| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 7/2/ 2012

 

اُستاذ

امين يونس

" في سوق الجمعة ، كان رجلٌ جالس على مقعد ، وأمامه ثلاثة ثعالب ، يُريد بيعها .. فسألهُ أحدهم : بِكَم هذا الثعلب ؟ أجاب : بعشرة دنانير . سأله : وبماذا يتميز ؟ أجاب : ان ضباحه ( صوت الثعلب ) قوي وهو سريع الجَري . حسناً ، وبكم هذا الثاني ؟ قال : بعشرين دينار ! .. فسألهُ : لماذا هذا بعشرين ، ماهي مواصفاته ؟ أجاب : بالإضافة الى انه سريع الركض ، فأنه يصل الى مناطق لايصل اليها الأول ! . وهذا الأخير ، كَم سعره ؟ أجاب : هذا الثعلب ، بثلاثين دينار . إستغرب المُشتري ، وسأله : بماذا يتميز حتى يكون بهذا السعر ؟ أجاب : الحقيقة لا أعرف ، ماهي مواصفاته .. لكن هذان الثعلبان ، يناديانه ب : اُستاذ !! " .

الساحة السياسية العراقية ، تَعُجُ اليوم ، بالكثير من هذه النماذج اعلاه .. فترى ناطقاً بإسم الحزب الفلاني ، " يتمَيز " بصوتٍ جهوري طّنان ، وهو دائب الحركة ، فمن هذه الفضائية ، الى ذاك المؤتمر الصحفي ، الى ندوةٍ يُحّلِل فيها الأحداث . وكذلك تشاهد مسؤولاً ، بالإضافة الى إمتلاكه للصوت العالي ، ونشاطه وهِمّته ، فأنه يتصِف بسفراته المستمرة الى دول الجوار وعلاقاته المتشعبة مع أجهزة تلك الدول .. أما القائد ، أما الزعيم .. فكُل " مواصفاته " المعروفة ، لاتتعدى ، كَون الاول والثاني ، ينادونه : اُستاذ ! " .

نهاية الثمانينيات والتسعينيات ، كان لقب " الأستاذ " في بغداد ، يُعنى بهِ شخصٌ واحد لا غَير ، ألا وهو عُدي صدام حسين . فهو كان " الأسطة " في كُل شئ .. نابغة في سوء الخُلق والاخلاق ! ... كيفَ لا وقد تَرّبى على يد والده الأرعَنْ ، ألمَعِي في الفساد والنهب ، وقد تتلمَذّ على يد جده خيرالله طلفاح . نعم ، بعد ان أصبحَ الصبي عُدَي [ اُستاذ ] بغداد .. فقدتْ هذهِ الكلمة ، معانيها المُحتَرَمة ومقاصدها النبيلة ، كما فقدتْ هذه المدينة العريقة ، رونقها وبهاءها .

واليوم .. ولأننا لم نستطِع تجاوز طبائعنا القديمة المتعفنة التي ورثناها من العقود الماضية ، ولأننا فشلنا في بناء دولة المؤسسات لحد الآن ، ولأننا لانحترم القانون والدستور ، ولأن الفساد ينخرفينا نخراً .. فأن [ معظم ] القادة الأساتذة ، المتنفذين ، القابعين على رأس الهَرَم السياسي ، من الفاو الى زاخو ... هُم على شاكلة الثعلب رقم ثلاثة ... حيث ان جُل مواهبهم وميزاتهم .. تنحصر فقط ، في ان الثعالب الاخرى الأصغر منهم منزِلة ، تناديهم ب : سيدي ، او مولاي ، أو اُستاذ !! .

 

5/2/2012
 

 

 

free web counter