| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الرضا المادح

 

 

 

الأحد 19/4/ 2009



ايها الشيوعيون إتّعضوا وإحذروا

عبد الرضا المادح

بعد مجيء البعث للسلطة عام 1968 ، كان بحاجة الى تثبيت اركان حكمه الذي جاء بانقلاب فوقي وبدون اسناد شعبي حقيقي. فبدأت قيادة البعث باتباع تكتيك مغازلة القوى الوطنية طمعاً بالحصول على دعمها، وذلك من خلال اتخاذ مواقف واجراءات هامة مثل بيان 11 اذار ، التأميم ، معاهدة الصداقة العراقية السوفيتية وغيرها، وبنفس الوقت مدت يد الحوار للحزب الشيوعي العراقي وباليد الاخرى مارست الضغط بالارهاب، فاغتالت يد الغدر البعثي الشهيدين القياديين شاكر محمود و محمد الخضري وغيرهم، وبدافع الحرص الوطني والنية الحسنة لطي صفحة الصراع الدموي والانتقال للنضال السلمي، وقّعت قيادة الحزب الشيوعي على ميثاق " الجبهة الوطنية والقومية التقدمية " على امل أن تتمكن وبالتعاون مع القيادة الكردية والقوى الوطنية الاخرى من تثبيت وتطوير (النهج الجديد) لقيادة البعث المنفردة بالسلطة في بغداد.

وقد قدمت قيادة الحزب الشيوعي الكثير من التنازلات للحفاظ على الجبهة الوطنية ! في حين عارض الكثير من الشيوعيين هذا النهج بل ترك منهم صفوف الحزب احتجاجاً، وحذر محبي الحزب واصدقاءه من غدر البعث وما يبيته للحزب الشيوعي والقوى الوطنية. وقد اثبتت الحياة صحة موقف المعارضين، ودفع الحزب الشيوعي الثمن غالياً، حيث شنّ نظام البعث هجمته الدموية على الشيوعيين واصدقائهم، فخسر شعبنا الالاف من خيرة الوطنيين من عمال ، فلاحين ، طلبة وكوادر علمية بين قتل وسجن وتشريد، وبهذا اثبت البعثيون حقيقتهم الفاشية الهمجية، وهذا الدرس المكرر يؤكد أن كل من لا يملك ضميراً وطنياً صادقاً لا يمكن الاطمئنان اليه.

واليوم يبدو أن المأساة قابلة للتكرار، فقد تجرع الحزب الشيوعي السم ودخل مجلس الحكم وشارك في حكومة محاصصة طائفية وبنفس النوايا الوطنية الصادقة، اي النضال السلمي للخلاص من الاحتلال وبناء عراق فيدرالي ديمقراطي موحد.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه : بيد من هي ادوات القمع للسلطة من جيش ، شرطة ، اجهزة أمن ، اجهزة مخابرات ومليشيات ؟؟

ففي ذلك الزمان كانت بيد البعث الفاشي فاحسن استخدامها بما ينسجم وايديولوجيته وفكره الشوفيني المريض.
اما اليوم فهي بيد قوى اسلامية طائفية متطرفة، تؤمن بنفس مبدأ الفكر الواحد والغاء الاخر، ناهيك عن الجانب الاخطر في ذلك وهو تغليف فكرهم و نهجهم بالطابع الشرعي الالهي المقدس !
وهذا يعني انهم ملزمون بأمر إلهي حسب ما يعتقدون بمكافحة " الافكار الشيوعية الملحدة " ليس فقط بـ " جادلوهم بالتي هي أحسن " وعلى مبدأ " لكم دينكم ولي ديني " والدعاء من الله ان يهديهم ، بل سيستغل بعضهم سلطته ليعيد ما فعله البعثيون بل واكثر ليحصل على درجة اعلى في الجنة ؟

هذا بالاضافة للصراع من اجل التشبث في كراسي السلطة، وما افرزته نتائج انتخابات مجالس المحافظات من دلالات دقت ناقوس الخطر للقوى الاسلامية الطائفية، فاعلنت النفير العام وشنت هجمة منظمة لمحاربة العلمانية والشيوعية والتي لم نلمسها قبل الانتخابات بهذا الحجم. وكان اخطرها تصريح بل تهديد و وعيد المرجع الديني في كربلاء محمد تقي المدرسي " ليعلم الجميع، بخاصة العلمانيين أن مهمتنا لم تنته بسقوط صدام حسين بل إنها بدأت بسقوطه "، كما حذر ممثل " المجلس الاسلامي" صدر الدين القبانجي في خطبة الجمعة من تغلغل " الفكر العلماني في عقول افراد المجتمع العراقي " ...! (
المصدر مقال فاضل رشاد ، الحياة 18/04/2009 والمنشور على موقع صوت العراق )، كما ورد في المقال " وتشهد النجف وكربلاء اللتان يزورهما مئات الالاف شهريا، خصوصاً بعد افتتاح مطار النجف، حملات دعائية للاحزاب الاسلامية من خلال المنابر الحسينية التي انتشرت بشكل مفاجيء خارج إطار المناسبات الدينية ."

وبمناسبة ذكرى استشهاد محمد باقر الصدر واخته بنت الهدى وذكرى وفاة محسن الحكيم، اقام حزب الدعوة والمجلس الاعلى في العمارة والنجف وكوبنهاغن حفلات خطابية تهجموا فيها على الشيوعية وبحضور ممثلي الحزب الشيوعي كمدعوين..! وفي الديوانية تحدث ممثل المجلس الاعلى الى اذاعة الديوانية مستذكرا فتوى المرجع الديني محسن الحكيم والتصدي للمد الشيوعي..! ــ قبل حوالي سنتين وفي مقابلة فضائية الفرات لرئيس المجلس الاسلامي الاعلى عبدالعزيز الحكيم ، حيث اجاب على سؤال مقدم البرنامج "عن الموقف من فتوى والدك " اجاب " انها لاتزال سارية المفعول " ...! ويعلم العراقيون ويتذكرون جيداً بأن الفتوى المذكورة هي الغطاء الشرعي لانقلاب البعث الدموي عام 1963 ...؟!

وفي شوارع البصرة ومجاناً تم توزيع كراس " محمد باقر الصدر عملاق النهضة ورائد الاصلاح..." اصدار منتدى الكوثر الثقافي ـ البصرة ـ المعقل، يتهجم الناشر فيه بشكل صريح ويدعو الى اجتثاث الفكر الشيوعي من العراق " والتصدي لراية الفساد الشّيوعي ..." ؟!

كما تم في كربلاء مداهمة معرض الكاريكاتير للفنان سلمان عبد واقتيدت رسوماته وفرّ هو من امر بألقاء القبض عليه في ظل حكومة " ديمقراطية " ودستور دائم يكفل حق المواطن في التعبير عن آرائه ؟!
كل هذه الشواهد التي وصلت الينا والكثير منها بقيت تتردد بين جدران الجوامع والحسينيات، تثبت وتؤشر الى وجود حملة منظمة تقف وراءها قيادات الاحزاب الاسلامية المهيمنة على السلطة واجهزتها القمعية، وقد تتحول في ظرف معين وفي جنح الظلام الى هجمة دموية، على شكل هجمات غادرة على مقرات الحزب الشيوعي، او على تجمعاتهم عند قيامهم بنشاطات جماهيرية وخاصة اذا كانت مطلبية، او استهداف الشيوعيين واغتيالهم، واجهزة السلطة وقضائها جاهزون لتسجيل الاعمال الاجرامية بأسم مجهول، كما حدث مع العديد من شهداء الحزب في السنوات الاخيرة واخرها استشهاد المفكر كامل شياع ...؟!

طبعاً وكتكتيك ولتطييب الخواطر يسارع البعض من قيادات الاحزاب الاسلامية من الصف الثاني والثالث الى تقديم الاعتذار وخلف الكواليس لامتصاص زعل قيادة الحزب الشيوعي وفي نفس الوقت بث الخدر فيهم، كما فعل البعثيون تماماً...!

ما العمل ؟
ارى من الواجب على الحزب اتخاذ التدابير الامنية الاحترازية ، وعلى المكتب السياسي اصدار بيان يستنكر فيه هذه الهجمة على الحزب ، ويدعو قيادة الاحزاب الاسلامية الى لقاء ليصدر منه بيان صريح يدين ويرفض هذه الاعمال الخارجة على القانون، ويتبعها توجيهات الى قواعدهم للكف عن هذه الممارسات ، وعند تكرارها على الحزب اللجوء الى القضاء لاختبار مصداقيته، طبعا هذا اذا كانت هذه الاحزاب تؤمن حقاً بالعملية السياسية السلمية، لبناء عراق حر موحد ديمقراطي فيدرالي يعمّه السلام والخير للجميع.
 


2009.04.19

 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس