|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت 28/4/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

قوانيننا وقوانينهم

امين يونس

" تنفردُ فنلندا ، بوجود قانونٍ فيها ، يقوم بإحتساب غرامة مُخالفات السُرعة [ وفقاً للدَخل المادي للمُخالِف ] ! .. حيث يُتيح القانون للسُلُطات ، إقتطاع نسبة مُعينة من أموال المُخالف . ومن تداعيات هذا القانون الغريب ، ان السيد ( أنساي فانجوكي ) مُدير شركة نوكيا الشهيرة ، فوجئ في كانون الثاني سنة 2002 .. بِخطاب مُخالفة سُرعة يُطالبه بدفع ( 12.5 ) مليون دولار ! لقيادته دراجته النارية من طراز هارلي مُتجاوزاً السرعة القانونية المحددة . إستعان السيد فانجوكي ، بِمُحامي ، حيث نجح في تخفيض الغرامة الى 103 آلاف دولار ! .. وأعتقد انها الغرامة الأعلى في العالم ، لِمُخالفة السُرعة ".

أرى ان هذا القانون الفنلندي ، عادل ومنطقي .. إذ ليسَ من المعقول ، أن يُغّرَم العامل المحدود الدخل ، مِئتَي دولار مثلاً ، والمليونير يُستوفى منه نفس المبلَغ ، لمُخالفة مُشابهة . وهذا القانون يَحُد من " إستهتار " الأثرياء ويجعلهم حَذرين .. إذ ان مئة ألف دولار لِمخالفة تجاوز السرعة ، تدفعهم للإلتزام وإحترام التعليمات أكثر !

وفي بعض الولايات الهندية ، هنالك قانونٌ سارٍ منذ 1997 ، ينصُ على مُعاقبة الطالب الذي يغُشُ في الأمتحان ، بالسجن لمدة تصل الى عشرة سنوات !! . والغاية من هذا القانون الهندي ، هو " حماية التعليم والمؤسسات التعليمية ، من الغشاشين الذين قد يتخرجوا وهُم غير مؤهلين ، ويحرمون غيرهم من فُرص العمل " .

وهنالك قانون في سنغافورة منذ 1968 ، ينص على تغريم كُل مَنْ يرمي أية نفايات في الشارع او الأماكن العامة او السياحية ، ألف دولار !! . ونتيجة هذا القانون القاسي ، فأن سنغافورة ومنذ سنوات عديدة ، من أنظف البُلدان في العالم .

....................................

ولأفسح المجال ، أن يشطح بي الخيال .. وأحلم في عراقٍ ، فيهِ قوانين مُشابهة .. وأن يُفّكر النواب بطريقة ، تُنصِف الفقراء .. ويُشرِعوا قوانين لإقرار النزاهة والامانة ، واُخرى تهتم بالبيئة والنظافة .

 والآن لايسعنا إلا الحلم والخيال والاُمنيات .. لأن الواقع بعيدٌ كُل البُعد عن طموحاتنا .. فالأثرياء والمسؤولون الكبار والقادة في العراق اليوم ، ليسَ فقط مُتساوون مع البُسطاء والفقراء ، مثلاً في غرامة تجاوز السُرعة ( نظرياً ) .. بل أنهم يسحقون القانون بأقدامهم ، وهُم فوق القانون أساساً .. وحتى أبنائهم لايشملهم القانون أصلاً .. فتراهم يستهترون في الشوارع ، بسياراتهم الفارهة ، بدون أجازة سياقة وبسرعة جنونية ، دون أن يحاسبهم أو يُغَرِمهم أحد .. والويل لسائقِ تكسي بسيط ، لو وقف للحظات في مكانٍ ممنوع ! .

ومئات الموظفين الكبار ، وحتى النواب وأعضاء مجالس المحافظات ورُبما بعض الوزراء .. عندنا ،مُتهمون بالغش وتزوير الشهادات التي يَدّعون حيازتها ، حسب هيئة النزاهة .. ومن المؤكَد ان آلافاً غيرهم غشاشون ولم يُعلَن عنهم بعد .. بينما الهند عالجتْ هذا الموضوع  مُسبقاً ، بالقانون ، وطبقته على الطلبة .. وأظهرتْ للمجتمع ان " الغّشاش " مكانه السجن ، ولا يُسمَح له ان ينجح زوراً وان يتقدم لوظيفة لا يستحقها ! ..

" النظافة من الأيمان " .. هذه الجملة مُعَلَقة في آلاف الأماكن العامة والخاصة عندنا .. ولله الحمد ، فان [ الأيمان ] مُنتشر بكثافة كبيرة " ومظاهر " الأيمان واضحة لكل ذي عينَين .. والى جانب ، تقاعس وإهمال الحكومات عندنا ، في تحقيق نظافة الشوارع والأماكن العامة .. فأننا نحن ، أي المواطنين المؤمنين ، نُوّسِخ كُل مكانٍ نحلُ بهِ !! .. وليسَ هنالك قانون مثل القانون السنغافوري ، يردعنا ويوقفنا عند حَدِنا ! .

............................

عموماً ... حتى القوانين التي عندنا ، على علاتها .. لايشمل تطبيقها : الزعماء والقواد والمسؤولين والأغنياء ... بل تُطبَق على الضعفاء والفقراء والمهمشين فقط .

  

25/4/2012

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter