| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    السبت 21/1/ 2012

 

العراق .. والحرب القادمة

امين يونس

هل من المُمكن ان تتجنب المنطقة ، إندلاع الحرب خلال السنة الحالية ؟ وتتجاوز الأزمات المستفحلة ، بأمان وسلام ؟ .. هذا السؤال يؤرق المُراقبين .. وهنالك العديد من السيناريوهات المُحتملة :

- في البدء ، ينبغي الإشارة ، الى ان الأمور لم تُحسَم بعد في الشمال الأفريقي " على الرغم من ان ملامح الوضع الجديد قد توضحتْ الى حدٍ ما " ... فلقد بقيتْ الجزائر تُقاوم رياح التغيير العاتية لحد الآن .. والمغرب إنحنَتْ طوعاً ، عن طريق الإنتخابات وفاز الإسلام السياسي ... ولكن الى متى ستستطيع الجزائر التي يحكمها العسكر منذ خمسين سنة ، الوقوف بوجه المَد الجارف .. لاسيما ، وان الجزائر ، سبقتْ كُل هذه الدول المحيطة بها ، حين فاز الإسلام السياسي ، فوزاً صريحاً في الإنتخابات قبل سنوات ... لكن الجيش الحاكم " مدعوماً بالغرب " ، تجاهلَ نتائج الإنتخابات ، وقمع الإسلاميين بشدة ، والذين من جانبهم ، وعلى الأخص الجماعات المتطرفة ، قاموا بأعمال عنفٍ فظيعة ، وعمليات إرهابية على مدى سنوات .. كانتْ هي مصدر إلهام ، للمجاميع المتشددة فيما بعد ، مثل القاعدة وغيرها . وليبيا سائرة على درب نجاح الاحزاب الاسلامية في أية إنتخابات قادمة ، في حين ان تونس ومصر ، قد سَلمتا الراية ، الى الأخوان المسلمين والسلفيين ، بِمُباركة شُبه واضحة من الغرب ... صحيح ان شمال أفريقيا ، بعيد بعض الشئ عن العراق .. ولكن ما يحدث في أماكن أبعد بكثير ، يؤثر علينا بطريقةٍ مباشرة او غير مُباشرة ، فكيف بهذه الدُول ؟ ..

- أعتقد ان ما يجري في سوريا وإيران ، هو الذي يجب ان يُقلقنا أكثر ، لإعتبارات من بينها ، الحدود المشتركة ، وإرث التدخلات المُتبادلة بين العراق وهاتَين الدولتَين عبر التأريخ ، وتداعيات العامل الطائفي ، والمصالح الإقتصادية والتجارية . فحتى مع الهيمنة الشيعية الحاصلة اليوم ، على الحُكم في العراق ، فأن العلاقة بين البلدين ليست سمناً على عسل ، كما يترائى ... فأننا سَبَقَ وأن إنجرفنا نحو صراع دموي مع إيران وتورطنا في حربٍ طويلة ضدها ... واليوم فأن أعداد الشيعة العراقيين الساخطين على التدخلات الايرانية المختلفة ، في تزايُد .. وكذلك أعتقد ان الميليشيات المدعومة من ايران مباشرة ، فقدتْ الكثير من شعبيتها لدى الشارع الشيعي العراقي . إضافة الى ان ايران ، إخطأتْ بحق العراق ، حين شجعَتْ سياسة تؤدي ، الى مُعاقبة " السُنة " عموماً وتحميلهم وزر جرائم صدام . كل هذا الى جانب ، إغراق ايران ، للسوق العراقية بمختلف انواع البضائع الزراعية والغذائية والصناعية ، ومساهمتها في إضعاف الإقتصاد العراقي ، ناهيك عن محاولات نشر المخدرات في المجتمع العراقي ولا سيما عند الشباب .

سوريا ، إتكأتْ على بعض المبررات ، لتدخلها الفَظ في الشأن العراقي .. من بينها ، ان النظام العراقي الجديد موالٍ للإحتلال ، وتوقعتْ ان الخطوة التالية حسب المنظور الأمريكي ، ستكون الهجوم على سوريا .. فبادرَتْ الى تسهيل عبور " المُجاهدين " أي الإرهابيين ، من مختلف الجنسيات ، منذ الأيام الاولى للتغيير في العراق ، وحاولتْ شأنها شأن إيران ،  تصفية الحساب مع الولايات المتحدة الامريكية ، على أرض العراق ... ومن الطبيعي ان هذا الأمر أوقعَ خسائر فادحة بأرواح العراقيين وممتلكاتهم ، على مدى السنوات الماضية . وبالرغم من كُل هذا ، فأن إيران نجحتْ في [ إقناع ] حكومة المالكي في السنة الماضية ، بتحسين علاقاتها مع النظام السوري على كافة المستويات ، وبأن هنالك خطورة إستراتيجية ، على [ الشيعة ] في العراق ، إذا سقطَ نظام الأسد ، لأن الأصوليين الاسلاميين المتطرفين ، هُم مَنْ سيخلفونه ، وهُم مُعادون لطائفة العلويين ولكل ما هو شيعي ! ... ولعل هذا هو التفسير ، للتغيير الكبير في موقف المالكي وحكومته ، من النظام السوري منذ سنة .

- لم تستطع تركيا ، إستثمار ملف " التركمان " في العراق ، بالدرجة التي كانتْ تريدها .. فإستعاضتْ عن ذلك ، بتوثيق علاقاتها مع بعض [ العرب السُنة ] ، وهيئتْهُم للعب أدوار مهمة في العملية السياسية ..وأعتقد انها نجحتْ في ذلك بدرجةٍ كبيرة .. ولعلَ ( طارق الهاشمي ) و ( اسامة النجيفي ) خير مثال . فالهاشمي الذي قفزَ الى موقع " رئيس " الحزب الاسلامي العراقي وريث الأخوان المسلمين ، وذو العلاقة الممتازة مع حزب العدالة والتنمية التركي ، ثم ترك الحزب وإحتفظ بمنصب نائب رئيس الجمهورية ... أرى انه مُجتهد في الإستماع الى " النصائح " التركية ، ويسترشد بحذافيرها !. أعتقد أيضاً ، ان النُجيفي يَثِق ب " داود أوغلو " و" أردوغان " أكثر من ثقتهِ بكل الساسة العراقيين .. بحيث انه إتبعَ سياستهما الاستراتيجية ، ولم يتوانى عن التبديل الدراماتيكي ، لطروحاته السابقة المُضادة للفيدرالية ، فأصبح من أشد الداعينَ لها !.

علماً ان " الملف الكردي " هو من اولويات الإهتمامات التركية ، في علاقاتها مع العراق ولا سيما مع أقليم كردستان .. وتُمارس تركيا مُختلف أنواع الضغوطات و " الإغراءات " على إدارة الأقليم .. أولاً لقطع الطريق على أي دعمٍ لحزب العمال الكردستاني ، وثانياً لإستغلال علاقات الأقليم ، مع كُرد تركيا ، في سبيل إقناعهم للقبول بالسياسات التركية وثنيِهم عن تطلعاتهم القومية الواسعة .

- أعتقد ان تأثيرات الدول الثلاثة أعلاه ، أي ايران وسوريا وتركيا ، على الوضع العراقي ، أعظم وأخطر وأكثر مباشرةً ، من تأثيرات السعودية والاردن والكويت .. على الرغم ان هذه الدول الأخيرة ايضاً لم تتوانى طيلة السنوات الماضية ، عن التدخلات في الشأن العراقي وإذكاء الخلافات ودعم الإرهابيين وتدمير الإقتصاد .. كُلٌ حسب إمكانياته وأهدافه !.

- إذن المُحصلة ... نحن في وسط منطقة مُشتعلة ، وبؤرة للصراعات الاقليمية والدولية .. ولقد عانينا الكثير من كُل دول الجوار ، وطالما دفعنا أثماناً باهظة ، نتيجة حروب صدام الحمقاء ، وبعد ذلك ، نتيجة إنجرارنا وراء سياسات الاحتلال الامريكي من جهة ، ورضوخنا الى تأثيرات النظام الايراني من جهةٍ اُخرى ...

واليوم ، حانتْ الفرصة لنثبت لأنفسنا وللآخرين .. بأن العراق الجديد ، أصبح ناضجاً فعلاً ويستطيع التصرف ، بحكمة ورَوِية مع الأحداث في المنطقة .. أعتقد انه من الضروري ، ان نبقى نحن ، أي حكومتنا ، على الحياد وسط هذه المعمعة .. فمن المُمكن ان يسقط النظام السوري خلال الأشهر القادمة ، ومن الممكن أيضاً ان تُشن حرب على ايران .. فمع تمنياتنا ان لاتحدث أية حروب ، إلا انها إذا حدثتْ .. فينبغي ان لانكون طرفاً فيها بأي حالٍ من الأحوال .. فلقد دفع الشعب العراقي من دماء أبناءه وامواله .. الكثير الكثير خلال الخمسين سنة الماضية .. بحيث يتحتم علينا أن نستريح ونوفر فرصة للأجيال القادمة ... أن تعيش عيشة كريمة ، بسلامٍ وأمان .

 

20/1/2012
 

 

 

free web counter