| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الخميس 29/2/ 2012

 

المسؤولين العراقيين وشَجرة الجّنَة

امين يونس

" في قاطع العراق ، داخل الجّنة ، كانتْ هنالك شجرة كبيرة ، تتساقطُ منها الأوراق بين حينٍ وآخر .. مّرَ مَلَكٌ من هناك ، فتسائَل عن هذه الشجرة ، وسِرّ تساقط الأوراق منها ... فقالَ لهُ الحارس : .. كُلما قامَ مسؤولٌ عراقي كبير ، بالسرقة او النهب او خيانة الأمانة ، تسقط ورقة من هذه الشجرة ! .. اُنظر الكومة العظيمة من الاوراق المتراكمة خلال السنوات الماضية . قالَ المَلَك : هل هي شجرةٌ واحدة أم شجرتان ؟ أجاب الحارس : انها بالأصل شجرة واحدة ، ولها جذور مُشتركة ، ولكنها على شِكل فِرعَين ، وكما ترى ، فأن الاغصان مُتشابكة بصورةٍ كبيرة ، بل ان هنالك ما يشبه السباق ، فكُلما سقطتْ ورقة من هذا الفرع ، سُرعان ما تسقط واحدة من الفرع الآخر ! " .

نعم ، فهذهِ الوزارة ، وزيرها عربي سُني ، ووكيل الوزير كُردي ، وتلك وزيرها كُردي ونائبه عربي شيعي ، والرأس الكبير شيعي ونوابه سُنة وكُرد ، وهكذا دواليك . والكُل متواطئون في إرتكاب جرائم الفساد الكبيرة بأنواعها ، والجميع يعرفون حق المعرفة ، ما آلتْ إليه مئات مليارات الدولارات خلال السنوات التسعة الماضية ، وخلافاتهم ليستْ على أصل المُشكلة ، ولا على إظهار الحقيقة ، ولا على تشخيص الناهب والسارق ، ولا على مُحاسبة الجاني ... بل ان كُل الحكاية .. هي ان أفراد العصابة " مثل أي فلم كاوبوي تقليدي ، أو قصص المافيات العائلية " ... يتعاركون فيما بينهم ، على [[ الحصص ]] ! .. فيصدف ، ان أحد أعضاء العصابة المافيوية ، يطمع ، ويأخذ أكثر من حصته من " الغنيمة " ، فيثور عليه الآخرون ، ويُحاولون بشتى الطُرق ، إسترجاع " حقِهم " ! . نعم ، كُلهم يعتبرون المكاسب والإمتيازات والتصرُف بالمال العام .. يعتبرونها ( غنائم ) .. والغنيمة الكبيرة يحصل عليها ، الأقوى والأشرَس والأخبَث .. كما في أي عصابةٍ كلاسيكية !.

ان أخلاق عوائل المافيات الإيطالية والإيرلندية في الولايات المتحدة الامريكية ، قبل أكثر من مئة سنة ، كانتْ أفضَل كثيراً من أخلاق المافيات السياسية المتواجدة على الساحة العراقية اليوم .. فكانتْ حينها تمتلك بعض " القِيَم " رَغم أفعالها الإجرامية ، وكانتْ واضحة في أساليبها وأهدافها  وغاياتها التي تنحصر في النفوذ وكسب المال . أما الآن في العراق ببغداده وأربيله .. فأن كُل الموبقات والجرائم وأنواع الفساد ، تجري ، تحتَ يافطات شتى ، مُخادعة ... تتراوح بين إدعاءات التَدّين الملفوفة باللحى وأغطية الرأس السوداء والبيضاء ، وترديد بعض الآيات والاحاديث ، التي يضحكون بها على عقول البُسطاء .. من ناحية ، ومن الناحية الأخرى ، التَشدُق بشعارات ، الوطنية والقومية الزائفة ، والمُزايدات الكاذبة . ان كُل الذي يحدث ، هو التعارك بين أفراد العصابة ، على الحصة الأكبر من الكعكة الغنيمة ، والتنافُس على الإستحواذ ، على اكبر قَدرٍ من النفوذ والسلطة والمال .

وطالما ، بَقِيَتْ هذه الطُغمة المُتسلطة على مقاليد الامور في العراق ، بهذه العقلية النَتِنة .. فأن الأوراق ستظل تتساقط مِدراراً من أغصان شجرة الجنة أعلاه !.


29/2/2012
 

 

 

free web counter