| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. بهجت عباس

 

 

 

الأربعاء 14/5/ 2008



بطّة البحيرات

بهجت عباس

(
نُظمت في الذكرى الخمسين لضياع فلسطين وبداية كارثة العراق )
 

يا بطّةَ العُرْبِ يا أمَّ الزَّغاريـدِ
رِقّي لنا ، نحن أبنـاءَ المناكيـدِ
نحن الذين أضاعوا كلَّ ما ملكوا
وليس ما هـو مفقـودٌ بمَردود ِ
لا نبتغي منكِ إحساناً ومَكْرُمـة
فنحن نعرفُ أخلاقَ الأجاويـدِ
لكنـَّنا ، وظلامُ اللّيل طـَوّقـنا ،
في قعْرِ داهيةٍ من قومِكِ الصِّيدِ
دارتْ علينا كؤوسُ الموتِ حاصِدةً
أرواحـَنا دون تمـييزٍ وتحديدِ
خَبتْ مصابيحُنا ، والليلُ مُعْـتَكِرٌ
فكيف نسلك درباً غيرَ مشْهودِ ؟
يا بطّةَ العُرْبِ لا نشكو إلى أحدٍ
لكنْ سئِمنا ثُغاءَ العنْزِ في البيدِ
كمْ من حروبٍ ، وكمْ من أنفسٍ زهَقتْ
وأنتِ لاهيةٌ في الزقِّ والعودِ
هذي البلادُ عليها البـومُ ناعبةٌ
والموتُ يفـتك فيها بالأماجيدِ
وقدْ رأيتِ ألوفاً منهمُ طـُمِرَتْ
بكفِّ باغـيةٍ وسْـطَ الأخاديدِ
وأنتِ لمْ تذرفي دمعاً ، ولا ارتعشتْ
منكِ الجوارحُ منْ غيْـظٍ وتنديدِ
بلْ كان قلبُكِ صَـلداً قُدَّ من حجَر ٍ
لكنَّه لسـِوانا قلـبُ مَـعْمـودِ
تبختري في رياض الورد سادرةً
ومنْ حَواليْـكِ كلّ ُالخـُرَّدِ الغيدِ
وقَرقـِري في مياهٍ جِـدِّ دافـئةٍ
ولا تبالي بمصـفودٍ ومَـوْؤودِ
وزغردي ترقصِ الدنيا مُباهـيةً
بكِ البرايا ، ويَـشْدو كلُّ غِـرّيدِ
وغازلي كلَّ أفّـاقٍ ومُـرتزِقٍ
فريشُكِ الحُـلـوُ يُغري كلَّ عِربيدِ
وإنْ تحَـدّاكِ شمْشونٌ وعصْبتُه
فطوِّقـيهمْ بحـبْلٍ غيرِ مَمسـودِ
وإنْ بدا لكِ مـنهمْ آثـمٌ أَشـِرٌ
فسَـدّدي سهْمَ ريش الذيل والجِّيدِ
وإنْ تبيَّـنْتِ منه حُسْنَ مُنطلق
فاستقبليه بـتَـرْحابٍ وتمْـجـيدِ
وقَـبِّـليهِ وضـُمّـيه بعاطفةٍ
أرقَّ من نسماتِ الفجر في العـيدِ
وصَفّـقي بجناحيْكِ اللذيْنِ هما
رمزُ السّلام ، سلامِ الشاةِ والسِّـيـدِ
وأطْلِقي وقْوقاتِ النَّصْر عنْ مَرَح
فآلُ شمشونَ في رقصٍ وتغـريـدِ
خمسونَ عاماً كحُلْمٍ مَرَّ في وَسَن
ولمْ نـزَلْ نمزجُ الشَّـكوى بتهديدِ
ولمْ يَـنَلْ منكِ تَسْهيدٌ ولا شَجنٌ
ولا غَـمرْتِ بعـطْفٍ أيَّ منْـكودِ
بلْ كُنتِ ساهيةً ، في الغيِّ لاهيةً ،
للسِّـلْمِ داعـيةً طـوْعاً لمـِرِّيـدِ
ورُحْتِ هائمةً في ظُلمةٍ حجَبتْ
مِنكِ البصيرةَ عنْ نـيْلِ المـقالـيدِ
كَـزورقٍ لعبتْ أيدي الرياحِ بهِ
فراحَ يرسـو على شُـطْـآنِ داودِ
هناكَ تجري مياهُ البحر دافـئةً
ويلـثـمُ المـوجُ فيها كُلَّ جُلمـودِ
فلا تبالي بـلومٍ راحَ قـائـلُه
يُـبَدِّدُ العُمـْرَ فيه شـَرَّ تبـديـدِ
فإنَّ هامتَكِ الشَّـمّاءَ شامـخةٌ
لها تُطَـاْطِئُ هامـاتُ الصَّـناديدِ

15– 5 – 1998

 


 

Counters