|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 2/5/ 2013                                 ئاشتي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 ضياع القبور..... تلاشي الذكرى

ئاشتي

(لا يوم لدفن الموتى
كل الايام قبور
)

تمسح جبينك من عرق الخجل المتصبب من جبينك، أنت العائش الآن وترفل بكل ترف حياة الغربة، عندما يستفزك سؤال أبنة شهيد عن مكان قبر أبيها كي تضع أكليل ورد عليه، تبحث في مؤهلات تبريرك عن جواب غير مقتنع به أنت نفسك، لأنك تعرف أن لا مكان لقبر أبيها ولا لقبور رفاقه الذين استشهدوا يوم الثاني من أيار عام 1983، تلك هي المسألة...تلك هي المأساة!! المسألة أن تبحث في أسباب استشهاد ما يقارب الثمانين من خيرة ما انجبه العراق، والمأساة أن لا يكون لكل هؤلاء قبورا تتكحل عيون أبنائهم بزيارتها، وبضياع القبور تتلاشى الذكرى.

(المساء ملئٌّ برؤوس مقطعة
والصباح قبور تلك ايامها
ما الذي كان أرضا ما الذي كان فيها السماء
هو ذا نتدثر اوجاعنا
ونخوض في مهمه من دماء
)

لا ريب هي تلك اوجاعنا التي ما زالت تعيش معنا في كل لحظات حياتنا، فقد فقدنا أحبة ليس لهم من ذنب سوى أنهم يرفضون نظاما ديكتاتوريا متسلطا على رقاب شعبنا، فهل أخطأ الصديق – العدو بقتلهم؟؟ نعم أخطأ بكل عرض مساحة التاريخ، أخطأ بوسع نظافة الدم الشيوعي المهدور ظلما، أخطأ بحجم الأمال التي كان يحملها الشهداء، أخطأ بتقديراته في حجم الحب الذي يحمله هؤلاء للعراق، مثلما يحملون لكردستان، أخطأ في قتلهم لأنهم زهرات شباب العراق الذي نحلم به، أخطأ في قتلهم لأن الهمجية عنوان انتماء بعضهم.

( تلك أرض خلاسية دافنة
لا يليق بأحزانها وبأحلامها
غير تلك الثياب التي نسجتها
نجمة صابئه
)

بشتاشان نجمة تلوح في سماء الوطن، مثلما تلوح في عيون الشيوعيين العراقيين، حين تعلن عن تذأب الصديق- العدو، يقتلها الحزن الكردي عندما تتذكر كيف تم قتل الأسرى، وكيف تم قطع أصبع العروس من أجل سلب خاتم عرسها، يقتلها حزن صخورها وهي تستعيد بريق الدم الشيوعي العراقي على مساماتها، يقتلها بكاء أشجارها حين أتكأ على جذعها جريح شيوعي قبل أن يلفظ أخر انفاسه، يقتلها ذوبان الجليد على سفح قنديل ليكشف سر جسد شهيد شيوعي، يقتلها الغدر المترسب في ارواح منْ يعتقدون أنهم ينتمون إليها، بشتاشان حزينة بكل ما تحمل كلمة الحزن من آسى.

(أهنالك ماء يروي
ظمأ الماء ؟؟
)

ثلاثون عاما مرت والجريمة تنتحر عند أقدام زمن لا يعرف غير الضياع، ثلاثون عاما مرت والشهداء نتذكرهم فقط في الكلمات، ثلاثون عاما مرت والشهداء بدون شواهد ولا قبور ترمز اليهم، ثلاثون عاما والحسرات تأكل قلوب أبناء وأباء وأمهات الشهداء، حسرات من أجل أن يذرفوا دمعة عند القبر، حسرات من أجل أن يقرأوا أسم أبنهم الشهيد على شاهدة، حسرات من أجل وضع باقة ورد على القبر، ثلاثون عاما وليس (هنالك من ماء يروي ظمأ الماء) ثلاثون عاما والقبور دوارس، ستضيع هذه القبور ستتلاشى الذكرى...ستضيع هذه القبور ستتلاشى الذكرى.....ستضيع هذه القبور ستتلاشى الذكرى .
 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter