| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الجمعة 2/3/ 2012

 

الذي يَستَحِق العَيش

امين يونس

" سألَ المُراجعُ الطبيبَ : دكتور ، هل من الممكن حسب حالتي الصِحية ، ان اُعّمِرَ حتى أبلغ التسعين ؟ .. قال له الطبيب : سأسألك بعض الأسئلة ، ثم أجيبك . هل تُدّخِن ؟ كلا على الإطلاق . هل تشرب الخمر ؟ لم أذقهُ في حياتي . هل تسهر مع اصدقائك ؟ ليسَ عندي أصدقاء في الواقع . هل تعشق فتاة ، هل تسهر مُفّكراً فيها ؟ كلا ، بتاتاً . هل تلعب القمار ؟ لاأعرف أي شئ عنه . هل تُسافر كثيراً ، هل عندك هوايات ؟ في الحقيقة لا أفعل ، وليس عندي أية هوايات . هل عندك أهداف عظيمة تُريد أن تُحّقِقها ؟ لا ، ليسَ عندي . قال الطبيب بعصبيةٍ واضحة : إذن ، أيها الأحمق ، إذا لم يكن عندك أي من هذه الصفات ، ما الفائدة من ان تُعّمِر ؟! " .
تَمّسُكَنا نحن العراقيين ، بالحياة ، يشبه الى حدٍ ما ، رغبة صاحبنا أعلاه ... فَمعظم حياتنا ، قضيناها ، خائفين من الحاكم ، مرعوبين من الاجهزة الأمنية ، متقَوقعينَ في بيوتنا ، هرباً من شرطي الأمن ، او الرفيق الذي سيقودنا الى الجيش الشعبي ، أو أقبية التعذيب .. أو معسكرات الإذلال وإمتهان الكرامة .. شَربنا الحيطة والحَذّر مع حليب الرضاعة ، إتقاءاً لِلشَر القادم في أية لحظة ومن أي مكان ... هذا كان حالنا " وما زالَ كذلك بدرجةٍ او بأخرى " ... وقسمٌ آخر مِنّا .. هاجرَ رغماً عنه ، إن لم يكن لشئ ، فعلى الأقل للبحث عن الأمان وبعض الإستقرار وشئ قليل من الكرامة الإنسانية ، المفقودة في بلدنا .
هل تستحقُ هذه الحياة ، وسط مُستنقع الفساد المُستشري اليوم ان تُعاش ؟ هل ينبغي التمسُك بأهداب العيش الذليل ، بين اللاعدالة والظُلم وسوء التوزيع وتفّشي العُنف ، وخِسّة ونذالة أولي الأمر ؟ ... نعم ، نستَحِق ان نعيش ، في حالةٍ واحدة فقط ، أن نتخلى عن السلبية ، أن نترك اللامُبالاة .. أن ننبذ الكَسَل والانانية .. أن نقولَ بصوتٍ عالٍ للمُخطئ : أنتَ مُخطئ . أن نصرخ في وجه الفاسد : أنتَ فاسد وسارق وناهب .. مَهما يَكُن هذا المُخطئ أو الفاسد ، ومَهما حملَ قبلَ أسمه من ألقاب ورُتَب .. فالمسئ الى الشعب والمصلحة العامة ، لايستَحق إلا الردع وجّرهِ جّراً الى القضاء لينال جزاءه العادل . المُستكين والخانع ، لايستحق ان يُعّمِر ، مثل صاحبنا أعلاه الذي سأل الطبيب .. والمُطالِب بالعدالة وبحقوقه المشروعة والمُكافِح من أجلِ غدٍ أفضل ، هو الذي يستحِق العيش الكريم .
..........................
إهِ لو تعلمون مدى قُوة كلمة الحَق ، إذا قيلتْ بِصدقٍ وشجاعة .
 

1/3/2012
 

 

 

free web counter