| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    السبت 4/2/ 2012

 

التسويق

امين يونس

عشرات مصانع السيارات الامريكية واليابانية والاوروبية ، الكبيرة ، تتنافسُ فيما بينها تنافساً حاداً ومتصاعداً ، لتسويق إنتاجها ... وكذا الحال ، مع كافة انواع البضائع الأخرى .. ولَعلَ من أبرز ، أهداف الإستعمار القديم التقليدي " وحتى الإستعمار الحديث التكنولوجي والمعلوماتي " .. هو إيجاد المزيد من " الأسواق " في أرجاء العالم .. فببساطة ، ليسَ هنالكَ جدوى من " الإنتاج " ، إذا لم يكن هنالك " إستهلاك " ... ولله الحَمد ، فنحنُ أي جميع دول مايسمى بالعالم الثالث أو البلدان المتخلفة او النامية .. سّمِها ماشئت .. فنحنُ مُستهلِكون ، والولايات المتحدة الامريكية واوروبا واليابان والصين ، مُصّنِعون ، ولقد لحقتْ بالأخيرة دول ، مثل البرازيل وتركيا والهند وجنوب افريقيا . إذن الصناعيون الكِبار ، لايريدون بالتأكيد ، ان تتطور الدول المتخلفة الى درجة بحيث تكون دولاً مُنتِجة وتستغني عن الإستيراد .. بل تريدها ان " تنمو " بِمقدار ان تستطيع ، تبليط بعض الطرقات والشوارع ، لكي تستورد سيارات .. ولا بأس ان تكون لها بعض المطارات ، حتى تشتري من البلدان الصناعية ، الطائرات ...

انهم يُشّجعوننا في العراق مثلاً ، على حفر المزيد من آبار النفط .. لكنهم بِمُختلف الأساليب ، لا يُريدوننا ، ان نُكّرِرَ هذا النفط الخام وان تكون لنا مصافي كبيرة حديثة .. ولا يُحّبذون ان نُطّوِر صناعة البتروكيمياويات ... فليسَ من المعقول ان لايوجد مصفى واحد في العراق " وحتى في اقليم كردستان " ، بعد تسعة سنوات من الإحتلال ، مصفى يستطيع إنتاج بنزين ذو مواصفات جيدة لايؤذي المركبات ولا يُخرب البيئة ، فحتى مصافي الدورة وبيجي ، تنتج وقوداً ذا نوعيةٍ مُتدنية بائسة .

نحنُ كما يبدو ، لازلنا مُستعدِين أن نُخْدَع .. فيعرضون علينا محاسن الحياة السهلة ، وإمكانية " إستيراد " كافة المنتوجات الزراعية والحيوانية ، بأسعار " يُقنعوننا " بأنها رخيصة .. وان الأمر لايستحق ان تتعب في الزراعة ومشاكلها وصعوباتها ، في حين ان بإمكانك ان تجلب الطماطة والخيار والدجاج والبيض ...الخ ، من دول الجوار وغيرها ، بسعرٍ أقل من تكلفته إذا أنتجته هنا في الداخل ! .. ونحن نُصّدِقِ بسذاجة وحمق .. ولا ندرك ان معظم البلدان " تحمي " زراعتها ، وتدعم فلاحيها ، بمليارات الدولارات ، لكي [[ يعملوا ]] ولا يبقون عاطلين ، وكذلك لكي يصلوا الى الإكتفاء الذاتي من المنتوجات الزراعية الاساسية ، التي هي أساس الأمن الغذائي . بينما نحن هنا ... جعلنا فلاحنا ، بسياستنا الخاطئة المميتة ، يترك أرضه ، ويتوجه الى [[ التجارة ]] ، فكل مدينة صغيرة ، فيها آلاف المحلات والدكاكين .. التي تبيع كُل شئ ، ولا شئ منها من إنتاجنا !.

إذن ، إتفقنا على ان الصناعيين الكبار ، لهم وسائل عديدة ، رُبما معظمها ، مُلتوي .. ل" تصريف " بضاعتهم ، التي نحن بحاجةٍ لها ، لأننا مُجرد مستهلكين .. لكن الطامة الكبرى ، هي في إنتاج نوعٍ من البضاعة ، خطير .. ألا وهي [ السلاح ] بانواعهِ .. فمن المعلوم ، ان مصانع السلاح العملاقة في الغرب ، وبالتماهي مع الإحتكارات النفطية .. هي التي تقود السياسة .. وهي من القوة ، بحيث انها تؤثر مباشرة على مُجريات الأحداث حول العالم .. وبحسابٍ بسيط ، وعلى إفتراض ان لا أحدَ يشتري الطائرات الحربية والصواريخ والدبابات والمدافع والبارجات والعتاد ...الخ ، فما هو مصير هذه المصانع العملاقة ، والمهندسين والعمال الذين يعملون فيها ؟ ستكون كارثة تحيق بالعالم الصناعي عموماً ، وهدماً لِرُكن من أركان النظام الرأسمالي .. ولكي لايحدث ذلك .. فمن الضروري " تسويق " هذه المنتجات بصورةٍ دَورية .. ومن اجل ان تُسّوَق ، يجب ان تقوم حروب وقلاقل ومعارك وازمات مستمرة ، هنا وهناك .. ومنذ عشرات السنين ، فأن [[ صناعة الحرب ]] ، باتتْ من الصناعات التقليدية .. وهي بحاجة الى تخطيط مُسبَق ، وبدائل مُحتملة ، وسيناريوهات عدة ، وتهيئة ظروف مواتية ، وتسويق مُبررات لإقناع الرأي العام الداخلي والخارجي .

أعتقد ان ما يجري ، حولنا .. في سوريا وايران والمنطقة عموماً .. هو مقطعٌ من الفلم أعلاه .

 

2/2/2012
 

 

 

free web counter