| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. علي الخالدي

 

 

                                                                                الجمعة 1/4/ 2011

 

المحاصصة من يُشَيع العملية السياسية

د. علي الخالدي  

لولا التناقضات الموجودة في جميع الاشياء التي تتكون منها الطبيعة , لما سارت الحياة بشكلها المتوازن الحالي , إنها جميعا تشكل علاقة عضوية ونظام موحد متكامل فيما بينها , فلكل شيء هناك نقيض له , فعن طريق القباحة عرفنا الجمال وعن ويلات الحرب ودمارها تطلعنا الى محاسن السلام , والعيش في أجواء تسودها المحبة والتعاون , وهكذا دواليك , وهذه المضادات لا يمكن ان تتعايش فهي في تنافر مستمر وخاصة في المجتمعات البشرية , فلا توجد ظاهرة أو أمر ما خالي من المتناقضات التي لا يمكن أن تتهادن فيما بينها , وهي المحرك الاساسي للتطور , وﻷن سادت واحدة على الاخرى لحصل خلل قد يأخذ حيز قصير أو كبير من الزمن , لكن سرعان ما يرجع الى حالته الطبيعية , فالمتضادات تستغل الفراغات المتولدة نتيجة عبث فردي أو جماعي بمكوناتها , فتحدث الفجوة في حركة الاشياء , ولمليء هذا الفراغ أو الفجوة يحدث أن يتغلب احدهما على الاخر ففي الطبيعة يحدث هذا على شكل كوارث ليس من السهل التكهن بها . كما نلاحظ في الكوارث الطبيعية , , أما على الصعيد الاجتماعي وبالاحرى السياسي , فان الفراغات , والفجوات يصنعها رجال الحكم أو قادة الاحزاب , نتيجة تنكرهم لقوانين حركة المجتمع من جهة , والركض وراء المصالح الذاتية من جهة أخرى , بالاضافة لعدم اخذ العبر والتجارب التي تمخضت عبر الصراعات بين الفئات الاجتماعية اى فقدان المعرفة المستنبطة من قوانين حركة الطبيعة والمجتمع, , فتحصل كوارث سياسية و إجتماعية يكون بالامكان تداركها والوقوف عندها , باعاقة حدوثها , وحتى وان حصلت بغفلة ما , فان هناك حلول جاهزة لمعالجتها , ومن هذا المنطلق تضع الاحزاب والقوى السياسية اهدافها التكتيكية والاستراتيجية , وتسعى لتطوير المفاهيم الموضوعية للعمل الجماعي الذي يهدف مصلحة الجميع , ويكون رادعا لخلق الفجوات بين السلطة والمجتمع , وبالضد من ذلك سعت الكتل المسيطرة بالاستحقاق الانتخابي علي زمام الامور في الوضع السياسي والاجتماعي الى خلق فجوة عميقةفيما بينها من جهة , وبين فئات مسحوقة من الشعب من جهة أخرى , التي بدورها ادركت عمق المسافة بين شعارات تلك الكتل والواقع التطبيقي لها , ومما زاد من اتساع هذه الثغرة هو فقدان ثقة الجماهير بالحكومة المحاصصاتية التي داست على مواد الدستور الخاصة بحريات التعبير والتظاهر , فهي لم تكتفي بوضع العراقيل أمام وصول من يريد التعبير عن حقه بطريقة ايصال صوته للمسؤولين , عبر وضع الحواجز والاسلاك الشائكة ومنع حركة العجلات وفي بعض المناطق منع التجول وإنما اقحمت الجيش في عملية قمع المظاهرات الذي بدوره استعمل القوة المفرطة في فضها بما في ذلك استعمال السلاح الحي , وهذه ثالث مرة يستنفر الجيش لقمع تطلعات الشعب الاولى في عهد نوري السعيد الذي لم يستجب للاوامر الصادره له وبذلك يكون قد عبر عن تلاحمه مع الشعب , هذا الموقف الذي التزم به وجسده في ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة . والمرة الثانية عندما حُول الى جيش عقائدي في زمن الدكتاتور فزجه لاخماد الانتفاضة الشعبانية , وهذه المرة الثالثة عندما اريد منه ان يحيد عن اهدافه السامية في الدفاع عن الوطن وإبعاده عن تلاحمة مع الشعب وفي إثبات هوية غير الهوية التي كان يصفه بها الشعب ,
 
فالمظاهرات التي ابتدأت في الخامس والعشرين من شباط , كانت مظاهرات حضارية , لم تتعرض للأملاك العامة , ومطاليبها لم تتعدى سقف خيمة العملية السياسية , كما انها لم تترك مجال ﻷندساس المغرضين , والمعادين لمسيرة وتطلعات شعبنا لما بعد التغيير . إلا ان مما يؤسف له أن من بيده القرار , ابدى شكوكه بقدرة وإمكانيات الشباب , ومنظمات المجتمع المدني وبكل من وقف وراء تلك التظاهرات من القوى الوطنية التي اختارت الوقوف بجانب المطاليب العادلة للجماهير وبالطرق السلمية , وكأن تجربة أكثر من نصف قرن من النضال بكيفية نيل مطاليب عادلة للشعب غير ظاهرة لكثير من السياسيين في القمة . إن ما فات قد اكد حقيقة عمق الهوة المصطنعة بين فئات واسعة من من إزدادوا فقرا , وبين من اغتني وتجبر بعد سقوط الصنم , ,مما مهد الطريق لنفوذ المعادين للعملية السياسية , ويبدو انهم حضيوا بمساعدة , أدواتهم المتغلغلة في اجهزة الحكومة , بينما لم يكن لهم وجود في صفوف المتظاهرين ,

إن اقحام الجيش لردع تطلعات الشعوب , هو الخطوة الاولى على طريق القضاء على الحكم المدني , وعسكرة النظام , فتجربة شعوب العالم الثالث وبصورة خاصة شعوب بعض الدول العربية كمصر والسودان والعراق واليمن شاخصة للعيان , حيث تسلط الحكام على الجيش وجعلوا منه اداة قمع , ووسيلة تستخدم لتحقيق اهدافهم وحاشيتهم , مما جعل استمرار وتواصل الحكم المدني مستحيلا , لان تعطش القادة للحظي بالسلطة ومسك المور ,اخضاعها لسيطرتهم يدفعهم تدريجيا حتى الى تكوين قوات خاصة يجري ربطها مباشتا بهم ليتسنى الاعتماد عليها في تنفيذ مخططاتهم لادارة دفة الحكم , وكأن ما يخوله لهم الدستور بقيادتهم العامة للقوات المسلحة غير كافي للقيام بذلك . ومن هنا تتضح النوايا في اقامة السلطة الدكتاتورية , بينما يترك العنان للفاسدين والمتلونين والمزورين حرية الحركة في العبث بشؤون البلاد السياسية والاقتصادية , ويبداء التنازل التدريجيي عن بنود بيانهم الاول , وعندما تثور الجماهير ضدهم مطالبة باإصلاح الوضع , يحاولوا ترقيعه مستخدمين نفس الاجهزة التي أوصلتهم الى هذا الوضع في عملية الاصلاح وما فسد , ولكن دون جدوى , حيث تكون الخلايا السرطانية قد انتشرت . ومهما جرى من استئصال لها , فان خلية واحدة تترك بعد فترة تنمو وتصبح كتلة يظهر تأثيرها على نشاط بقية الاجهزة , فعملية الاستئصال لا تتم بوضع شريحة على الجرح وترك ما تحت و الشريحة يتعفن فالعفو عن المزورين , واستخدام المجتثون , تبقى خلايا نائمة تستنهض عندما تحين الفرصة .

إن كل ذلك وسع الثغرات , وصعد من حدة المتناقضات التي بدأت تطفو على السطح بين تلك الكتل صاحبة النظرية الجديدة في الحكم نظرية المحاصصة التي اثبتت الاحداث فشلها وعدم امكانية السير بها لتحقيق الاهداف النبيلة التي يتطلع اليها شعبنا بعد سقوط الصنم , فمساوء اسلوب المحاصصة الطائفية في تشكيل الحكومة , التي ادت الى إزدياد معانات الشعب , وتفشي الفساد والمحسوبية , وعدم تلبية مطاليب الجماهير المسحوقة قد شُخص من قبل القوى الوطنية الحقيقية , عندما التزمت الكتل صاحبة الاستحقاق الانتخابي بغفلة من الشعب بتبني اسلوب المحاصصة في ادارة الحكم , , ومن ضمن هذه القوى الحزب الشيوعي العراقي الذي كان دائما أول المضحين , وليس من ضمن المستفيدين , فقد حذر من مغبة تشكيل الحكومة على ذلك الاساس , لمعرفته المسبقة بما تخلقه من فراغات والفجوات , حتى انها تزيد من انعدام الثقة بين اطراف المحاصصة السياسية الموجودة أصلا , فقد جاء في افتتاحية طريق الشعب في 24من شباط اي قبل اندلاع المظاهرة الاولى بيوم ....إن موقفنا ليس بنت اللحظة , فنحن نتابع , ونلمس منذ وقت غير قصير معاناة الناس , والصعوبات المتراكمة التي تسمم حياتهم , كما نلاحظ ونؤشر الثغرات الجدية في العملية السياسية , مدركين حقيقة أن جماهيرنا لم تقطف بعد ما تطلعت اليه , وما صبرت وتحملت من إجله .... الم يكن هذا كافيا لوضع النقاط على الحروف أيها السادة , ويجلب انظاركم لعواقب , العراق في غنى عنها , يامن حصدتم اعلى نسبة من ثقة الشعب عبر التصويت لكم مستخدمين وعودكم التي لم تنفذ وحس الجماهير الديني وامكانياتكم المادية وإعتمادكم على العامل الخارجي في حملاتكم الانتخابية , أن تصرفاتكم جعلت الشعب يدرك بعدالمسافة بينكم وبينه , لقد بات ملحا عليكم كما يواصل المقال الافتتاحي لطريق الشعب أن، تتوقفوا عند العملية السياسية , وتجروا مراجعة نقدية لحصيلتها .(
انتهى الاقتباس ), إن هذا لن يتم الا اذا عدلتم عن المضي قدما في طريق المحاصصة الطائفية , فهي وراء تعميق التناقضات بينكم والتي انسحب الى داخل كتلكم , وإن أستمرت فستتسع الفجوات وتتفاقم التناقضات ما لم تلجأوا الى سياسة يُؤكد فيها أن الشعب هو مصدر السلطات , وعملتم على كل ما من شأنه تلبية مطاليبه التي اعلنها شبابه عبر التظاهرات بذلك فقط تردموا لفجوات بينكم وبين الجناهير , وبعكسه فابدأوا باقامة مراسيم العزاء على العملية السياسية .
 

free web counter