| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. بهجت عباس

 

 

 

 

الخميس 7/2/ 2008

 


مصرع ثورة 14 تموز *

بهجت عباس

ثـُمً لما فُجِّـرتْ ثورة ُ تمّـوزَ العظيـمة
رقص الشعبُ وغـنّى وانبرَتْ كلّ ُعزيمة
لتصونَ الوطنَ الغـاليَ منْ كلِّ هَضيمـة
يا حُـماةَ الدار هُـبّوا هبّة َالأسْد العريمة
قـُبِـرَ العهدُ القديمْ
وتوارى في الجحيمْ
فتحتْ أبوابَها الجنة ُ
وانثـالَ النَّعـيـمْ
فهنيئا لكمُ المستقبلُ الزاهـرُ
والعيـشُ الكريمْ
أيها الشعبُ العظيمْ
حَطِّم ِالصرحَ القديمْ
إنها الحرية الكبرى وأطيابُ النسيمْ
ولتكونوا كلـُّكمْ خلف الزعيمْ
إنه عبدُ الكـريمْ
قائدُ الشعب الذي قوَّضَ أركانَ الرجيم
موقدُ الشعلةِ والأنوارِ في الليل البهيمْ
فغدتْ أسـوارُ موسكو عند مرمى البصر ِ
وتراءتْ لعيون الشعبِ جنّاتٌ بطيبِ الثمر ِ

عند هـذا خُـيِّـبَـتْ آمـالُ نـاصـرْ
فغدا يحشُـدُ جيشَ المكر منْ كل العناصرْ
وينادي العُرْبَ هَـيّا اجمعوا كل الكوادرْ
إنها الوحدة تَـمَّـتْ بين مصر ٍوالعراقْ
غيرَ أنَّ العَـقـبة َالكأداءَ يا خيرَ الرفاقْ
هيَ قاسمْ، والشيوعيون منْ أهلِ الشقاقْ
فأزيحوا كلَّ مَنْ يمنـعُـها أن تَـتحقـقْ
وأنا أرفدكمْ بالمال والقوةِ والقول المُنمَّقْ
إنً قاسمْ قسم الشعبَ العراقي فهْـوَ آثِـمْ
والشيوعيين ضدَّ الوحدة الكبرى ضراغمْ

بدأتْ أبـواقُـهُ، أبـواقُ صَـوتِ العربِ
تـنـفثُ السّـمَّ زعافاً في رذيل ِالخطبِ
فسرى الحـقدُ كـنارٍ في هشـيم الحطبِ
عند هـذا أصبح الشّـعب العراقي فئتين
فئة تبني نظاماً اُسّـُه ثورة تموز وقاسمْ
وتعادي كلَّ مـَنْ نادى بناصرْ
وبتوحيـد العواصمْ

ضمت الحزبَ الشيوعي والأقلياتِ
والكردَ وجيشَ الكادحينْ
أملا ًبالروضة الغنّـا وعبق الياسمينْ
لكن ِالأمرُ بدا ملتبساً ما بين شك ٍويقينْ
فغدتْ في الليلة الظلماء تستهدي نجومَ الحائرينْ

سيطرتْ في بادئ الأمر بعزم ٍلا يلينْ
فأذاقتْ كلً مَنْ خاصمَها مُرَّ المذاقْ
وغدا الإرهابُ يختالُ بأثواب الرفاقْ
غير أنَّ القائدَ الأوحدَ قدْ شدَّ الخَناقْ
قاصداً كبْحَ جـموع الثّـائـريـنْ
وبهذا حطَّـمَ السّـورَ الحَصـيـنْ
والذي يدرأ ُعنه هَجَماتِ الطامعينْ
ناسياً لولاهُمُ ما كان في هذا العرينْ

وهناك الفئة الأخرى من البعث الذي
التـفِّتْ حَواليْـه حشودُ الحاقدينْ
بين مخدوع ببعث العربِ
وثريٍّ قَـلِق ٍمُرتعبِ
وطَـموح ٍحالم بالمنصبِ
ويتيم ِالعهد عهدِ النّـُخَبِ

ثـُم قامتْ قلـَّة ٌكانتْ تنادي
بتَخلـّي الجيش عن حكم البلادِ
وبتسلـيم مقالـيد القـيادة
لأناس فهموا معنى السيادة
لينالَ الشعبُ عزاً وسعادة
لمْ يُعـِرْها أحد سمعاً ولا استهْوَتْ فؤادَه
فانزوتْ فوق أعالي التَّـلِّ تستجدي مِهادَه

ألـًهوا قاسمَ يا للغلطة الكبرى وسهو العابثينْ
فغدا يضرب أخماساً بأسداس وُيؤوي المعتدينْ
وهُـمُ مَـنْ نصـبوا ألفَ كمـين وكمـينْ
لينالوا الحكْمَ منْ غُـفْـلٍٍ ومغـرورٍ مُبـينْ
لكن ِالأوحدُ لمْ يُدركْ بأنَّ الأمـرَ جـِدٌ
فهُوَ الفردُ الذي ليس له مـِثـْلٌ ونـِدٌ
ولديه الشعبُ، إنَّ الشعبَ للقائد سَـنـْدُ
وهُوَ الدرع الذي يحميه إنْ صوَّبَ وغدُ
وهو السيف الذي ضرْباتُه ليست تـُصَدٌ
لكن ِالحزبُ الذي يخشى هو الحزبُ العريقْ
وهو الحزب الذي كان له خيرَ رفيق وصديقْ

فإذا أمْعـنَ في كادره سجناً وإبعاداً وضربا
فبهذا يُضعِفُ الحزبَ فـلنْ ينـتزع َالكرسيَّ غصبا
وكذا يوحي لمنْ عاداه أنْ يوليه إخلاصاً وحبّـا
فيكون الحكم للقائدِ حكماً مُستـَتـَبــّا
كان حقاً واهماً أنْ جعل الأعداءَ صحبا

غير أنّـا قد نسجناها نسيـجَ العنـكـبوتْ
وتغـلغـلـنا عمـيقاً في خلايا المَلكـوتْ
وأزحْـنا كلَّ منْ نخشى بصَمْتٍ وخُـفـوتْ
وهتـَفْنا بحياة الوطن الغالي وعزِّ الجَبروتْ
وتظاهرنا بأنّـا مع خير الزعماءْ
وبأنً الحقَّ يعلو فوق كل العملاءْ

عندما قد رجحتْ كفّـتُـنـا في المِحَـن ِ
والزعيمُ الفـذّ ُمسرور بتـلـك الفِـتـَـن ِ
يُبِـعدُ المخـلصَ، يُدني كلَّ خصْم ٍفـطِن ِ
ثـُم لما حاربَ الكردَ جميعاً في شمال الوطن ِ
أودع الأصحابَ في السَّجن بشتّى الظِّـنَـنِ
عند هذا انقلب الأمرُ عليه بعد قَطْع الرسَن ِ
انتهزناها، فكانتْ فرصة َالعمر وعُرسَ الزمن ِ ا
فركبـْناهُ قطاراً أمَـريكياً يُغِِـذّ ُالسَّـيْـرَ
عُمْـقَ الـدّ ُجُـن ِ

ثـُم كانتْ إثـرَ هـذا مـجـزرة
سال فيها الدّمُ كالنّهر بأرض مقفرة
حيثُ صار الحكْمُ حُـكماً (عفتره)
**

قـُتل القائدُ مظلوماً ولمْ يأتِ بذنبِ
يوجب القتلَ سوى الرغبةِ في إسعادِ شعبِ
إنني أشْـهدُ لوْ ظلَّ زعيماً للعـراقْ
وتخلّى كلّ ُحزبٍ عنْ أساليب النِّفاقْ
وأصمَّ السَّمعَ عن كل نشاز ٍواختلاقْ
ونأى كلّ ُرئيس أو زعيم عنْ مفاهيم العشيرة
طاوياً أحلامَه الجوفاءَ واستهدى البصيرة
وغدا يسعى لجمع الشمل في حسن سريرة
عاش هذا الشعب في جَـّنة عدن ٍووفـاقْ

كان حقاً وطنياً ونزيهاً وأبيّـا
لمْ يكنْ يؤمنُ بالأحزابِ
أنْ تحكمَ شعـباً قَـبـلـيّـا
غير أن الخطأ الأكبرَ والأمرَ الجليلا
لمْ يكنْ يعرفُ منْ كان عدواً أو خليلا
واهماً أنًهمُ لنْ يَحفـظوا إلاّ الجّميلا
وبذا يبقى زعيماً أوحداً فـذّاً نبيـلا
وهُمُ قدْ أضمروا الغدرَ به حتى يزولا
كان قد حُـذِّرَ مراتٍ فلمْ يـُجْـدِ فتيلا
كان شخصاً مستبداً وعنوداً ومَلولا
لمْ يكنْ قط سياسياً ولمْ يَقبلْ حلولا
ولذا كان ينادي أنَّـه فـوق المـيول ِ
وبأن الشعبَ خلفَ القائد الفذّ الأصيل ِ

رقص الفرعون في مصر وهنا عارفا
ذلك الغِـرّ ُالذي يَنزف حقـداً جـارفا
طائفياً وغبيّـًا كان، لا ينطِق إلا هارفا

لمْ تـَتـُمَّ الوحدةُ الكبرى ولمْ تـُنحَرْ أباعـرْ
رحل العـارف محـروقاً بتدبـير الأكابرْ
بعد هذا مَرَّغتْ صهيونُ في التّـُرْبِ
قِـوى المغـرور ناصرْ
حطَّـمتْ هيبتَه الكبرى فولّى
صاغراً بين الأصاغـرْ
ما الذي قد حصلتْ مصرُ عليه
بعد هذا منْ مفاخرْ؟
غيرَ حرمان ٍوفقر ٍورقود البؤسا
بين المقابرْ


* مقطوعة من ملحمة (دموع بغداد – عربي/إنكليزي/ألماني)
** كان العراقيون يتندرون بوصف الحكومة بهذه الكلمة. ذلك أن (ع) تعني عانة، و(ف) فلوجة، و(ت) تكريت، و(ر) راوة، و(هـ) هيت. وهذا يعني أن أعضاء الحكومة هم من هذه المدن العراقية الخمس فقط.

 

Counters