| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. بهجت عباس

 

 

 

الأربعاء 16/4/ 2008



في الغربة


للشاعر الألماني هاينريش هاينه ( 1797-1856 )
ترجمة بهجت عباس


تدفعك بقوة إلى المُضِيِّ من مكان إلى مكان،
وأنت لا تعرف ولو مرّةً لماذا.
في الريح تدندن كلمة لطيفة،
وأنت تنظر حواليك مندهشاً.
************
الحبّيبةُ التي ظلَّتْ في الوراء هناك،
تدعوك بلطف أنْ تعـودَ:
أه عُـدْ، إنني أحببتكَ.
فأنتَ سعادتي الوحيدة!
************
ولكنّكَ تتابع، تتابع، دونَ استراحة،
عليك ألاّ تقفَ واجمـاً،
فما أحببتَ كثيراً جدّاً
ينبغي ألاّ تَـراه مرّةً أخرى.
************
أنتَ اليومَ حزينُ صحوةِ الضَّمير
أنني لم أرَكَ هكذا منذ أمدٍ طويل!
يقطر الدمعُ بهدوء من وجنتيكَ،
وتصبح تنهدّاتُـك مُتَصاعـدةً.
************
هل تفكِّـرُ بالوطن، هذا البعيد جداً،
الذي اختفى منك مثلَ امتداد الضَّباب؟
إعترفْ لي، أنْ توَدَّ لو كنتَ
أحياناً في الوطن الغالي.
************
هلْ تفكِّـرُ في السيّدة التي كانت ظريفةً
إلى حدِّ أنها شَرَحتْ صدرَك بمشاكسة صغيرة ؟
غالباً ما تكَـدَّرتَ، ثمَّ أصبحَتْ مسالمةً،
وأخيراً ضحكـتمـا دومـاً معـاً.
************
هلْ تفكِّـرُ في الأصدقاء، الذين هَـوَوْا هنا
على صدركَ، في ساعة عظيمة ؟
عصفتِ الخواطرُ في القلب،
ولكنَّ الفمَ ظلّ صامتـاً.
************
هلْ تفكِّـرُ في الأم وفي الأخت ؟
وقد كنتَ مع كلتيْهما في حسْنِ وِئامٍ.
أعتقد جدّاً، يا عزيـزي،
أنَّ الشَّجاعةَ الوحشيّةَ تذوب في قلبك!
************
هلْ تفكِّـرُ في الطّيور والأشجار
للحديقة الغنّاء، حيث غالباً
حلمتَ أحلامَ الحبِّ الفتيِّـةَ.
حيث تخوّفْـتَ، حيث أَمَـلتَ.
************
بيدَ أنَّ الأوانَ قد فاتَ، والليلُ مُنجَـلٍ،
مُتعكِّـرُ الضوءِ مُلَـوَّنٌ من الثّلج النَّـدِيِّ،
يجب الآنَ أنْ أرتديَ ملابسي بسرعة
وأذهبَ بصحبة رفاقٍ، وا ألمي!
************
كان لي يوماً ما وطن جميل.
تنمو السِّنديانةُ هناك عاليةً جدّاً
يُطأطِئ ُ البنفسجُ رأسَه نعاساً ويرفعه بوداعة
لقد كان حلماً.
************
قبّلتني بالألمانية، وتكلّمت بالألمانية،
(نادراً أنْ تصدِّقَ كم هو جميل إيقاع):
تلك الكلمة: " أنا أحبّـك "
لقد كان حلماً.




 


 

Counters