|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الخميس 28/6/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

في كُلٍ مِنّا .. شئٌ من صَدام

امين يونس

بعدَ 1991 في اقليم كردستان ، وبعد 2003 في بغداد : يكمنُ في كُلِ مسؤولٍ كبير .. شئٌ من طبيعة وأخلاق صدام !. ويتراوحَ هذا " الشئ " بينَ نزوعٍ للتسلُط ، ونهمٍ للإستحواذ ، وجشعٍ للسيطرة والتفرُد ، وتَحّكُمٍ بمصائر الناس . وليسَ جميع المسؤولين سواسية في ذلك .. فقسمٌ منهم ..  يكتفي بنهب وسرقة الأموال العامة بِكافة الوسائل المُتاحة .. وقسمٌ آخر ، يميلُ الى إمتهان كرامات الناس وإذلالهم .. وآخرينَ ، يضيفون الى ما سبق ، تلبية غرائزهم الحيوانية ومحاولة إشباعها .. ومنهم مَنْ يستهتر بصرف الأموال وتبذيرها .. وقسمٌ آخر ، هّمَه المحافظة على المنصب والكرسي ، مُحتَكِراً كُل شئ .. ضارباً بعرض الحائط .. القِيَم والمبادئ والعهود والوعود . أي .. بالمُجمَل .. فأن الغالبية العظمى من الطبقةِ الحاكمة .. يمتلكون عوامل مُكتسبة من نفس البيئة التي ظهرَ فيها صدام على الساحة العراقية ثم تَحّكمَ وتجّبر . فكما يبدو فأن " البيئة الاجتماعية " بإمكانها إعادة إنتاج شروط مُشابهة للشروط التي أدتْ بالأنظمة السابقة ان تكون ديكتاتورية وغير عادلة ... ومن الطبيعي : [ اننا .. اي الناس العاديين .. اي الكُتلة الرئيسية من الشعب .. جوهر هذه البيئة الاجتماعية .. ونحنُ بِقلة وعينا وعاطفتنا الساذجة وعدم إستخدامنا للعقل والمنطق ، وسلبيتنا وخوفنا .. وّفرْنا الظروف الملائمة والفُرص المناسبة .. لكي يعتلي صدام وأشباهه السلطة ، والبقاء فيها لسنين طويلة .. ونحن ايضاً اليوم .. بإهمالنا وسلبيتنا ، وخضوعنا للطبقة الحاكمة الفاسدة ، وإنجرارنا خلف شعاراتهم الزائفة المُخادِعة.. نُقدِم لهم الذريعة ، لِممارسة كافة انواع التسلُط على رقابنا والتحكم باموالنا ومُستقبل الاجيال القادمة ! ] .

لم يبقَ أحدٌ هنا في الأقليم .. لم ينتقِد " إحتلال " صدام لأحسن المناطق السياحية وقِمم الجبال ، ليبني عليها قصوره الفخمة ومنشآته المختلفة ، ولم يتوانى " السياسيون " في إبداء رفضهم وإمتعاضهم بعد إنتفاضة 1991... من إستغلال صدام وبطانته ، لِكل هذه المناطق .. وحرمان الشعب من حقوقه العامة فيها .. وكَرَدِ فعلٍ أحمق .. قامتْ مجاميع فوضوية مختلفة ، بالتواطؤ مع الاحزاب الحاكمة في الاقليم .. بتدمير جميع القصور في جبل كَارة واينشكي وغيرها ، وسرقة جميع المحتويات .. وإمتدتْ موجة النهب والتحطيم ، لتشمل محتويات سد بيخمة الكبير ، ومعظم الدوائر الحكومية .. وفُسِرَ الأمر حينها .. بأنهُ تَصّرفٌ عفوي من الجماهير ، للتعبير عن حقدها على صدام ونظامه الفاشي !! . [ لو قامتْ الاحزاب الحاكمة بحماية المنشآت والقصور فقط ، لكانت اليوم معلماً سياحيا مهما ، وعامل جذب للسياح ، يدرُ الكثير من الموارد ] .

عموماً .. وبدلاً من ان تستفيد الاحزاب الحاكمة ، من الدَرس .. وعوضاً عن القيام بتخطيطٍ سليم ، من أجل إستثمار أفضل لل " أرض " المملوكة للدولة ، وتحويلها الى مشاريع مُربِحة للإقتصاد الوطني في المجالات السياحية والزراعية والصناعية ، وقاعدة أكيدة لتأمين مستقبل الأجيال القادمة ... فأنها بدلاً من ذلك كله .. إبتدعتْ مُسميات ، من قبيل " المُساطحة " او الإستثمار من ناحية ، ومن ناحيةٍ اُخرى .. تركتْ لمؤيديها ومؤازيها .. المجال واسعاً ، من اجل الإستيلاء على الأراضي .. وتسييجها وبناء الفلل والقصور فيها .. واليوم بات امراً شائعاً ان تجد ( القصور ) على كُل تَلِ او رابية او جبل .. فهذا التل للمسؤول الفلاني .. وذاك السفح للمسؤول العلاني .. وهكذا .. وصارت كلها " ممتلكات خاصة " يأمها أصحابها لأيامٍ معدودة كل شهر .. وتبقى فارغة بعد ذلك ! ... بحيث ان المواطن العادي او السائح .. باتَ يحتار اينَ يستطيع الوقوف او التخييم ، بعد ان سُيِجتْ كل الأراضي .. حتى الملاصقة للشوارع العامة !.

..............................

ألم أقُل لكم .. ان في كُل مسؤولٍ عندنا [ شئ ] من طبيعة صدام ؟

 

27/6/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter