| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 25/1/ 2012

 

لا .. لقتلِ النساء بدوافع الشرَف

امين يونس

عُقِد مؤتمر في مدينة دهوك ، على مدى يومَين 21 و22 /1/2012 ، برعاية " منظمة الحقوق المدنية في كردستان " وبالتعاون مع " المعهد الديمقراطي الوطني " ، تحت شعار [ لا لقتل النساء بدوافع الشرف / متابعة تنفيذ القانون رقم 14 لسنة 2002 ] . وكنتُ أحد المُشاركين في المؤتمر ، وأدناه بعض الملاحظات العامة :

- المؤتمر هو لطرح ومناقشة ، نتيجة جهود إستغرقتْ ثمانية أشهُر إعتباراً من 1/5/2011 ، قامتْ بها منظمة الحقوق المدنية في اقليم كردستان ، بالتعاون والتنسيق مع المعهد الديمقراطي الوطني .. وكانَ فريق العمل ، بقيادة الناشطة " سيبل صديق " مع مجموعة من المحامين اللامعين " محمد حسن عمر " و " دلمان أحمد " و " سعيد مصطو " و " رزكار بشير " و " مسلم عبدالله " ، حيث أجروا خلال مراحل المشروع الأربعة ، إستبيانات عديدة ، شملتْ "700" شخص من الشرائح الاجتماعية المختلفة ، وزيارات ميدانية كثيرة الى السجون واللقاءات مع المحكومين ، ومراكز الشرطة والمحاكم ومركز مناهضة العنف الاسري والرعاية الاجتماعية  والدوائر الحكومية الاخرى ذات العلاقة .

- نظراً لأهمية الموضوع الذي عُقِد المؤتمر من اجلهِ .. فلقد وُجِهتْ الدعوات الى أكثر من سبعين شخصية ، من المُختصين والمهتمين ، من النساء وأساتذة الجامعة ومُدراء الدوائر المعنية والمحامين والصحفيين وناشطي المجتمع المدني ... ولقد تأكدتُ من الجهات القائمة على المؤتمر ، ان الدعوات اُرسلتْ قبل أيام عديدة من تأريخ الإنعقاد ... ولكن للأسف الشديد ، كان الحضور الفعلي ، أقل من نصف عدد المَدعوين ! ... ناهيك عن التأخُر " التقليدي " عن المواعيد المُقررة ، حتى ان أحد المُحاضرين لم يحضر في اليوم الأول .

 ينبغي الوقوف بجدِية أمام ، هذه " الظاهرة " الخطيرة ، والتي أعتبرها خللاً من الضروري مُعالجته ، فمن الشائع هنا ضعف وقلة حضور المدعوين الى حلقات النقاش او المؤتمرات الرصينة ... فحين تكون [ النُخبة المُفترضة ] غير آبهة لتلبية دعوة تبحث في موضوعٍ مهم للغاية مثل قتل النساء .. ولا حتى الإعتذار عن عدم الحضور .. فأن ذلك مؤشرٌ على قلة الوعي والإنحدار القيمي .

أخبرني أحد الحاضرين ، أنه عندما دعا بعضاً من المحامين الشباب .. قالوا له بِكُل وضوح : ماذا [ سنستفيد ] من الحضور ، هل سيدفعون لنا شيئاً ؟! .. أردفَ آخر : لو ان الدعوة وُجِهتْ لحضور حفلة غناء لمطربٍ فاشل ، رُبما كانوا سيحضرون ! . نحنُ في حاجة الى الإرتقاء بثقافتنا ووعينا الإجتماعي ، والإقتناع التدريجي ، بجدوى العمل الطوعي والإهتمام بالشأن العام والمساهمة في النقاشات وإيجاد الحلول ، لمشاكلنا الاجتماعية والسياسية .

- عضوة البرلمان " بيان احمد " قرأتْ مشروع قانون الحَد من العنف ضد المرأة ، بعدها جرتْ مناقشات مُستفيضة حوله ، كان الطابع الغالب فيها ... إنتقاد البرلمان الكردستاني حول عدم مواكبته ، لإحتياجات المجتمع وتأخره في سن القوانين الضرورية . كان حضور السيدة البرلمانية ، ونقاشها المثمر وتحملها للنقد ، بداية واعدة . بعدها قّدمَ الحاكم " مصطفى المُختار " ورقة عمل بعنوان ( قتل المرأة بدافع الشرف ، شَرعاً وقانوناً ) .. جرتْ مناقشات جيدة ، وكان المُحاضِر يميل الى ان الإسلام هو الحل المناسب لهذه الظاهرة ، وقال بأن الشرع الاسلامي لايُبيح قتل النساء ، بل حتى تهمة الزنا ، بحاجة الى توفر شروط في غاية الصعوبة ، حتى تثبت . المُدعي العام " يوسف رمضان " قدمَ ورقة عمل بعنوان ( العنف .. الأسباب والحلول ) .. المناقشات أغنَتْ الموضوع ، متجاوزةً العنف ضد المرأة ، الى العنف بصورةٍ عامة .

- في اليوم الثاني ، تأخرت فقرة الدكتور الرائد " سامي جلال " ، لقلة الحضور والإنتظار لأكثر من نصف ساعة ، ل " حين إكتمال النِصاب ! " .. ورقة العمل كانتْ موسومة ( عرض لنتائج حالات العنف ضد المرأة في دهوك للعام 2011 ) .. ولأنه مُدير مُتابعة العُنف ضد المرأة في محافظة دهوك ، وأستاذ جامعي في نفس الوقت .. فلقد إتسعتْ النقاشات ، لتأخذ مديات أبعد ، تخللتها معلومات كثيرة مُفيدة في مجالات متشعبة .. لاسيما وان أسلوب المحاضر ، كان شَيِقاً وسلساً . في الفقرة الأخيرة ، كانتْ ورقة الدكتور " إسماعيل بامرني " تحت عنوان ( العنف ضد المرأة من المنظور الشرعي ) .. حقاً كانتْ مناقشات ممتازة بين الدكتور والحاضرين .

- بصورةٍ عامة .. كان المؤتمر جيداً والأساتذة الذين قدموا أوراق العمل ، كانوا ذو مستوى رفيع ، والحضور النوعي المتميز للمرأة ، والمداخلات الرصينة التي جرتْ .. أرى من الضروري ان تُطبَع أوراق العمل والمناقشات ، في كُراس وتوزيعه على المهتمين ، لكي تَعُم الفائدة .

.........................

لقطات :

- قالتْ عضوة البرلمان ، ان مشروع القانون الذي قُدِمَ الى البرلمان ، كانَ مَحل إعتراضات كثيرة من رجال الدين ، ولكن حين دعيناهم الى المجلس ، وتم تبادل النقاشات المستفيضة والآراء ، توصلنا الى صيغٍ مقبولة من الجميع .

- الحاكم " مصطفى المختار " ، قال سبق وأن قدمنا "13" مُقترحاً لتعديل [ قانون مجلس القضاء الأعلى ] .. ووعدنا حينها السيد رئيس الأقليم ، بالإستجابة الى طلباتنا .. وها قد مَرتْ خمسة سنوات ، ولا زال القضاء غير مُستقِل !.

- إنتقدَ الحُكام والمحامون ، التباطؤ الكبير في بناء المحاكم في المحافظة عموماً ومركز دهوك خصوصاً ... وعدم ملائمة البناية الحالية ، لتحمل الزخم الكبير من المراجعين ، وتشعب الإختصاصات .. في حين يتم الإسراع في بناء دوائر ضخمة ، غير ذات أهمية ، ذات كُلَف كبيرة !.

- الاستاذ الجامعي والناشط المعروف ، الدكتور " كاميران البرواري " ، إنتقد وسائل الإعلام عموماً ، والمحطات الفضائية الكردستانية خصوصاً ، لإبتعاد " معظمها " عن الاصالة المحلية ، وتوجهها الى القيم الإستهلاكية الغربية ، التي تُشّوِه الذوق العام .

- في مقارنة بين العامين 2010 و 2011 ، حول جرائم العنف ضد المرأة في محافظة دهوك ، كانت كما يلي : في 2010 – القتل (10) / الإنتحار (15) / الحرق (85) / العنف الجنسي (19) / الشكاوي (594) ، المجموع : "723". في حين في سنة 2011 – القتل (6) / الإنتحار (10) / الحرق (85) / العنف الجنسي (14) / الشكاوي (656) ، المجموع : "771" . نستنتج من ذلك ، ان عدد الشكاوي إزداد في 2011 ، وذلك مؤشرٌ جيد ، على ان تفهُم المواطن ولا سيما النساء ، قد إزداد ، لِدَور القانون ومراكز مناهضة العنف .. إضافة الى إنخفاض نسبة الجرائم مقارنة بعام 2010 .. ويعزو الدكتور الرائد " سامي جلال " ، احد الاسباب في ذلك ، الى التعديل الذي أجراه برلمان اقليم كردستان ، على نَص المادة 409 .

- إتضحَ من المناقشات التي تخللتْ المؤتمر ، ان القانون العراقي بجانبه المتعلق بالعنف ضد المرأة والعقوبات المتعلقة بذلك ، مُتقّدمٌ على قوانين الدول المجاورة ، وان المُشّرِع العراقي ، " والكردستاني الذي هو جزء من العراقي " ، أخذ بنظر الإعتبار ، كافة الجوانب التي تُنصِف المرأة قَدر الإمكان .. وكدليلٍ على ذلك : ان القانون الاردني لازال حتى اليوم ، يعتبر الأعذار [ مثل التلبُس في حالة الخيانة الوزجية ] ، سبباً كافياً لل [[ الإعفاء ]] كُلياً من عقوبة جريمة القتل ! .. وكانتْ القوانين في لبنان شبيهة بالأردن ، لغاية 1999 ، حيث جرى تعديل على القانون حسب المادة 561 ، فأصبح بالتالي مُشابهاً للقانون العراقي الصادر منذ 1969! . القانون العراقي الحالي الخاص بالعنف ضد المرأة وجرائم قتل المرأة بدواعي الشرف ، المعمول بهِ في العراق عموماً ، هو أفضَل حتى من القانون السوري والمصري .

- إستنتاجي العام ، حول المؤتمر ، هو : ان العنف المُمارس ضد المراة في مجتمعنا الكردستاني عامةً ، وفي محافظة دهوك خاصةً ، وجرائم قتل النساء بدوافع الشرف ...مَرَدها الأعظم ، هو [ العادات والتقاليد ] البالية ، وإنتشار الأمية وقلة الوعي المجتمعي ، والتأثر بثقافة التصحر الفكري ، القادم مع التيارات المنغلقة والمتشددة ، وتقاعس الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ، في النهوض بواجب التنمية البشرية المُستدامة ، وتوفير أرضيات وقوانين مناسبة وتوفير ميزانيات مُلائمة ، للحَد من هذه السلوكيات المُدانة الغريبة عن مجتمعنا .

 

23/1/2012
 

 

 

free web counter