|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 28/11/ 2012                                 ئاشتي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 ما قبل السياسة

 الحب....حين يكون له مرفأ  *

ئاشتي

"الحب فتاة من خارج الحدود، لا تملك جواز مرور ديالكتيكي، لذلك سيطردها البوليس النقدي من البلاد" ماركس

ينهبك وجع السياسة من لحظات الصفاء الإنساني، فتفيض بروحك هموم سنوات عمر تداخل فيها اليأس مع التفاؤل، وانحنت على حافاتها كل التعرجات الممكنة في البراغماتية، حتى لا تزعج الكلمات الحكام، وحتى لا يفيض الكيل في قول الحقيقة، مادامت الحقيقة شجرة حنظل، لا يستسيغ مذاقها حتى الذين ينادون بها، لهذا ليس غير الحب بوابة للحياة، لأنه القادر الوحيد على إقضاض مضاجع الحكام، وهو المتحكم بكل مصائر الشعوب، بدون الحب لا يمكن أن ترسم معالم المستقبل، وبدون الحب يفقد الحكام بوصلة انتمائهم لمبادئهم، مثلما يفقدوا أمكانية تحررهم من السقوط في كراهية بعضهم البعض، والذي يؤدي دون ريب إلى كراهية شعوبهم، لهذا نرى عربات التأريخ تذهب محملة بالكثير من الحكام إلى مزبلته، وهي تحمل على عجلاتها كل لعنات الشعوب التي اكتوت بدكتاتورياتهم.

ينهبك وجع السياسة من لحظات الصفاء الإنساني، فتفيض بروحك هموم سنوات عمر تداخل فيها اليأس مع التفاؤل، وليس لك غير أن تعود إلى سن السادسة عشر، عندما كان الحب رمز سعادتك وعنوان ابتسامتك لكل شيء، وهل كان الحب غير ذلك في كل الأزمان والعصور؟ الطبيعة أحبت الإنسان فمنحته كل جمالها، والإنسان أحب الطبيعة فمنحها كل روحه، وليس غير الحب ما يجعل العطاء الإنساني دون مقابل سمة متميزة، مثلما هو العطاء الطبيعي دون مقابل أيضا، يفيض الحب الإنساني بكل عذوبة في الروح، ويخلق من الكلمات لغة جديدة، قادرة على تلوين الحياة بأجمل حروفها، متجاوزة كل حواجز الحكومات وغير الحكومات، ومخلفة ورائها صراع الحكام من أجل كراسيهم، غير نادمة على شيء، مثلما لم يندم بول أيلوار وهو يوضح ذلك في رسالته إلى حبيبته غالا) يا امرأتي الجميلة، لا يجب أن نندم على شيء أما عن حزني فإنه ولد معي، فلا تبتئسي لذلك، لم يكن حبي لك خلاصا، لكنه في الأقل الشيء الثابت والأكيد في حياتي، كل ما عداه كذب ضروري أو غير ضروري، أول فكري وآخره أنت، بدونك لا أعود أفكر إلا في الموت) هكذا هو الحب. حين يكون له مرفأ.

ينهبك وجع السياسة من لحظات الصفاء الإنساني، ولم يكن أمامك غير الهروب إلى الأمس، وأنت تتذكر "بيهاري لال" وكأنه يحدق بأيام صباك

(تشدّ نظراتهما حبلا،
من سطح إلى سطح،
دونما خوف،
والقلبان يركضان عليه،
مثل بهلوانين
)
 

*  نشرت هذه المادة في جريدة (طريق الشعب) الأربعاء 28 تشرين الثاني 2012
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter