|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة 20/7/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

اليوم الموعود

امين يونس

" أحدهم كان يملك " مكواراً " أو كما يُسميه المصريون " نبوت " .. وكان يدهَن رأسهُ .. أي رأس المكوار ، يومياً . فسألتْهُ زوجته : لماذا تمسح رأس المكوار بالزيتِ يومياً يا رجُل ؟ .. فكان يجيب : ان يومه سوف يأتي يا إمرأة ! . وبعد فترة .. سُمِعتْ في الجوار .. أصوات عراك عنيف وشجار ، فإلتقط الرجل مكواره وخرج فورا . وبعد ساعةٍ من الزمن .. عادَ الى المنزل وهو في حالةٍ يُرثى لها .. فسألتْه زوجته ماذا حدث ؟ فقال : لقد أخذوا مني هذا المكوار .. وأدخلوهُ في ( ...ي ) ، أحمدُ الله انه كان مُزيتاً جيداً .. وإلا كانتْ ستكون كارثة " .!


حالة الرجل أعلاه .. تشبه حالة الرئيس السوري بشار الأسد ، وقبله زميله معمر القذافي ، وقبلهما صدام حسين . إذ ان " مكوار " صدام ومكوار الأسد .. المُتمثل في العقيدة البعثية والرسالة الخالدة ، وملحقاتها من قبيل قوى الأمن العقائدية والتنظيمات المخابراتية التي تحصي على الجماهير أنفاسها .. " مكوار " هذه الأنظمة المستبدة .. كان " يُزّيَتْ " و " يُدهَن " يومياً ، من خلال زعيق الإعلام المُسّيَر المُسّيَس ، والمهرجانات الخطابية والعنتريات الفارغة .. وعندما كان يُسأل رؤوس الانظمة الفاشية هذه ، عن الغاية من التزييت والإهتمام الزائد بهذه الجيوش والشرطة والامن والأجهزة القمعية الاخرى .. كانوا يقولون بِكُل ثِقة وبالفم الملآن : " سوف يأتي يومها !! " .


وعندما " أتى يومها " فعلاً .. فانها لم تنفع صدام قيد شعرة ، كما لم تفيد لاحقاً معمر القذافي .. فرغم كل التزييت والتدهين .. فأن المكوار آذى " القائدَين التأريخيين " كثيراً ! .. لأنهما لم يكونا صادقَين مع الشعب ، وان شعاراتهما كانت زائفة ومُخادعة .. وانهما مارسا الكثير من الظلم والقسوة والعنف تجاه الجماهير المغلوبة على أمرها .. وانهما كانا يسرقان من المال العام وينهبنان خزينة الدولة بكل إستهتار . 
واليوم ، يدرك بشار الأسد جيداً .. مصير " المكوار " الذي ورثه عن والده حافظ .. ولأنه يتخوف من ذاك المصير ، ولاسيما انه يتذكر ما آل إليه زميلاه صدام والقذافي .. بل ان بشاراً باتَ يتمنى ان يصبح مثل علي عبدالله صالح ، او حتى زين العابدين بن علي !. لكنه يشعر في دخيلته ، انه لابُد في النهاية ، ان يذوق المكوار .. ولهذا فهو يجهد هذه الأيام في تزييته ودهنه ! .. لأنه يحس ان يومه قادم لامحالة .
رغم كل هذه التجارب ، خلال السنوات الماضية .. و " المكوار " الذي اُدخِلَ في " م ...ة " الرؤساء والزعماء والقادة في تونس ومصر واليمن وليبيا .. وسوريا قريباً .. وبقية الدول العربية لاحقاً .. رغم كل ذلك .. فان حكامنا في العراق الجديد .. كما يبدو ، لم يستوعبوا الدرس جيداً .. فما زالوا يحتفظون بمكاويرهم ويدهنوها ويزيتوها يومياً ... الى يأتي " اليوم الموعود " !! .

 

18/7/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter