|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  12  / 3 / 2014                                 ئاشتي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

على هامش السياسة

عندما ينتصر التأريخ لأبطاله *

ئاشتي

يطفو صمتك على جدران الحزن وأنت تلوذ بمنحنى الذاكرة، فتبصر هناك خيط دم يسيل على جبهة التأريخ، يحفر عبر مسيره علامات واضحة لا تقبل التأويل ولا تستسيغ الزيف، علامات هي في حقيقتها استدلال على بطولات اجترحها أبطال، مجدوا بذلك ليس شخصياتهم بل مجدوا التاريخ نفسه، والتاريخ هنا هو مسيرة انتماء لفكر ولشعب ووطن، ولهذا نرى التاريخ حين ينتصر لهم هو في الحقيقة ينتصر لنفسه، لأنهم أضافوا إليه ذلك البريق الذي يجعله يتجاوز كل اللطخات السوداء التي ألحقها به البعض الأخر، وشتان بين البريق واللطخات السوداء، فمثلما تشرق شمس نرى مسيرة أولئك الذين أضافوا بريقا للتاريخ، ومثلما يخيم سخط نرى ظلال أولئك الذين لطخوا التاريخ ببقعهم السوداء، وللتاريخ ليس لسان فقط بل هو يملك صولجان حكم وقرار، فيرمي البعض إلى مزبلته ويرتقي بالبعض إلى حيث الكواكب، والزمن في معيار التاريخ هو لحظة ابتداء ولحظة انتهاء، ولهذا نرى مساره رغم كل التعرجات فهو واضح المعالم، إن كان تأريخ كتابي أو شفاهي، وانتصار التأريخ لأبطاله هو تعزيز لمصداقيته مثلما هو اعتزاز بمصداقية أولئك الأبطال، والأنموذج الأوفى لهذه المصداقية هو الشهيد سلام عادل، فرغم مرور أحدى وخمسون سنة على إعدامه نرى التاريخ ينتصر له، مثلما أنتصر من قبل لسبارتكوس وعمار بن ياسر وجيفارا وقافلة الأبطال في التاريخ الإنساني.

يطفو صمتك على جدران الصمت وأنت تلوذ بمنحنى الذاكرة، فتتيقن أن شهيدا مثل سلام عادل لا يمكن أن يتجاوزه التاريخ، مثلما لا يمكن أن ينسى شعبنا تلك الوقفة الشجاعة له في أيام التعذيب التي تعرض له، والشهيد سلام عادل حسم أمره منذ أول يوم لانتمائه، وكان قراره واضحا من اضافة بريق إلى التاريخ، ولهذا كان تحمله للتعذيب أسطورة سجلها بفخر لحزبه ولشعبه وللتاريخ، وحقا من ينتصر للتاريخ لابد أن ينتصر التاريخ له، وانتصار التاريخ يتجسد بالتخليد، ولهذا بقى سلام عادل حيا في ضمير شعبنا العراقي، وأصبح رمزا للبطولة والدفاع عن مصالح شعبه ووطنه، ومن يمنح النور لشعبه يمنحه الشعب كل الحب، وهكذا كان الشهيد سلام عادل.

يطفو صمتك على جدران الحزن وأنت تلوذ بمنحنى الذاكرة، فترى ازالة الستار الذي خيم على تأريخ البطولة الشيوعية، وها هو التاريخ يتذكر تلك اللحظات التي يقف بها الشهيد على جدار البطولة مثلما يصف ذلك الشاعر اليوناني يانيس ريتسوس :

(أنه يقف أمام الجدار، في الفجر
عيناه مكشوفتان،
بينما صوبت إليه أثنتا عشرة بندقية،
أحس بهدوء أنه فتيٌّ وأنيق، وأنه كان ينبغي أن يحلق
ذقنه حلاقة جيدة،
أن الأفق البعيد الوردي الشاحب...قد أصبح هو
)
 

*   نشرت هذه المادة في جريدة (طريق الشعب) يوم الاربعاء 12 آذار 2014
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter