| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. بهجت عباس

 

 

 

 

الخميس 5 /4/ 2007

 



المغني الأعـمى


للشاعر الألماني هولدرلين ( 1770-1841 )
ترجمة د. بهجت عباس

أين أنتَ ، أيـّها الفتى! الـذي يوقـِظـني دوماً
في ساعة الصّبـاح ، أين أنتَ ، أيّها الضِّـياء!
القلـبُ صـاحٍ ، ولكنَّ اللـيلَ يُطـوِّقـُني
ويُـقـيِّـدُني في سحـر مُـقـدَّس على الدوام .

وطالما أصغيتُ إلى الفجر باشـتياق ،
وطالما انتـظرتُـكَ بلهـفةٍ على التّـلِّ ،
ولكنْ ليس دون طائـلٍ!
لمْ تخـدعْـني قطّ ُ، يا رفيـقي، رُسُـلُـكَ، ونسائـمُـكَ،
وكنتَ تأتي دومـاً.

أتيتَ مُـبهِجـاً المَـسالـكَ الطبيعيةَ كلَّـها بجـمالِكَ،
أينّ أنتَ، أيّها الضِّـياءُ!
القلبُ صاح ٍمرةً أخرى ، ولكنَّ اللـيلَ الذي لا ينتهي
أبداً يُطـوِّقُـنـي ويَهـصِرنـي دومـاً.

وطالما اخضَوضَرتِِ العرائـشُ لي ؛ وتـألّـقتْ
الأزهارُ لي ؛ كما تومضُ عينـايَ ،
وليست بعيدةً عني كانت سـيماءُ أحبّـائي ،
أضاءتْ لي وفَـوْقـي.

وعندما كنتُ صبيّـاً ، رأيتُ أجنحةَ السّماء
مُـتَجـوّلـةً حـول الغـابـات.
والآن ، أجلـسُ هـنا وحـيداً خاشـعاً ،
من ساعة لأخرى ولمتعةٍ خاصّة بها تصوغ مُخيّـلـتي
أشكالاً من لـذّة الأيّـام الرائـعة وعنائـها ،
وبعيداً أ ُرهِـفُ السَّـمعَ ، فَـلَـربّمـا لا يأتـي
إليَّ مُـنقِـذ عَطـوف.

ثمَّ إنّي أسمع صوتَ الرَّعـد غالـباً
في الظّـهـر ، عندما يأتي القاسي مقـترباً ،
عندما يهتـزّ بيتُـه، ويُـقَـعْـقِـعُ تحته أسـاسُـه،
والجبلُ يُـردّد الصَّـدى.

ثمَّ إنّي أسـمع المُـنقِـذَ في الليل ، إني أسمع
قاتـلاً له، المُحـرِّرَ ، باعـثاً فيه الحـياةَ ،
أسمع الرّاعـدَ من الغرب إلى الشرق
مُسـرِعاً ، وأنتِ تتـرنَّـمينَ من بَـعـدِه

وراءه، يا أوتاري! إنَّ أ ُغـنـيـتي تعـيش معه ،
وكما يَـتـبع النبعُ المُـتَـفجِّـرُ التيّـارَ ، أيـنما يفـكِّـرُ ،
كذلك يجب عليَّ المُضِـيّ ُ قُـدُماً واتِّبـاعُ
ما هو مُـؤَكَّـد ٌفي المتاهـات .

إلى أين ؟ إلى أين ؟ إنني أسـمعك هنا وهناك ،
أيّها الـرائـعُ! وكلّ ما يُحـيط بالأرض يترنّـم .
أين تنتهـي ؟ وماذا ، وما الذي
يتّجسَّـدُ فوق السّـُحُـب ، أوه وماذا عنّـي ؟

يا يومُ! يا يومُ! أنت الذي فوق الغـيوم المُتَرنِّـحة!
أنت الذي أرحِّب به! إنَّ عينـي تُـزهـرُ لك .
آه! يا ضياءَ الشبابِ! آه أيتها السعادة! القديم مرةً أخرى!
ولكـنَّـك أكـثـرَ روحانيةً تـنحدر إلى أسفلَ .

أنتَ أيّها النَّـبعُ الذَّهـبيّ ُ من الكأس المُـقَـدَّسةِ! وأنتِ ،
أيتها الأرضُ الخضراء، مَهـدَ السَّلام ، وأنتَ ،
يا بيتَ آبـائي! وأنتم يا أحبّـائي!
الذين لَـقـوني ذاتَ مرّة ٍ، أوه اقـتَـرِبـوا!

آه تعالـوا، أنـتم ، أنـتم الذين يُـْسعَـدُ بهم ،
أنتم جميـعاً ، الـذين يبـاركـكُم الرّائـي!
آه خُـذوا ما أعـاني ، خُـذوا منّي
هذه الحـياةَ ، الإلهـيَّـةَ مـن قلـبي .