|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء  31  / 3 / 2015                                 ئاشتي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على هامش السياسة

تمهل قليلا صديقي الجميل *

ئاشتي

"1"
مذ عرفتُ أنك ترسو بسفينتك على شاطئ فقراء بلادي، توسمتُ فيك النباهة والحب وتَجلي الحقيقة في عرينها، لأنك تزرع ليس الفرح في الروح فحسب بل تزيده ابتهاجا وغناء أسطوريا، تمضي بالذين تصطحبهم إلى دروب لازوردية، وتنثر فوق عيونهم من بنفسج روحك تلالا من الورد، لأنك تعشق الجمال بكل أصنافه، الصباحات في مقلتيك شمس ونوارس هائمات في سماء زرقاء، والمساءات بكفيك حدائق ورد ترتوي من صدق خلاياك وهي تفيض بالمحبة، تنفض عن عينيك كسل النعاس وعن ساعديك رتابة التعود وتمضي إلى بحار من العمل المتواصل رغم الفجاجة التي تحيط بك، ورغم الموج المتصاعد والماء الأجاج، رغم رياح المسعورين وسفالتهم، ورغم التخلي في الزمان النذل، أي قوة من التحدي تفيض بروحك ومن أين تأتي بكل هذا الوضوح؟

"2"
حين أنظر إلى أكثر من أربعة عقود من الأعوام مضت وأنا لا أعرف غيرك ولا أرغب أن أعرف غيرك، ربما ينتابني هاجس البحث في كل هذه السنوات عن السر في سرمدية الارتباط، هل هي حقا سرمدية؟؟ ليس هذا اعتراف من خائب أو متيم يا صديقي، لو كنت أرى أفضل وأصدق منك وأنقى منك لما ترددت في أن أقول لك سلاما.

"3"
بحيرات الحزن كثيرة يا صديقي، والصمت الذي تبتغيه كثيرا، ولكن لا ينفع الصمت لمن تتلظى مهجته حبا بك، لأن صدرك يا صديقي يتسع لهموم الجميع ، أنت علمتنا الصبر وعلمتنا أن نصغي حتى لأعدائنا، لهذا نحن نرتقي بك إلى سماء صافية تكون أنت النجم الساطع فيها، أنها سماء العراق؟

"4"
لا ريب أنت صديقي الجميل، صديقي الذي عاهدت دماء رفاقي الشهداء أن لا أتخلى عنه، وفعلا كنتُ كذلك البدوي الذي يطوف بالكعبة وهو يناجي ربه (وأن ألقيتني بالنار سأخبر أهل النار بمدى حبي لك) تريث قليلا صديقي وأجمع تفاصيل كل الذين عشقوك بين جناحيك، لأنهم لا يريدون غيرك صديقا جميلا ولا يبتغون غير أن تبقى لهم صديقا جميلا!

"5"
تمهل قليلا صديقي الجميل
فما عاد في القلب متسع للعتاب
وما عاد للروح غيرك من صاحب أو خليل،
تمهل لأبصر بغدادّ في مقلتيك تعانق دجلتها
وأسمع من شفتيك بكاء النخيل،
فلولاك كادت بلاد الجليد
تزيل من القلب وهج الطفولة
أو زهو أغنية من جنوب بلادي البعيد،
تمهل لنسقي البنفسج
قبل مجيء المساء
وقبل أوان الرحيل.

 

* نشرت هذه المادة في جريدة (طريق الشعب) يوم الثلاثاء 31 آذار 2015




 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter