| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الخالدي

 

 

 

                                                                                   الأثنين 26/9/ 2011



تقاليد لا نريد لها الاندثار

د. علي الخالدي  

تفتخر الشعوب بتاريخها , ومآثرها التي تترك بصماتها واضحة في عملية التطور الحضاري للبشرية , , ومن ضمن هذه الشعوب , شعبنا العراقي , حيث هو من اكتشف الكتابة , ونشر بها ثقافته ومبتكراته العلمية التي شملت مختلف الاصعدة . ميزوبوتاميا , هو الاسم الذي عرف به العراق في كتب التاريخ , ولا زال قسم من سكانه الحاليين هم امتداد لتلك الامم التي عاشت ما بين النهرين , أما العرب فقد حلوا بالعراق لاحقا (بعد الفتوحات الاسلامية) هكذا يقول التاريخ , وما طراء عليه من تقدم حضاري وعلمي عبر تاريخه لم يكن بمعزل عن المساهمات الخلاقة لورثة السكان الاصليين من الكلدان والاشوريين والسريان والمندائيين , ومن هذه التشكيلة تكون نسيج الشعب العراقي وتشكلت مزهريته المتعددة الالوان وتعايشت قومياته ذات الانتماءات الدينية المتعددة ايضا , بانسجام وفي جو من الامن والاستقرار التامين , في اطار الوطنية العراقية ,

كان العراقي اينما حل رافعا رأسه فارضا إحترامه بما يحيط به ومفتخرا بنسيجه الاجتماعي وما يتمتع من قابليات في تقبل وتفهم المعلومة العلمية .أحد الاساتذة الاجانب ابدى استغرابه من هذه الظاهرة لدى العراقيين بالرغم من الظروف الغير طبيعية التي يمر بها شعبهم . معزيا ذلك لانحدارهم من شعوب تراكمت لديها الثقافة والعلوم وهذا هو من مردود المكتسبات الوراثية .

لم تكن اخلاقيات العراقي بعيدة عن هذا التراث , فقد عرف بنزاهته وترفعه عن التوافه ووبهذا الشكل نال احترام الآخرين . حيث لم ار أو اسمع عن تصرفات عراقي اساء لتلك المباديء طيلة دراستي في اوروبا عندما كانت منظماتهم الطلابية محط اعجاب ذوي الشأن من المسؤولين في مجال التعليم في ذلك البلد من حيث التنظيم واﻷنضباط والنشاط الذي كان دائما يطغي على نشاط منظمات طلابية لبلدان أخرى . فهم لم ينخرطوا في الاعمال غير اللائقة والمحظورة . كانت تصرفات العراقي تحددها شروط حماية سمعة العراق أولا . كان العراقيون يشكلون عائلة واحدة فبرامجهم الترفيهية في اعيادهم الدينية والوطنية عامل جذب وتمين ﻷواصر الصداقة بينهم , تنظمها لجان باشراف المنظمة الطلابية التي كانت تستمد برامجها من المركز( اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية ) كانت اغلب نشاطاتهم تشدهم بالوطن عبر هذه الاحتفالات فلا تمر ذكرى وطنية كوثبة كانون او انتفاضة تشرين , ناهيكم عن احتفالات المنظمات الطلابية بثورة تموز المجيدة هذه الاحتفالات كانت تحشد كافة العراقيين , . كان العراقي متطرفا في عدم الاساءة لسمعة الوطن لدرجة انه كان يتفادى الاقتراب من الاماكن المشبوهة ,

فوجئت عند عودتي الى مكان دراستي بعد غياب دام أكثر من 20 عاما لاجل العمل ان امورا قد اندثرت , وتغيرت نفسية العراقي يقال ان ، الدكتاتورية الصدامية قد لعبت دورا تخريبيا فمسخت اساليبها الشخصية العراقية وزرعت الفتنة والشقاق بين الطلبة , واندثر الحماس بينهم في اعادة امجاد ونشاط منظماتهم الطلابية عبر جالياتهم التي اقتصر مهامها على الاحتفالات الدينية وبما يسمى تحرير العراق على اقل تقدير في هنغاريا . هذا على صعيد الخارج . الذي وصفته بانه ما هو الا امتداد لمظاهر التغيرات الاجتناعية والسياسية في الداخل , فقد استطاع الاحتلال ان يفتت الوحدة العراقية عبر اثارة النعرات الطائفية من خلال ادارته للحكم بعد الاحتلال فاقام حكومة مبنية على اسس طائفية امتدت جذورها عميقا في مجتمعنا العراقي الذي لم يكن يعرف مصطلح الطائفة , من قبل , وبداء المتزمتون دينيا بنشر كل ما من شأنه فرض ثقافتهم و نمط حياتهم الاجتماعية على عموم مكونات الشعب العراقي فتعرضت المكونات الدينية غير المسلمة الى مختلف الاساليب التي تحد من ثقافتهم وممارسة تقاليدهم , بل انسحب هذا حتى على قطع مصدر ارزاقهم , والاعتداء عليهم بالتصفية الجسدية , فلا يمضي يوم دون أن نسمع عن قتل أو إختطاف مسيحي أو مندائي أو يزيدي , ناهيكم عن ما حصل في كنيسة سيدة النجاة ولم نسمع ما يشير من أن القوات الامنية قد القت القبض على الفاعلين أو قامت بتحرير هذا المختطف , أو نشرت ملفات تحقيق عن اية جريمة حصدت المئات من ارواح المواطنيين العراقيين . أن هذا يدل عن عجز لازمها منذ تشكيلها على اسس طائفية فهي قد حصرت أفرادها بمذهب ديني معين لا بطوائف شجع عليه المعشعشين فيها من أزلام النظام السابق ومعادي العملية السياسية ,وإلا ما معنى معاودة تصاعد هذه الايام الانفلات الامني واستمرار مسلسل الضرب على وتر النعرات الطائفية بين مكونات الشعب العراقي , تجلى هذا بشكل منظور في الموصل الحدباء حيث يتعرض المسيحيين الى المضايقة في اعمالهم ووظائفهم ومصادر رزقهم ﻷجبارهم على هجر مناطقهم والنزوح الى مناطق آمنة وبمعرفة مسؤولي دوائرهم كما ذكر البعض الذي لا يعرف الى اين يلجاء ولمن يشكو , مما دفع بالكثير منهم ان يهجروا ارض اجدادهم ويلجاءوا الى الهجرة التي لم تكن هينة عليهم , هذا يحصل بعد مرور اكثر من تسع سنوات على سقوط الصنم دون ان نتقدم في مجال صيانة حقوق الانسان وتفعيل مواد الدستور الخاصة بالحريات الفردية والاجتماعية لا بل قد تراجعنا الى الوراء ويبدو من اننا سنواصل تراجعنا لنحتل مكاننا في آخر الصف على الصعيد الثقافي والعلمي في الوقت الذي احتللنا به الاماكن الاولى في العالم في الرشوة والفساد الاداري , أن سبب ذلك لخصه المرجع الشيعي الاعلى في لعراق . اية الله السيد علي السيستاني بان حاجة البلاد الى قادة يعملون لصالح العراق وليس لمصالحهم الشخصية أو الطائفية والمناطقية وقادرون على مواجهة التحديات التي تشكلها دول الجوار وبذلك يكون قد سحب البساط من تحت اقدام الكثيرين ممن يتبجح من انه يمشي على هدى المرجعية وما رفض استقبالهم الا دليل على استنكار المرجعية لسياستهم التي ادخلتنا في متاهات لا تحل الا باجراء انتخابات مبكرة في ظل قانون انتخابي يحرص على نزاهتها لتمثل الشعب العراقي بكافة مكوناته الوطنية والعرقية .
 


2011.09.26


 

 

free web counter