| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 3/4/ 2012

 

الدوائر الأمنية في العراق

امين يونس

" تصادَفَ وجود رِجُلٍ أمريكي ، مع آخرٍ عراقي .. في أحد البارات .. وكانا يجلسان على مَقعدَين مُتجاورَين .. وبعد القدح الأول ، بدأ الامريكي بالتفاخُر ، فخاطبَ جليسه : نحنُ الأمريكان اُمةٌ ديمقراطية ، الى درجة .. أنني أستطيع ان أبصق على سيارة الرئيس عندنا !.. فأجابهُ العراقي : ونحن أيضاً دولة ديمقراطية ، بحيث أنني أبولُ على باب مُديرية الامن أو المُخابرات عندنا ! .. فتعجبَ الأمريكي من ذلك .. وإستمرا يشربان ، الى وقتٍ مُتأخِر .. وقُبيل المُغادرة .. قال الأمريكي : يا صديقي ، اُريد أن أعترفَ لكَ .. بأنني بالغتُ قليلاً في أمر سيارة الرئيس .. صحيحٌ أنني أبصقُ على سيارته .. ولكن بعدَ أن تَمُر السيارة بعشرة دقائق ! . فَرَدَ العراقي : .. في الواقع ، انا أيضاً لم أخبرك بالحقيقة كُلها .. فنحنُ في بلدنا ، نبولُ .. على باب الامن والمُخابرات ... لكننا نبولُ على أنفُسنا من شِدة الخوف ! " .
ان الإنطباع السئ الذي تَرَسَخَ في ذهن المواطن العراقي ، عن الاجهزة الامنية بأنواعها .. طيلة عقود .. لهُ مُبرراته وأسبابه الواقعية .. بسبب تمادي هذه الأجهزة ، في مُختَلَف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ، ولجوءها الى أحَط الأساليب وأكثرها بُعداً عن القانون والأخلاق .. من اجل إذلال المُستَجْوَب .. سواء أكانتْ التُهَم المُوَجَهة اليهِ ، مُستَنِدة الى أدِلة وبراهين أم لا !... حيث يَصدَق الى حَدٍ ما .. القول في دوائر الأمن والإستخبارات : " .. الداخِلُ إليها مفقود .. والخارج منها مولود ! " .
إذا كانتْ جذور هذه المُمارسات المُستهجنة .. تمتدُ الى أزمان قديمة وعصور بعيدة .. فأن تقنينها وتبويبها وإضفاء نوعٍ من الشرعية عليها ، بِحجة التحقيق أو فرض القانون أو تنفيذ العدالة .. بدأ مع تشكيل الدولة العراقية الحديثة .. ومَرّ بمراحل مُختلِفة ، الى أن وصلَ .. الى ذروتهِ في ما سَمّاهُ الفاشيون " عروس الثورات " في 1963 . وتَكّرِسَ خلالَ العقود التالية ... حتى إكتسبتْ دوائر الأمن وأماكن التحقيق والإستجواب ، العلنية منها والسرية ، وحتى أحياناً مراكز الشرطة والمقرات الحزبية .. سُمعةً بالغة السوء وصيتاً مُرعِباً !... " وحتى في أقليم كردستان الذي تَخّلَصَ من سيطرة صدام مُبَكراً وحصل على إدارة ذاتية واسعة منذ 1991 ، فأن الدوائر الأمنية مابرحتْ تستخدم في كثيرٍ من الأحيان ، وسائل مُستقاة من النظام الفاشي المقبور ، في سبيل الحفاظ على السُلطة والحَد من أي مُعارَضة جدية " ، رُبما تكون درجة العنجهية والتَجّبُر في الدوائر الأمنية في الأقليم ، أقل من مثيلاتها في بقية العراق ، لكنها على أية حال ، غير مُلتزمة بالمهنية والحيادية في تطبيق القانون بِشكلٍ كافٍ .
وبعد التغيير في 2003 .. إنهارتْ هذهِ الأجهزة الأمنية عن بكرة أبيها .. وجرى تشكيل مؤسسات أمنية جديدة ، من المفروض ان تُواكب العهد الجديد ، وتُقام على اُسُسٍ مُختلفة ، وضوابط تُراعي الإلتزام بحقوق الانسان والقوانين الدولية وشرائع الأمم المتحدة .. وحصلَ ذلك فعلاً [ من الناحية الشكلية ] .. لكن سُرعانَ ما عادتْ مظاهر القمع والإستبداد والتعذيب بأنواعه ، والضغط على الأقارب والترويع والتهديد .. لتتصدر المشهد الامني .. وتصاعدتْ وتيرة الإنتهاكات المُرتَكَبة مِنْ قِبَل الاجهزة الأمنية .. وجرى تسييسها وجعلها تدريجياً ، مُدافعة ليسَ عن أمن الوطن والشعب ، إنما عن أحزاب متنفذة في السلطة ، وعن مصالح هذه الاحزاب . ان [[ ثقافة ]] القمع والتَسّلُط والإستبداد .. مازالتْ هي الرائجة فعلاً ، في اوساط الأجهزة الامنية العراقية للأسف .
.......................................
وما زالَ الكثير من العراقيين ، يبولونَ على أبواب دوائر الأمن والمُخابرات .. ولكن !

 

2/4/2012
 

 

 

free web counter