإرادة متمـاسكة ، وإحساس عميق ،
حتّى في التعذيب يستطيع أنْ يرى
مكافأتَـه المركَّزةَ الخاصّة ،
منتصراً يتحدّى بجرأةٍ
ويجعل الموت نصراً.
 

كان لورد بايرون معجباً برواية ( برومثيوس المربوط) التي كتبها أيشيلوس Aeschylus (525 – 456 ق.م.) ، أحد الرواة الإغريقيين الثلاثة المشهورين ، والآخران هما سوفوكليس ويوريبيدس. تتلخص قصة بروميثيوس بأنه، كأحد الجبابرة الذين خدموا زيوس ، ابن زحل وكبير الآلهة ، رُبط بالسلاسل إلى صخرة في جبال القفقاس وجُعل النسر يأكل كبده نهارا ً، وزيوس يستبدلها ليلاً عقاباً له على تحدّيه بإعطائه البشرَ النارَ.
كان الجبابرة رمزاً للثورة أو مقاومة الطّغيان في القرن التاسع عشر في أوروبا.



 


 

Counters