| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ئاشتي

 

 

 

                                                                                     الأثنين 15/8/ 2011

 

 الشهيد مؤيد *
أرجوحة حب الناصرية

 ئاشتي

استفيق من نعاس الذكريات، وأحمل على وهج الأيام أرجوحة حب، هي أرجوحة حبك لمدينة تضطجع حاسرة في خاصرة الفرات، بعيدا عن إزعاجات العصر وضجيج انفعالات التردي المزمن، والتي تحيط بكل زوايا هذا الوطن المبتلى بتكالب الجشعين من أبنائه و الأغراب الطامعين في سلب خيراته، الذين لا يرغبون بغير انتشار العوسج في ربوعه، لأنه طبيعة انتماؤهم وعنفوان أبجدية حياتهم، وهو بالتأكيد عكس ما كنت تحلم به، حيث كنت تحلم بوطن يتنفس عطر النرجس في الصباحات وعبير قداح البرتقال في المساءات.
استفيق من نعاس الذكريات، فأراك هناك أول مرة، في موقع لم يمر على وجودك فيه عاما، حيث استشهد الكثير من رفاق دربك في عمل إجرامي، كان لقاءنا الأول في النصف الثاني من عام 1982، يوم جئت تحمل في روحك تلالا من التفائل، مضمخا كان تفاؤلك بعبير سخرية والدك وهو يغير كلمات الأغاني التي تمجد الديكتاتور، كنت تتنقل بين مواقع بشت ئاشان، وأنت تحمل أقلام الرصاص وورق الرسم، تريد أن تجسد معنى الجمال في تخطيطات تعوض بها ما فاتك من تخطيط للمدن، وأنت المهندس الطافح بالحب، والحالم بمدن خضراء، ترتوي من مياه دجلة والفرات، وتستفيق كل صباح على زقزقة العصافير، لهذا كانت رسوماتك تشي بذلك الحب لمهنتك في تصميم المدن، ومن تلك المدن مدينتك الناصرية، التي تتوسد شاطئ الفرات كل مساء، وتنام بكل الهدوء رغم ضجيج طائرات الحرب ومدافعها.
استفيق من نعاس الذكريات، وأنا أحاول أن أستعيد تفاصيل كل لقاءاتنا، كيف لا وأنت المتوهج بالحب ، كنت تسند ظهرك إلى صخرة وتثني ركبتيك كي تكونا مسندا لكراسة الرسم، تذهب بعيدا مع تلك الخطوط التي تهندسها على الورق، ويوم تجمع لديك العديد منها، قررت أن تقيم معرضا لها، ليس من أجل أن يعرف رفاقك كم أنت مبدع، بل لكي تساهم في تمثيل حقيقة ،أينما يكون الإنسان العاشق للحياة يكون الجمال، لهذا تنقلت به في أغلب المواقع، تدافع عن أفكارك بكل الحب الذي تحمله في روحك.
استفيق من نعاس الذكريات، تتراءى لي بكل هيافة قامتك، وأنت تسير مع رفيق دربك النصير أمين، حيث قريته باعذره، والتي يعرف كل مداخلها، وصخور وديانها، كنت سعيدا وأنت تؤدي المهمة معه، ولكن َّ سفالة الغدر حالت دون أن تتمتع بلحظات تلك السعادة، استشهد رفيقك أمين وأنت جرحت، ويبدو قد أفزعهم موج الحب في عينيك، فأطلقوا الرصاص عليك ضنا منهم سوف يطفؤه.


*
أسمه الصريح مناضل عبد العال، جرح على اثر كمين نصب له ولرفيقه أمين الذي استشهد في ناحية باعذره، وقد أعدم بعد أسره.
 


 


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

free web counter