| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. علي الخالدي

 

 

 

                                                                                   السبت 18/2/ 2012



الشهداء لن يغادرونا

د. علي الخالدي  

الحياة تقاس بالزمن , خلالها يعيش اﻷنسان في زمن قد لا يرحمه , مطالبا اياه ترك بصمات فيه لها قابلية ان تفرض نفسها على ذاكرة اﻷخرين , خصوصا عندما يتعلق اﻷمر بالموقف الوطني والخيار بينه وبين الموت تحت طائلة تعذيب قاسي , يُعطى لمن فقد إنسانيته , واصبح يتلذذ بآهات المعذبين ويفتخر بإسالة دماءهم صابغة ملابسه وراوية ارض الوطن , حتى ينال المُعًذَب هوية ميلاد الخلود , إن أمثال هؤﻷء قائمتهم تطول وتطول لأنهم يؤمنوم بأن الموت سيضيء الطريق للأخرين , ويمنحهم الحياة الحرة الكريمة . لقد كانت أمامهم خيارات التمتع بحياة مرفهة , إلا انهم رفضوها لأنها تكون ملازمة لخيانة الرفاق والحزب وبالتالي الوطن . ولتزايد اعدادهم مُنح حزبهم لقب حزب الشهداء .

من ضمن هؤﻷء من تعايشت رفقتي القصيرة وإياهم , منحوني خلالها أشياء خارقة للعادة , جعلوا من الوطن جسرا يربطني وذكراهم ,. إحدهم ما سبقني وتحدث عنه الرفيق أبو مخلص , إنه الشهيد الدكتور صباح الدرة , الذي عايشته عندما كان سكرتير اتحاد الشبيبة الديمقراطي العالمي ( وفدي ) فعلاوة الى ما أشار اليه الرفيق ابو مخلص من مواقف بطولية في الصمود بمقر جريدة إتحاد الشعب ليسهر على تأمين أماكن آمنه لحماية رفاقه من الهجوم البربري الصدامي على حزب الطبقة العاملة الحزب الشيوعي العراقي , أود أن أضيف الى أن الرفيق الشهيد كان يتصف بسداد الرأي واﻷمكانية الخلاقة في تربية الكادر , و نظرته الى عامل الزمن , معتبرا اياه انه قاسي لا يرحم , يجب علينا استغلاله لتحقيق ما نصبو اليه , فهو لا يعطي الفرصة إذا طال التفكيربه ,كما كان يقول , سوف لن ينتظر سيمر , بسرعة وتتأخر عن أمر آخر سيحدث , دون أن تكون قد توصلت الى حلول لما سبق, , لقد كان يزيد اﻷهتمام بالرفاق الشباب , يحثهم على ضرورة التواضع والتعود الى اﻷنصات للأخرين , وعدم التطير من اﻷفكار المغايرة والمطروحة مهما كانت بدائية . لقد كانت رسائله المحملة بأخبار الوطن واﻷرشادات , وأنا في كوبا مع مجموعة من شبيبة العالم , ناصحا إياي استغلال الوقت لتعلم اﻷسبانية , وفعلا تم ذلك بحيث في آخر فترة الدورة استعضت عن اﻷنكليزية باﻷسبانية , غادر الى الوطن بعد وصولي الى بودابست بأشهر, التقيته للمرة اﻷخيرة في مهرجان الشبيبة التاسع عام 1973 ببرلين وكان هذا آخر لقاء بعدها بسنوات سمعنا باختطافه مع آخرين أواخر عام 1979 في حينه , اتصلت بأصدقائه وزملائه في إتحاد الشبيبة الديمقراطي العالمي مطالبا اياهم بتوجبه نداء للنظام الدكتاتوري لمعرفة مصير المخطوفين وإطلاق سراحهم , هنا لعبت المصالح , وتداخلت العلاقات السياسية فحالت دون التضامن مع شعب كان يصفى وطنييه ويغيبون , تحت التعذيب.

بعد عودته للوطن عام 1972 بأيام استقبلت من حل مكانه في سكرتارية اﻷتحاد ولم يكن سوى الشهيد فهمي الحكاك. الذي كان يؤكد على مبدأ يريده أن يتحقق , مبدأه يقول إذا اردت أن تخدم حزبك وبالتالي شعبك ما عليك الأ أن تبدع في مجال عملك , وأن يكون تواجدك اينما يكون من يحتاج لخدماتك , يجب أن تصغي للآخرين , وان تطغي نشاطاتك على نشاطات المنظمات المعادية من حيث الكمية والنوعية . المعركة اليوم كما كان يقول عند تصاعد الهجوم البعثي على الحزب هي معركة تثبيت الروح الوطنية , التي تحتاج الى نهج فكري يؤمن بالديمقراطية في حياة الحزب الداخلية . ليته الآن بين صفوفنا ليرى ان ، تمنياته قد تحققت ,فالديمقراطية قد تعمقت في حياة الحزب الداخلية بتعمق روحه الوطنية المتصلة بابعادها الأنسانية والديمقراطية والإجتماعية .

أما الرفيق الثالث الذي عايشته فهو إبن القوش الباسلة الدكتور سلمان داوود جبو الذي لبى نداء الحزب وترك الحياة المرفهة في الجزائر وكانه يطلب اﻷستشهاد في سفوح كردستان من اجل عراق ديمقراطي وحكم ذاتي للكرد . لم يتحقق حلمه في أن يدفن ثراه في ارض الوطن . فعندما اتصفح البوم الصور ارى شخصه , فارضا ذكراه على ذاكرتنا المستعيدة لشريطا , لا يمحى من العلاقات الحميمية , وقابليته في تقديم المساعدة للأخرين بما فيهم من لا يروق فكره لهم . بالرغم من إدراكه من انهم كانوا يستهدفونه ضمن حملاتهم لتصفية شيوعي الخارج . , لقد كان مرحه يجعلهم يعدلون عن مخططهم ﻷيذائه .

لقد امتاز سلمان بهيأة ذات طلعة عراقية اصيلة ومميزة بين عشرات الاعراق , والتي تدل على اصوله الكلدانية , التي تأخذك الى عالم مدن العراق الاثرية بابل ونينوى ورجالاتها نبوخذ نصر وحمورابي , وترتسم امامك رغبة جامحة ﻷعادة قراءة ملحمة كلكامش. التي اهداها لي الرفيق القوشي سلمان , الذي امتاز بمرحه الذي يقارب الطفولة في براءتها  .

تربى على روح التسامح ونكران الذات ومساعدة الاخرين , دون توقع مردود منهم , وعندما يسأل لما الافراط في ذلك يجيبك هيك عَلمنَ الحزب ... كان متفاني في عمله وصراحته , وبحضوره اتسم نشاط جمعية الطلبة وبالتالي المنظمة بالحركة والنشاط . كانت مداعباته مع الاصدقاء والرفاق تمسح عن وجوههم آثار الغربة وترسم الابتسامة عليها حتى وإن كانوا مكتئبين . رفع اسم العراقيين في ذلك البلد بنشاطه الفني والثقافي , وترك بصماته على مجمل نشاطات جمعية الطلبة العرافيين في ذلك البلد .

عند وداعه , ذاهبا للجزائر لأجل العمل , ولسان حاله يقول هذا ليس موقعي , مما حدا به بعد فترة قصيرة أن يطلب الالتحاق بالانصار ليحقق حلمه في خوض النضال وإياهم في ارض الوطن ضد الدكتاتورية الصدامية .

هؤلاء غادرونا جسديا ولكنهم لم يغادرونا فكريا انهم عالقون بأفكارنا كلما ورد اسم الحزب على اسماعنا  .

الخلود لشهداء حزبنا المقدام



2012.07 .17
 

 

 

free web counter