| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالستار نور علي

 

 

 

الثلاثاء 8/11/ 2011



برومثيوس موجوعاً

عبد الستار نورعلي

(القصيدة كُتبتْ عام 1984 وتُنشرُ لأول مرة إذا لم تخنّي الذاكرة)


مرَّ اللظى
والليلُ أوغلَ نصفُهُ في الشوقِ
والنصفُ أدارَ الخدَّ للرؤيا ووهجِ العينِ
والصمتِ المحرِّقِ صمتُهُ ،

هذا أنا ،
لا الريحُ تلوي سفني
لا الشمسُ تحرقُ منْ شراعي ، إنّني
أبحرُ فوق الصوتِ والرنينْ ،

أرتقي
سلّمَ الدمعِ ، أصولُ
بين هذا الوجعِ النابتِ أسنانَ الرزايا
في زوايا القلبِ ، أشتاقُ اليكِ
أنتِ يامبخرةَ الأشواقِ ، أنتِ
يا صهيلَ ريحِ الليلِ
في زاويةٍ ترقى العيونَ والشفاهَ والرؤيا التي
تنامُ في هواجس الرغبةِ ، تستلُّ أنينَ المحرقهْ ،

يا أيها الطالعُ في العيونِ موروثاً
يشلُّ الحبَّ والرغبةَ والتألقَ النابتَ
في قعر الضلوعْ

أزفُّ في سمائك اللونَ
أذوبُ في حرارةِ الوجدِ
أداري قمري الغارقَ في اللوعةِ
في اللهفةِ
في الحرقةِ
في مواجعِ الروحِ
لأنتِ الروحُ ، يا لغاتِ كلِّ العاشقينْ !

أشترطُ الشوقَ صدىً
في أغنياتِ الطيبينْ
أشترطُ العشقَ رؤىً
في أمنياتِ الخيّرينْ

أسطورةُ الحبِّ ذوتْ في غربةِ الحنينْ ،
الحبُّ سطرٌ منْ محيطِ الهائمينْ
لا يرتوي الظلَّ المدى الغارقُ
في دوّامةِ السنينْ ،

لمّوا البقايا منْ شرابِ الساهرينْ
كأسٌ تروحُ تذوبُ في الوجدِ
وأنفاسٌ تلي تغرقُ في مواقدِ العيونْ ،
إنّي أنا أسيرُكِ المليونُ في المليونِ يا مرارةَ الحلمِ ،
ويا دهشةَ كلِّ العاشقينْ !
إنّي أنا صوتُ الإلهِ الغارقِ الأبصارَ في بحر النتائجِ
يرتوي خفقَ الضلوعِ رؤى الأحاديثِ التي
تسبحُ في بحرِ الظنونْ ،

"إنّي أنا النايُ الذي لا تنتهي
أنغامُهُ ما دامَ في الأحياءِ" *

أغلِقْ شبابيكَ الهوى
واحملْ صدى الانسانِ
تغريبَ المكانِ
خطى الزمانِ
صخرةً فوق هوى الأحزانِ !
أغلِقْ شبابيكَ الهوى ،
ولْيزحفِ النسرُ الموشّى بالمكارهِ
واقترابِ الموتِ منْ زاويةِ الأكبادِ
والأحداقِ
والأشواقِ
والدنيا الكسيرةِ منْ طِعانِ الماهدينْ ،
أغلِقْ شبابيكَ الهوى !
ليس الهوى إلا اقترابَ القلبِ من وهجِ الصحارى
واقترابَ اللونِ منْ لونِ السهارى
والرسومِ المارقهْ ،

يا أيها الموجُ المُعبّقُ بالعيونِ المارقهْ
أنتَ اللظى والحرفُ والسيفُ الذي
يُكوَى بلونِ الحارقهْ
ضاعتْ سنينُ الوجدِ
واستلّتْ نصالُ النارِ انجيلَ الندامى القادمينْ
عبرَ الليالي والأماني والزوايا
خلفَ أشداقِ طقوس الميتينْ
العشقُ لوحٌ في كتابِ الهائمينَ النائمينْ
ما بينَ أحداقِ التواريخ التي ازدهرتْ
بوجدِ العاشقِ الولهانِ
السارقِ نارَ الشوقِ ، الغارقِ في
ولَـهِ السقاةِ الزاحفينَ على سطورِ اللونِ ،
لا العشقُ يفكُّ الرمزَ ،
لا الشوقُ يقودُ خطى السكارى
صوبَ أقداحِ المحبةِ والرؤى والدفقِ والموجِ الذي
يغرقُ في موجِ عيونِ الراقصينْ ،

راقصةٌ تعرى وتشتاقُ الى الرغبةِ
لكنْ ترتضي قمرَ الرزايا
تقبلُ الرأسَ هو المذبوحُ فوق أكفِّ عشاقِ المنايا
يرتوون الظلَّ والأرزاءَ ، سطحَ الماءِ ، حبَّ النومِ
في أجفانِ آلافِ الحروفِ السُودِ والصُفرِ وأفواهِ الذينَ
يحملون التوقَ صوبَ اللغةِ الخرساءِ والعمياءِ والعرجاءِ
لكنَّ الذي يطغى على كلِّ الردى القادمِ
عبر العينِ والدنيا ، يزفُّ الموتَ عرساً
في طقوسِ الميتينَ
هو التولُّهُ ، احتراقُ الضلعِ في نارِ التوقّعِ
في أتونِ المارقينْ ،

أغلِقْ شبابيكَ الهوى ،
يا أيها الملعونُ باللونِ ،
ويا مطعونُ بالتوقِ ،
ويا مذبوحُ بالرؤيا ،
ويا مستورُ بالأحداقِ ،
صُبَّ الكأسَ شوقاً إثرَ شوقِ
فالنبيذُ العينُ حُمى
في سرابِ الهادرينَ السمرِ والبيضِ
ولا يروونَ أخباراً عن الماضينَ والآتينَ
لا يحكونَ أصداءَ المنايا والرزايا
والمحاصيل التي اخضرّتْ على وجهِ الكريمةِ
والنديمةِ ،
أنتَ مذبوحُ هوى العشاقِ
والمرذولُ في دنيا الموداتِ
شهابُ السحبِ الداكنةِ اللونِ
ضياعُ اللونِ في اللونِ ...

السبت 12/5/1984
 

هوامش كُتبتْ اليوم
*
من قصيدة أبي القاسم الشابيّ "هكذا غنّى برومثيوس" والتي مطلعها:
سأعيشُ رغمَ الداءِ والأعداءِ
كالنسرِ فوقَ القمةِ الشمّاءِ

* استوحيتُ اسم القصيدة من قصيدة الشاعر الانجليزي شيلي (برومثيوس طليقاً) التي ترجمها الى العربية عام 1946 في كتاب بمقدمة دراسية مهمة عن الشاعر وقصيدته المرحوم الكاتب والمترجم المصري الكبير الدكتور لويس عوض . وكان الكتاب حينها في أوائل ستينات القرن المنصرم فترة اقتنائي له من أعزّ الكتب الى نفسي ، وقد استعاره مني وأنا على مقاعد الدراسة الجامعية بكلية الآداب/جامعة بغداد /قسم اللغة العربية الصديق حينها الاستاذ نوري البدران ابن البصرة الفيحاء الذي كان طالباً في قسم العلوم السياسية ، وهو أول وزير داخلية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي البغيض 2003 ، ولم يعده لي إذ انقطعت علاقتنا مع تخرجنا ، ولذا أمست من كتبي التي خرجت ولم تعدْ !

* كما أسميتُ قصيدتي المهداة الى الأديب المغربي الفذّ والمفكر الموجوع عبد الحق طوع المقيم في اسبانيا باسم (برومثيوس حبيساً) ليكون اسماً لمجموعة شعرية في انتظار الطبع وأخيراً والحمد لله !
 

الثلاثاء 8/11/2011
 

 

 

free web counter