| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. بهجت عباس

 

 

 

الأحد 13/1/ 2008



قصيـدتان

راينر ماريا ريلكه
ترجمة د. بهجت عباس

السَّـجـين Der Gefangene

I
لا تـزال لِيَـدي حَـركَـةٌ واحدة فقط
بهـا تلاحـق البَـلَـلَ المتسـاقطَ
من الصّـُخـور
على الأحجـار القـديمة.

إنّني أسمع فقط هذا التَّـساقطَ
وقلبي يواصل ضرَبـاتِـه
مع وقـع تسـاقط القطـرات
ويخفت شيئاً فشيئاً بخفوتها.

إذا تسـاقطتْ بسرعَـة أكثر،
إذا جاء حيـوان مـرَّةً أخـرى،
كان مكان ما أكثرَ تـألّـُقـاً-،
ولكنْ ماذا نعـرف.

II
تخَـيَّـلْ: مـا يكون الآن سمـاءً وريحاً،
ينعش فمَـكَ بنسيمه ويجعل عينك برّاقـة،
أصـبح حجـراً حتى الموضـعَ الصَّغـيرَ
الذي يـقع قـلبُـك ويـداك عـنده.

ومـا يُسَـمّى الآن فـيك غـداً، وثُـمَّ:
و مُـؤخَّـراً وفي السَّنة القادمـة ومـا بعدهـا،
أصبح دُمَّـلَـةً فيك ملآى قـيـحاً-
تـقـيَّـحتْ فقط ومـا انـفجـرتْ.

ومـا كان في الذاكرة، أصبح ذا جنون
وهاج فيك من كلِّ جـانب
جاعلاً الفـمَ اللطيفَ الذي لمْ يضحكْ أبداً،
مُـزبِـداً من القهـقهـة.

ومـا كان إلـهـاً، أصبح فقط سجّـانَكَ
وألصَـقَ بضـراوةٍ عينـاً قـذرةً في الثقب الأخير.
ولكنّـك ما زلتَ تحيـا.

راقصة أسبانية Spanische Tänzerin

كما لو أنَّ في اليد علبةَ كبريت تقدح، بيضاءَ،
تنبعث منها ألسـنةٌ تومض في كلِّ اتِّجـاه
قبل أن تنـفـجـرَ إلى اللهيـب-: يبدأ رقصُـها
الدائـريّ باختلاج، في الدائرة التي يحيط بها
متفـرِّجون يغمرهم حماس، ولمعان وحرارة،
ثم ينتشـر في كلِّ مكان.

وفجـأةً يكـون لـهـيـباً تامّـاً شاملاً.

بومضةٍ تُـؤلِّـق شَعـرَها وهَجـاً
وتفـتـل فجـأةً بفَـنٍّ هـائـل
ثـوبَـها كلَّـه في هذا الإنفجار الوهّـاج،
ومن هـنا، كالأفـاعي المُـخـيـفة،
تَمـتَـدّ ذراعـان عاريـتان يقظـتان مُـصَلصِلتـان.

وثـمَّ: كما لو أنَّ النـارَ قد ضيَّـقتْ عليـها،
تـجمـعـه بأكـمـله وتَـخـلـعـه عـن جسدهـا
بتَـعـالٍ كبيـر، وإيـماءة مُـزدرِيـةٍ
وتـنظـر : وَهـُنـا تَضطجع بسرعة جنـونية على الأرض
وتـواصل التـوهّـجَ ولا تـريد التَّـخَـليَّ عـنـه-.
ولكنْ بانتصـار، وثِـقَـةٍ وبابتسـامة عـذبةٍ مُحيِّـيَةٍ
تـرفع رأسَـها وتختـمُـه بقـدمـين صغيرتين صـلبتيْـن.




 


 

Counters