|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الجمعة 1/6/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الرياضة المدرسية

امين يونس

الأستاذ والمُرَبي الراحل ( خالد اليوسفي ) ، كان مُعّلماَ في مدارس مدينة العمادية ، من 1945 لغاية 1959 .. كان يُدّرِس الرياضيات وكذلك الرياضة . تَرَبَتْ على يديهِ أجيالٌ من الطلبة والطالبات وإكتسبوا منهُ جزءاً من معارفهم .. وتجاوزَ تأثير الأستاذ اليوسفي ، تعليم الرياضيات والحساب .. وأمتَدَ الى التربية الرياضية .. ففي ذلك الزمن ، وياللغرابة .. كان الإهتمامُ بالرياضة كبيراً ، ولا يُعتَبَر درساً هامشياً ولا حِصّةً زائدة .. وحتى مع وجود نقصٍ في الكادر التعليمي وُندرة توفر المعلمين من ذوي الإختصاص في التربية الرياضية حينذاك .. فقد كان يتم تشخيص المعلمين المُحبين للرياضة وتكليفهم بمادة التربية الرياضية ، الى جانب إختصاصهم الأصلي . ولقد كان " مهرجان الألعاب الرياضية لمدارس العمادية " الذي اُقيم في سرسنك ، في شهر أيار 1958 .. حدثاً مُهماَ على مستوى القضاء والمنطقة .. ذلك المهرجان الذي نَظّمهُ وأشرَفَ عليه الأستاذ المُربي " خالد اليوسفي " مع بعض زملاءه .. وإشترِكتْ فيه كافة مدارس نواحي وقصبات وقُرى العمادية .. وشملتْ المنافسات ، ألعاب القوى المُختلفة وكرة الطائرة ، إضافةً الى العديد من الالعاب المُسلِية والمَرِحة .. وإكتظتْ جوانب الساحة في سرسنك ، بالمُتفرجين والمُشجعين وأهالي الطلبة ، وبحضور مسؤولين حكوميين محليين ومن مديرية معارف الموصل .. وقُدمتْ جوائز للفائزين . لازالَ الكثير من الطلبة الأحياء ، المُشاركين في ذلك المهرجان .. يتذكرون مدى روعته والصدى الطيب الذي أحدثهُ ، ليسَ في نطاق المدارس فحسب .. بل في المجتمع بصورةٍ عامة .

إذا أخذنا بِنظر الإعتبار ، قِلة الإمكانيات المادية في ذلك الوقت ، وشحة وسائل النقل ، والإفتقار الى الساحات المناسبة والقاعات والادوات والمستلزمات الضرورية والملابس والاحذية ... الخ . فأن حصة " الرياضة " رغم ذلك ، كانتْ مُهمة ، ويُخرِج المُعلم التلاميذ الى الهواء الطلق تبعاً للظروف المناخية ، لمُمارسة مُختلف الألعاب والحركات ، إضافة الى تعليمهم أهمية الرياضة من الناحية التربوية والصحية والنفسية.. وحتى التلاميذ كانوا يحبونَ الرياضة الى درجةٍ معقولة ، لكونها مُتنفساً لهم لصرف طاقتهم الزائدة ، وإستعادة النشاط والحيوية .

أما اليوم .. وبعد أكثر من نصف قرن ، على المهرجان المذكور اعلاه .. وبعد ان تضاعفَ عدد المدارس في قضاء العمادية ، عشرات المرات .. وإزدادتْ الإمكانيات المادية ، وبُنِيتْ القاعات والساحات ، وتوفرتْ المستلزمات الضرورية .. وتخّرج الكثيرون من المعاهد والكليات المختصة بالتربية الرياضية ، وتعينوا في تلك المدارس .. وإرتفعتْ الاجور والرواتب ، ورُصدتْ ميزانيات للنشاطات الرياضية المدرسية والمهرجانات السنوية المُفترَضة .. رغم كُل ما تَقَدم .. فأن الرياضة المدرسية تراجعتْ !!. وأصبح درس الرياضة أو حصة التربية الرياضية ، في الغالبية العظمى من المدارس .. فراغاً .. وإستراحة وفرصة طويلة ! .. لأن النظام التربوي والتعليمي عندنا .. من قمة الهَرَم .. مروراً بمديريات التربية الى إدارات المدارس .. كُلها تتحمل ، مسؤولية ، إنحدار التربية الرياضية ، وتكريس الإهمال الناتج عن عدم الفهم .. وتجاهُل الاهمية الكبيرة للرياضة المدرسية وتأثيراتها الإيجابية .. على التعليم والصحة والذهن وحتى تشخيص ورعاية أبطال مُستقبليين .

علماً .. ان قضاء العمادية .. مُجرد نموذج ، إذ ان وضع الرياضة المدرسية المتدهور .. هو نفسه في عموم محافظة دهوك وفي أقليم كردستان ، بل في العراق عموماً .

ما أحوجَنا اليوم ، الى قادة يدركون الدَور الحاسم ، للتربية والتعليم في تطور البلدان والشعوب .. ما احوجنا الى ، مُخططين ، يرفعون من نسبة التربية والتعليم في الموازنة العامة وجعلها اكثر من ميزانية الاجهزة الامنية .. ما احوجَنا الى مُرَبين في مُستوى الاستاذ " خالد اليوسفي " .

 

31/5/2012

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter