| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الخالدي

 

 

 

                                                                                السبت 26/3/ 2011

 

هلهولة بابلية في جامعة لوزان

د. علي الخالدي  

تمر خلال حياة الانسان أحداث كثيرة , يَبدأ باستعراض ما يتذكر منها في أواخر سنوات عمره التي تتميز بازدياد عشقه للحياة أكثر , لذا تراه يتعلق بها , ومن هذه الاحداث ما تجعله يفتخر بها امام ما يحيط به , ومنها ما يفتخر بها أبناء جلدته وبذلك يكون مقتنعا بما قدمه خلال سيرة حياته أو كما يقال أدى واجبه بما يستطيع ان يرفع راسه , وبصورة خاصة اذا ما تعلق منها بالاخلاص والتفوق في العمل , وتربية ابناءه علي حب العمل , ومواصلة البحث في مجال دراستهم , وبصورة خاصة إذا كانوا في الغربة , وهم يضعون في مقدمة مهامهم رفعة سمعة بلدهم من خلال التحصيل العالي والتفوق العلمي ,حيث يجري التنافس بينهم وبين نظرائهم في الدولة المضيفة , فعلى الرغم من الظروف الصعبة , التي خلقتها الحكومات الرجعية والدكتاتورية حتى شملت هويتهم الوطنية , يبقون وذويهم مشدودين بالوطن ومتطلعين لمعانات شعبهم , ذلك لما زرعته ارتباطاتهم بقواه الوطنية الحقيقية التي ابقتهم على تماس مباشر بالوطن .

فالعوائل العراقية التي تغربت , اثقل البعد عن الوطن همومهم وزاد من حمل معاناتهم , خلال تنقلاتهم من بلد الى آخر , وأول ضحايا الغربة هم الاطفال (سبق ان كتبت عن ذلك ) فالتنقلات بين البلدان ذات الثقافات المختلفة , هي نعمة وبنفس الوقت نقمة لكل افراد العائلة , نعمة الاطلاع على مختلف الثقافات , ونقمة صعوبة مواصلة دراسة الابناء , لاختلاف المناهج , واسلوب التدريس . وامام هذه الموانع , يجري التحدي للصعوبات والمعيقات , بينما يبدأ العناد , وعدم الرضوخ , والانقياد الى المغريات , التي يشاهدونها هنا وهناك ,وأخيرا ينتصر بقاء الحرص على سمعة الانتماء الوطني والسياسي وعدم المساس بهما ويستمر في احتلال اولياتهم , بينما يستمر الصراع مع المعوقات , وتزداد الدوافع لقهرها والانتصار عليها بالارادة والعزم وأخيرا يتحقق النصر بالتغلب على كل التحديات .

إن ما يزيد تلك العوائل فخرا واعتزازا , هو أن ابنائها رغم كل ذلك , قاموا بتحقيق نتائج رفعت رأس عائلاتهم , وبالتالي أسم بلدهم , حيث نسمع بين الحين والاخر عن شابة أو شاب في هذه الدولة أوتلك تفوق في هذا المجال او ذاك على اقرانه ابناء الوطن المضيف دون اهتمام سوءا من لدن الجاليات العراقية ,أو سفاراتنا التي انتشرت في انحاء العالم , بما في ذلك جزر المالديف , أما البحث عن النوابغ الشابة , ومحاولة شدهم الى الوطن فهذه مهمة لا تقع ضمن اختصاصاتها , وتبقى العائلة تغرد بطريقتها الخاصة بما حققه ابناءها . كما حصل لاحدى تلك العوائل , التى وقفت مسيرتها بعد التنقل في عدة دول عربية اجتازوا ابنائها خلالها التعليم الاولي , في احدى الدول الاوروبية وإدخلوا الجامعة , وهنا ابتدأ التحدي بين روح الشباب وتشجيع الوالدين وبين المعوقات والمشاكل التي تتولد اثناء التأقلم للبيئة الجديدة , ويبقى هنا دور الاهل الذي يجب ان يكرس لخدمة ابنائهم , وتهيئة كل ما من شأنه دفعهم للمثابرة والبذل ,الجهد المستمر بغية اجتياز المصاعب التي تكون في السنة اﻷولى والثانية من الجامعة . نعود لتلك العائلة التي استطاعت ابنتهم في آن واحد أن تنهي كليتين ( الكلية الثانية على حساب العائلة الخاص ) وتحصل على زمالة من اكاديمية علوم ذلك البلد لدراسة الدكتوراه في الوقت الذي لم تحصل بعد على الجنسيه (هكذا يُشجع المتفوقين ), وألحقت كمعيدة للتدريس في كلية الطب باللغة الانكليزية , ولما لم تكن اساليب البحث والاجهزة متوفرة لتواكب بها بحثها عن حركة الكاليسيوم في خلايا عضلات الشعيرات الدموية في القلب , بدأت بالبحث عن ممول لمواصلة بحوثها , وقد تحقق ذلك عندما منحتها الحكومة الاتحادية السويسرية الفرصة لمواصلة البحث والتدريس في جامعة لوزان , انتهت الاربع سنوات الممنوحة لها , وصادف ان حضر افراد عائلتها حفل منح ابنتهم درجة الدكتوراه , , وفي المساء جرى احتفال , قدمت به هدية الجامعة , حينها خرجت بلا شعور من حنجرة والدتها هلهولة عراقية اصيلة متوارثة من الاصول البابلية أثارت استغراب الحاضرين , واستحسانهم في الوقت نفسه , حيث جرى تصفيق حاد , اختلط علينا , هل كان التصفيق للنتيجة أم للهلهولة , وعند انتهاء المراسيم , انهالت النساء عل والدة الدكتورة الشابة , طالبين تعلم هذا الصوت الجميل الذي اصدرته الزغروطة التي تنفرد بأسلوب ادائها المرأة العراقية طالبين تعلمها , وازداد الحاح الشابات في تعلمها عندما واصلوا الاحتفال خلال السفرة الى منتجع شتوي لمدة يومين , كان حاضرا فيه العراق من خلال مائدته التي نالت استحسان المحتفلين الذين كان يربو عددهم عن 22 شابا وشابة من دول مختلفة يتمتعون بمنح دراسية في سويسرا (جامعة لوزان) , وعَلَمه الذي كان يرفر على المائدة . لقد تعلم البعض الهلهولة وجربها عندما سمع خبر اخذ من الانترنت بأن جامعة هارفارد ببوسطن قد دعت الدكتورة الشابة للتدريس في جامعتها الطبية .

أما الابن الذي تميز في الرياضيات على اقرانه مما حدا بالاستاذ النهوض اثناء الامتحان ليصافحة قائلا أنت رابع طالب اصافحة خلال سني تدريسي في الجامعة , لنجاحه بامتياز . تخرج ايضا في وقت قصير من كليتين الاولى النفط والغاز والثانية جيولوجيا . يعمل حاليا مهندس استشاري في شركة النفط الوطنية للبلد المضيف. الا يحق لابوي الدكتورة والمهندس الافتخار , وأن يرفعوا راسهم بين الاخرين الذين لم يكن يعنيهم هذا الامر ,

أن سفاراتنا مدعوة الى الاتصال بالعناوين الصحيحة وليس الركض وراء العناوين الخطأ من من وضع شهاداتهم على الرف ويتبجح بالحظ وصعوبة اللغة , فكم من دكتور اثبت جدارته في هولندا والسويد وانكلترا من خريجي الدول الاشتراكية , وقسم منهم انقطع عن العلوم الطبية ليلبي واجب الوطن في انقاذه من الدكتاتورية فالتحق بالانصار في كردستان ومع هذا اثبتوا جدارة فائقة في التغلب على الصعاب في دول اللجوء , وهم الان يحتلون مراكز يحسدون عليها من قبل نظرائهم في ذلك البلد . إن كل هؤلاء المفروض ان يكون مكانهم في الوطن الام العراق ,لكن اين هم مسؤولينا من تحقيق هكذا أمنية , لقد سألت احد اقطاب العملية السياسية وهي في بدايتها , هل هناك مشروع لديكم للاستفادة من كوادرنا في الخارج اجاب بالنفي , قلت في حينها لقد ضاع العراق.
 

free web counter