| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الخالدي

 

 

 

                                                                  الأحد 6/1/ 2013



من المسؤول عن بلائنا

د. علي الخالدي  

يحتار الكثير من المهتمين بالشأن العراقي, في إختيار جواب مناسب ودقيق من عدة اجوبة, تدور في مخيلة كل عراقي, عن هذا التساؤل , منهم من يَضع المسؤولية على عاتق الشعب, ﻹختياره بدون تمحيص سياسيين, البعض منهم فهم السياسة على أنها فرصة لتحقيق مصالحه الذاتية والحزبية والطائفية, فإستَحلوا الجلوس على الكرسي, وتناسوا تحقيق ما وَعَدوا به الشعب في حملاتهم اﻷنتخابية, من تصدي لموروثات الدكتاتورية. وإصلاح ما خربته في البنية اﻹجتماعية العراقية. أن تعليل كهذا غير موفق في اﻹجابة وغير مقنع . ﻷنه يشكل أحد النتائج, وأذا ما بحثنا عن جذور أسبابها بشكل موضوعي لتوصلنا الى أن جذر البلاء هو اﻷحتلال اﻷمريكي ودول الجوار, كما اكدته أحداث ما يقرب من عشر سنوات عجاف, كون اﻷول وضع أساس انطلاق المحاصصة الطائفية واﻷثنية كنهج لنظام الحكم , بينما فَعَلت دول الجوار والدول الطامعة القريبة والبعيدة بثرواته, و باﻷعتماد على قواعدها في الداخل على ترسيخ الممارسات السلبية التي أوجدها هذا النهج, لما أحدثه من أزمات متوالية, أبقت العراق سهلا على التحكم به, والتأثير على مجريات حياته, بدليل أن الولايات المتحدة وهي المحرك اﻷساسي في اللعبة الدولية لم تحرك ساكننا ﻷخراجه من البند السابع من ميثاق اﻷمم المتحدة, كما لم تُبذل أية جدية من اشقاءه واصدقاءه, ﻷخراجه من هذا البند الذي يضعه في مواقع عهد الدكتاتورية, بالرغم من مضي سنوات على قبرها, وبقي مُعتبرا مالكا لمقومات عدوانيه يهدد بها السلم واﻷمن في المنطقة والعالم , مما يوجب وضعه تحت الحراسة الدولية, و بالرغم من وجود اتفاقية الدفاع المشترك بين الحكومتين ألعراقية واﻷمريكية , التزمت اﻷخيرة الصمت والسكوت بشكل مستمر تجاه ما يتعرض له العراق من خرق لحدوده وإلتعدي على ثرواته النفطية و مياهه اﻷقليمية, وهي (ألويلايات المتحدة)عارفة بعدم قدرته على التصدي لذلك, و مما أكدعدم ألتزامها ببنود اﻹتفاقية الموقعة . هو هذا الصمت الذي اختفت وراءه موافقتها الضمنية لهذه الخروقات, مما أضطر القائمين على الحكم ان يبحثوا عن طرق للتسلح, وبشكل مسرف على حساب حصر الخدمات التي يطالب بها الشعب, والتفكير باﻷستدانة من البنك الدولي, وبالتالي الخضوع لشروطه التعسفية التي تعادي اﻷصلاح  .

هناك عامل مساعد شجع, في اثارة النعرات والمناكفات بين القائمين على الحكم, هو الدستور الذي وضعوه حاملا لقنابل موقوته و مفرقعات (تُستخدم كما يُريدون) , أدت الى استقطاب سياسي وإنقسام إجتماعي ابعداه عن التوافقات اﻷجتماعية, و جعلوا منه غير مؤهل لتلبية وتحقيق طموحات الجماهير في الحرية والديمقراطية والعدالة اﻷجتماعية بدون تمييز, و عاجز عن تأسيس دولة القانون, التي تبني لاحقا الدولة المدنية الديمقراطية , متراجعا عن ما حققته المرأة في عهود سابقة من إهتمام بمباديء المساواة بين الرجل والمرأة وبما يعزز, ويصون حقوقها الفردية, واﻷجتماعية, .

, لقد أثيرت ملاحظات جمة في حينه , إلا أن نية تعديل الكثير من مواده المثيرة للجدل قد طمأنت الجماهير, فطغت فرحتها على إثارة عيوبه في حينه, وهرعت, للتصويت عليه بزخم. ومع مرور الزمن بدلا من تعديله, جرى التعالي عليه وإتخذت قرارت حدت من سطوته مواده على تحركات القائمين على الحكم, وجرى تفسيرها بالشكل الذي يلبي تبرير تحركهم, وكانت البداية نفي فعالية بعض مواده وعلى رأسها المادة اربعين الذي حرك أزمة كادت تقودنا الى ما لا يحمد عقباه  .

لقد أتاح الدستور للقائمين على الحكم اﻷستمرار في اﻷعتراف بشرعية المحاصصة الطائفية واﻷثنية, و تبرير الخشية و التخوف من إستمرار تصاعد, المطالب بتحقيق اﻷصلاح, مستعملين القوة المفرطة, التي ذهب ضحيتها العشرات من خائضي النضال المطلبي السلمي .

كما ولد اﻹهمال التدريجي للأحتكام الى الدستور(على عيوبه) , و إختفاء جهود اﻷطراف القائمة على الحكم ﻷيجاد مخرج للازمات التي لبدت سماء بلادنا ومع مرض صمام اﻷمان والرابط بين أنسحة المجتمع العراقي (مام جلال) الذي ابعده عن المسرح السياسي, و سقوط اﻷمطار, أنكشف عجز القائمين على الحكم, وبرزت تراكمات القصور اﻷداري الذي كان وراء عدم تحقيق ما من شأنه تطوير العمليه السياسية, والقيام بتلبية مطاليب الجماهير. و لتقويم ذلك, هبت العديد من المحافظات, طارحة مطاليبها العادلة, وبدلا من نزع فتيل التظاهرات وإيجاد مخرج للأزمة التي أحدثتها, ودرء مخاطر الفتنة الطائفية, التي يراد أثارتها من خلالها, والسعي الجاد لتطويقها وتنفيس اﻹحتقانات, جرى تجاهلها والتهديد بإستعمال القوة ﻷخمادها, كما جرى لتحرك الشباب في الخامس والعشرين من شباط قبل عامين.

لقد اثبت الواقع ان الحل اﻷمني لا يعد معالجا للقضايا المطروحة, بل الجلوس حول مائدة مستديرة بروح عراقية, وبمشاركة كل قوى شعبنا التي قارعت الدكتاتورية, تتدارس فيه جذور كافة اﻷزمات, وتضع حلول ناجعة لها, تقع في مقدمتها اجراء انتخابات مبكرة بعد تهيأة مستلزمات قواعد أجراءها ديمقراطيا, وفي مقدمتها تعديل الدستور وتخليصه من تحكم الطوائف بمواده . بهذا فقط نُعتق من البلاء الذي يكتنفنا  .
 

free web counter