| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الأثنين 26/12/ 2011

 

هل تحبون المسيحيين ؟

امين يونس

في المدرسة الإبتدائية الكبيرة المُختلطة ، القريبة من بيتنا ، هنالك أكثر من سبعمئة طالب وطالبة ، بينهم فقط أربعة أو خمسة إيزيديين ، وكُل البقية مُسلمون ... ولا يوجد مسيحيون " حيث ان هنالك مدرسة قريبة اُخرى خاصة بهم " . يوم أمس السبت 24/12 ، جرى هذا الحوار في الصف الثاني الإبتدائي ، بين المُعلمة وبعض التلاميذ :

أحد التلاميذ ، سألَ المُعلمة :

- ستْ .. مَنْ هو البابا الذي يجلب الهدايا ؟

- ماذا تقصد ؟

- عمتي تعيش في السويد ، وقالتْ ان البابا سوف يوزع علينا الهدايا اليوم وغداً !.

- ايها الشاطر ، انه " بابا نوئيل " ، وهذه العادة منتشرة في الكثير من الأماكن ، حيث تُقدّم الهدايا الى الاطفال ، بمناسبة العام الجديد وعيد ميلاد السيد المسيح .

أحدى الطالبات الصغيرات تدخلتْ ، وقالتْ :

- ستْ ... ان هذا الشئ يتعلق بالمسيحيين ... ولا يجوز ان نتحدث نحن عن ذلك .. لأننا لا نحبهم !

إندهشتْ المعلمة ، وقالتْ :

- لماذا تقولين هذا أيتها الحلوة .. لماذا لا نحبهم ؟

- أبي قالَ لي ذلك !!

- أيتها الجميلة .. ألا تُحبين معلمتك الفلانية ؟

- نعم أحبها .

- وهي مسيحية ، وهي تعلمك وتحبك .. ان أباكِ لم يكن يقصد ذلك . وعليك ان تحبي الجميع .

........................................

هذا ما جرى بالفعل .. وكانتْ المُعلمة واعية لدرجةٍ معقولة .. وإستطاعتْ ان تقوم بدورها التربوي والتعليمي في تلك اللحظات المُهمة للغاية ... ف " الثقافة " و " الوعي " بالنسبة للطفل في هذا العُمر .. في حالة تَشّكُل دائمة .. ويتقبل كافة " المعلومات " التي تَرِدهُ ، من مُختلَف المصادر : من البيت ، أي من الوالدَين والأخوة الأكبر ... من المحيط الاجتماعي ، أي الأقارب والأصدقاء ... ومن المدرسة ، أي من المُعلمين . وأكاد اُجزم بأن دَوْر المدرسة ، مُتميز هنا ، في التأثير على الطفل ، وتوجيهه الوجهة الصحيحة ، ومُحاولة تصليح ما أفسده المحيط الاجتماعي قَدَر الإمكان .. فالمسؤولية المُلقاة على عاتق المُعلم والمُعلمة ، جسيمة في هذا الصَدَد .. لأن تعويد الطفل ، على " التفكير " وتعليمه " التمحيص " ، تدريجياً ، قبل ان يُسّلم بصحة المعلومات التي يتلقاها .. من أهم المَهام وأصعبها . فعلى النظام التعليمي والتربوي .. نبذ طريقة [ التلقين ] والدرخ والحفظ ، بدون فهم وبلا هظم !.. والتركيز بدلاً من ذلك ، على تربية الطفل وتعليمه ، الاُسس الصحيحة [[ النقدية ]] منذ الصغر ، والإرتقاء بشخصيته .

تَصّوَر .. لو ان المُعلمة أعلاه ، لم تُعالج الأمر بطريقةٍ جيدة .. أو تعاطفتْ مع التلميذة الصغيرة التي عَلمها والدها على ان لا تحب المسيحيين ... أو تجاهلتْ الموضوع ... لِبَقتْ هذه الطالبة البريئة تعتقد بأنها " يجب " ان لا تحب المسيحيين او الإيزيديين ! . والمُشكلة ، انه يوجد بين ظهرانينا ، آباءٌ متطرفون ، وحتى مُعلمون يفتقدون الى حس المسؤولية .. ولهذا هنالك إحتمالات لنشوء الكثير من أطفال اليوم ، حسب رؤىً إقصائية متطرفة .. وحين يكبرون ، لا يتحملون [ الآخر ] المُختلِف والمُغاير ... سواء دينياً أو سياسياً او مذهبياً .

على الجهات المُختصة ... إيلاء الكثير من الإهتمام .. بالتربية والتعليم ، والمُعّلم والمناهج .. فهذا الطريق فقط .. يؤدي الى التفاؤل وتوقع حياة أفضل للأجيال القادمة .. أجيال تكون فعلاً مُحبةً لبعضها البعض ... بحيث يكون الطفل المسلم يتفهم ويحب ، مُناسبات وطقوس الطفل الإيزيدي والمسيحي واليهودي .. برحابة صدر .

 

25/12/2011
 

 

free web counter