| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان الصائغ

 

 

 

الخميس 6/10/ 2011                                                                                                   

 

الشاعر السويدي الكبير توماس ترانسترومر، حاصداً نوبل لهذا العام 2011:
 

نصوص المرايا المتقابلة

عدنان الصائغ (*)

وأنا الغريب/ أنا وحدي أعوم في الثلج/ وشفتاي قطعتان من حديد/ وعندما يضرب الليل عيني/ سأذهب إلى بيتي الصغير/ لأسهر مع الكتب/ الكتب... السرطان الذي يأكل/ أحداقي...
                                                                       حسين مردان

"حقيقتان تقتربان واحدة من الأخرى/ واحدة آتية من الداخل/ وأخرى من الخارج/ وحيث تجتمعان/ يتسنى للمرء أن يرى نفسه".
                                                الشاعر السويدي توماس ترانسترومر

"إنه لموجع عبور الجدران، وقد يُمرِض/ لكنّه ضروري؟ العالم واحد، لكنها الجدران/ جزء منك هو الجدار/ تعلم أو لا تعلم/ هو كذلك للجميع/ ما عدا الأطفال/ هؤلاء لا جدار لهم"
                                                توماس ترانسترومر أيضاً

داخل قاعة المرايا، في مسرح هيب
hipp السويدي، كانت وجوه الشعراء تتداخل وتتكرر عبر انعكاسات المرايا التي شكلت جدراناً للقاعة الكبيرة وبالتالي كانوا يبدون للناظرين، لا نهائيين عبر سلسلة تكرارهم. وهذا الجمهور الجالس، المتكرر، يبدو لهم لا نهائياً أيضاً.

هل التكرار، وهم مكرر.
وأتذكر ماكس جاكوب وهو يقول: "على قصيدة النثر أن تبتعد عن أي مقابلة على الواقع مثلاً فلا مجال للمقارنة بينها وبين أي شيء آخر لإقامة التشابه أنها لا تسعى لخلق شيء سوى ذاتها"..
هل المرايا تكررنا إذن؟.. ام نحن تكرارها؟ أم المرايا هي وهمنا، حلمنا المتواتر؟..
لكن المرايا وهي تخلق التشابه، قد تجملّه احياناً.

هكذا بدأ الأمر بالنسبة لي وأنا أدلفُ إلى هذه الصالة شاقاً طريقي وسط الطاولات التي تحلّق حولها جمهور الشعر والفرجة معاً، لأختار طاولة منعزلة، علي أستعيد وحدتي التي أفسدها التكرار في زحمة المرايا وموهتها الوجوه المتداخلة ببعضها البعض.

هل المرايا تمتهن لغة التمويه؟
أتلفّتُ بعيني، أجوب الموائد والآلات الموسيقية وثياب الفتيات مكشوفة الصدر والبطن، والبوسترات الأنيقة. وأتذكر تلك الأمسية التي جمعتني مع شلة من الأصدقاء الصعاليك، نهاية الثمانينات، حين جئنا لقراءة قصائدنا في قاعة المكتبة الوطنية، بباب المعظم. ففوجئنا أنهم أوصدوا أبوابها، بأوامر خاصة من وزارة الدفاع التي تقع مقابلها. وعبثاً حاولنا اقناع الحارس بضرورة الشعر وميشيل فوكو. لكنه تسمّر بالأوامر المشددة.
وبقينا حائرين أمام الجمهور الذي التفَّ حولنا ، لكن بلا مرايا.
فما كان إلاّ أن ألتفتُ بحثاً عن أي مسند أو مكان بديل، لأجد "تنكة" صفيح فارغة مرمية خارج السور الحديدي وقد علاها الصدأ. هرعتُ إليها لأحملها وأعود بها إلى مكان التجمع في حديقة المكتبة. ثم لنجلس عليها ونبدأ أمسيتنا الشعرية. جلس الجمهور على العشب المندّى، وبدأنا بالقراءة واحداً بعد الآخر، كأنّا نقرأ أمام مرآة الفراغ الكونية.. حقاً كانت أمسية رائعة.

جاءت الشاعرة السويدية كارين لينتز والشاعر اليوغسلافي ميلسوفيش والشاعر الإيراني علي آينيه وآخرون. جلسوا إلى طاولتي وابتدأوا جوّهم الفنتازي مع الأحاديث والموسيقى والضحك والفودكا والطعام. سألتني شاعرة كانت تجلس معنا لماذا أنا حزين دائماً..

ابتسمت في وجهها لكي لا أفسد عليهم ليلتهم مثلما أفسدوا عليّ وحدتي، خافياً تحت أبط ذاكرتي تلك الصفيحة الصدئة وبقايا عشب الأيام اليابسة ودخان الحروب، متملياً ابتسامتها الثملة تطبطب على أوجاعي بين أكواب الفودكا وغناء خافت متقطع.


احتفالية ترانسترومر تصوير ارنا

كانت المرايا تعكس أيضاً وجه الشاعر السويدي الشهير توماس ترانسترومر Tomas Tranströmer الذي أُصيب بشلل نصفي بسبب جلطة دماغية (1) أفقدته القدرة على النطق والحركة. وبعد عناء طويل مع المرض، تماثل جزءٌ بسيط منه للشفاء، وها هم أصدقاؤه الشعراء يحتفون به.


احتفالية ترانسترومر - كلمة الصائغ تصوير ارنا


مع الشاعر السويدي الكبير توماس ترانسترومر

أنظر إليه جالساً على مقربة منا وعلى محياه المحتدم سيماء الرضا والحبور والقلق والنشوة وهو يجلس أمام اثني عشر شاعراً من اثني عشر بلداً، يقرأون ترجمات قصائده باللغات: الاسبانية، العربية، الانكليزية، الفرنسية، الصربية، الايرانية، الاسلندية، الكرواتية، التركية و.. و..، هو الذي تُرجم شعره إلى أكثر من 51 لغة في العالم، ووصفه الشاعر جوزيف برودسكي (الحائز على جائزة نوبل 1987) بأنه شاعر من الطراز الأول. وقال ديريك والكوت (نوبل 1992): "إن على جائزة نوبل أن لا تتردد في منح ترانسترومر جائزة نوابل". ووصفته المجلة الفرنسية الجديدة بأنه "الشاعر الذي يحتضن العالم السحيق ويعلّمنا أن نحسّ في لعثماتنا الهازئة اختلاجات لغة لا تُنسى". وقالت عنه لجنة جائزة نيستردات العالمية بأنه "واحد من الشعراء الأكثر تفرداً في هذا العصر".. وقال عنه آخرون، وأخرون، الكثير، الكثير.

* "الحقيقةُ ملقاةٌ على الأرض
لكن لا أحد يجرؤ على التقاطها
الحقيقة تقع في الشارع
لا أحد يجعل منها حقيقته
"

* "لأن الهوامشَ تصعدُ إلى النهاية
إلى حدودها القصوى
وتفيضُ على النص
"

* "يحدثُ ولكن نادراً
أن أحداً منّا يرى الآخر في الواقع:
للحظةٍ يظهرُ إنسانٌ
كما في صورةٍ فوتوغرافية ولكن بشكلّ أوضحَ
وفي الخلفيةِ
شيءٌ ما أكبر من ظله
"

* "السيد (أكس) لا يجرؤُ على مغادرةِ شقتّهِ
سورٌ معتمٌ من أناسٍ غامضين
يَحولُ بينَهُ
وبين الأفقِ المتدحرجِ بلا نهاية
"

* "في منتصف الحياة يحدثُ أن يأتي الموتُ
ويأخذ قياسَ الإنسان. هذه الزيارةُ
تُنسى والحياةُ تستمرُ. ثمَّ تُخيَّطُ
البذلةُ بصمت..
"(2)

عندما انتهى الشعراء من تلاوة ترجمات قصائده وسط أجواء الموسيقى والأضواء، نهض من كرسيه بصعوبة وحيّا الجمهور الذي تعالى تصفيقه وصفيره المشجع أكثر وأكثر. وعكست المرايا خفق الأيدي التي حلقت كطيور ملونة في فضاء المرايا باتجاه ساحة كوستاف أدولف، متصاعدة مع زفير آلات "الموسيقيين الخمسة (3)" هناك.

قادني إليه الشاعر الاسباني البرتو موسكارو، فحياني بحبور، والتفت متحدثاً لرفيقته ولـ موسكارو إنه قرأ بعضاً من قصائدي المترجمة للسويدية وإنه سعد بها ثم أجلسني جنبه ليلتقطوا لنا صورأ تذكارية.. تركتنا المرايا وانشغلت بتكرار وميض الفلاشات بسرعة ربما فاقت لمح البصر الذي حدده هدهد سليمان، زمناً أو برهاناً لحمل عرش بلقيس إليه من اليمن..


من مسرحية قدمت على المسرح السويدي من نصوص ترانسترومر والصائغ

لكن ترانسترومر لم يكن يحلم بعرش.
كان يكفيه عرش القصيدة..
ولم يكن يحسب حساباً لنوبل، رغم استحقاقه لها أو استحقاقها له، منذ سنوات حسب تأكيدات الأكاديمية السويدية نفسها وترشيحها له لأكثر من مرة. ورغم.....
كان مشدوهاً وفرحاً بنصوصه التي تكررت بمرايا الألسن التي عكست ترجماتها بأشكال وايقاعات شتى للمستمعين(4)..
كأن بين كل مرآتين متقابلتين عالم من "مُثل معلّقة" كما يصفها السهروردي الحلبي القتيل. وبينهما تقف روح الشاعر كأنها البرزخ الذي وصفه القاشاني بـ "الحاجز بين الأجساد الكثيفة وعالم الأرواح المجردة"..
هل المرايا روح أيضاً؟
أم نص؟
وكيف يمكن تدوينه إذن؟
لكن المفكر الفرنسي جيرار جينة يقول: "إن كثيراً من النصوص تخفي وراءها نصوصاً أخرى"..
كأن المرآة متنٌ للنص، وعلى حواشيها تسيل الحروف الأخرى: شروحاً وتعليقات واضافات.
فما نراه داخلها هو الأصل لا الفصل.
وما حيوتنا خارج متن النص إلاّ سلسلة طويلة من الهوامش المثقلة بالهوامش(5)..


من مسرحية قدمت على المسرح السويدي من نصوص ترانسترومر والصائغ


قراءة لاحد نصوص الشاعر توماس ترانسترومر


2004 مالمو


- من "اشتراطات النص، ويليه، في حديقة النص"، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت 2008.




(1) حدث له ذلك في الثامن والعشرين من شهر تشرين الثاني 1990.
(2) من قصائد توماس ترانسترومر Tomas Tranströmer
(3) عمل برونزي يمثل خمسة عازفين في شارع المشي Gågatan في مالمو السويدية.
(4) مساء الأثنين 27/9/2004 في مدينة مالمو جنوب السويد ستُقام أمسية احتفالية بالشاعر ترانسترومر في قاعة Villa Ravenna يحضرها عدد من الأدباء والفنانين والصحفيين والمثقفين السويديين والعرب. بدأت بعزف على آلة البيانو قام به ترانسترومر، رغم صعوبة حركته... تلته قراءات لبعض قصائده قدمها عدد من الشباب والشابات السويديين، وعزف على آلة الكمان والناي. ثم قرأت الشاعرة الصينية أكسياو رونك Xiao Rong قصائده المترجمة إلى الصينية، ثم دُعيتْ لقراءة كلمة صغيرة قلتُ فيها :

"مرتين، التقيت هذا الشاعر الكبير المدهش توماس ترانسترومر.

الأولى في قاعة المرايا - مسرح هيب في مالمو عام 1999.

واليوم ألتقيه وأياكم.

ويا لها من مصادفة مدهشة أخرى أن تصلني في هذا اليوم بالذات 27/9 أعمالي الشعرية الصادرة في بيروت. وكنتُ قد كتبتُ في مقدمتها شيئاً عن الشاعر ترانسترومر، وذكرتُ نصه الذي يقول:

"جئتُ لألتقي ذلك الذي يرفع فانوسه،

لكي يرى نفسه فيَّ...
"

ثم قرأت قصيدتين من ديوانه الصادر بالعربية "ليل على سفر" والذي قام بترجمته صديقي الشاعر علي ناصر كنانه، وهما "بريد جوي" و"بطاقات سوداء"، وقرأ ترجمة الكلمة إلى السويدية بيكا ملركارد Pekka Mellergård مع قراءة نص القصيدتين باللغة الأصلية. وفي ختام الحفل غنت كارولين فورباكن Caroline Furbachen. ثم نهضت مونيكا Monika زوجة الشاعر ترانسترومر لتنقل نيابة عنه كلمات الإمتنان والفرح بالأمسية والقراءات والمعزوفات الموسيقية. ومما نقلت عنه قوله: "في هذا الوضع العصيب الذي يمر به العراق فإنَّ من الجميل والعظيم أن نرى ونسمع أن لا يزال الشعر حيياً ومتوهجاً فيه.. أنها قوة التحدي". وكانت قد أدارت الأمسية انّا ملركورد Anna Mellergård.

(5) هامش مضاف لاحقاً: [ في اليوم الأول من شهر ديسمبر 2006 وعلى مسرح البلاديوم Palladium أحد أقدم المسارح السويدية "1920" في مدينة مالمو، قدمت فرقة سكارابيه Skarabe ليلتها الثقافية، "Vi börjar"، احتفاءً بالشاعرين توماس ترانسترومر Tomas Tranströmer، وعدنان الصائغ Adnan Al-Sayegh. حيث امتزجت فيها القراءات الشعرية بالمسرح والموسيقى والرقص والسينما.. وتلاقى الشرق والغرب في عرض متفرد، أعده وأخرجه الفنان حسن هادي وشارك فيه – بالإضافة إلى الشاعرين – كلٌّ من الفنانين: جعفر الخفاف "عزف على آلة العود"، ونادين الخالدي "عزف على الكيتار" بتقديم مقطوعات موسيقية ووصلات غنائية مشتركة ومنفردة. كما قدم اللوحات المسرحية كلٌّ من: نيكلاس بيرم، حسن هادي، لين برندستروم. وقدمت الرقصات كلٌ من الفنانتين: عايدة الخالدي وآنا فيسر Anna Visser. وقرأت الصبية لؤلؤة حسن قصائد الشاعر ترانسترومر بلغة طفولية ساحرة، بينما ظهرت الترجمة العربية على شاشة كبيرة توسطت المسرح، وكذلك ظهرت ترجمة قصائد الصائغ إلى السويدية على تلك الشاشة مصاحبة لقراءته.

سبق هذا العرض فيلم قصير، مونتير وتصوير: أحمد الصائغ، طوله 13 دقيقة، تحدث عن سير العمل ويوميات الفنانين المشاركين من العرب والسويديين.

هذا العمل هو الإنتاج الأول للفرقة. دعاية واعلان: سيندي ايسلافاCyndee Eslava . وقد تحدثت بعض الصحف السويدية عن تلك الليلة منها صحيفة الـ Metro.

وفي خريف 2007 "12- 13 و 20 - 21" أبريل قدمت الفرقة وعلى مسرح البلاديوم عملها المسرحي "Halooooo" عن نصوص مختارة للشاعرين: ترانسترومر والصائغ، من أخراج الفنان حسن هادي وتمثيل فرقة سكارابيه.

أعضاء العرض: البين جونسون Albin Johanssonعازف بيانو، جونهانسون John Hanssonعازف كيتار، كابرييل هيرمانسون Gabriell Hermanssonعازف بزق، عزيز فاضلو Aziz Fadlouعازف بانجو - إيقاع - غناء، حسن حجيمي Hassan Houjayemiعازف إيقاع - غناء، كونيللا بوستاروف Gunilla Postaroffمطربة، هيللفي بيرسون Hellivi Perssonمطربة، أنّا توريستينسون Anna Thorstenssenعازفة جيللو - ممثلة، نادين الخالدي Nadin Al khalidiعازفة كيتار - مطربة - ممثلة، ماريان مورك Marianne Mörckممثلة، لؤلؤة حسن Loloat Hassanممثلة، حسن هادي Hassan Hadiممثل، عايدة Aidaراقصة- ممثلة، أنا فييسر Anna Visser راقصة. تقنيات التصوير: شركة WM-pro، مدير النصوير: واصف مسعدWassef Massaad ، سينوغرافيا سيندي إسلافا Cyndee Eslava، ترجمة: نادين الخالدي، ستافان ويسلاندرStaffan wieslander وبوديل جريك Bodil Greek. تدقيق ومراجعة: الشاعر ارنهسارينغ Arne Zaring- (صحيفة "الزمان" اللندنية، "التآخي" العراقية. ومواقع: إيلاف، دروب، كتابات، أقلام، النور، فضاءات، عراق الكلمة، ألف، شبكة الزوراء، وغيرها) - ].


انظر الروابط التالية:"

"Hallaaa " - مسرحية موسيقية راقصة. فكرة وأخراج حسن هادي، عن قصائد للشعراء: توماس ترانسترومر(السويد)، وعدنان الصائغ(العراق). انتاج سكارابيه 2007

"Hallaaa – "Play based on the poems of Tomas Transtromer and Adnan Al-Sayegh. Directed by Hassan Hadi and performed by actors of Skarabe, Sweden 2007.


Skarabe/ Hello - Demo

http://www.youtube.com/watch?v=_UIr9bocBAw



Skarabe/ Hello In Egypt

http://www.youtube.com/watch?v=l0e-e7Wz3Wc&feature=related

العرض هلو على مسارح دار الأوبرا/ مصر
 


Skarabe/ Hello to morroco

http://www.youtube.com/watch?v=nsqczvv7dUs&feature=related

http://abmifrani.maktoobblog.com/717581/%D9%87%D9%84%D9%88%D9%88%D9%88-%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD%D9%8A-%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%B3%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88 /

http://al-nnas.com/CULTURE/13saykh.htm




(*)
شاعر عراقي مقيم في لندن
 



 

free web counter