| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الأثنين 19/3/ 2012

 

الكُرد .. بين حساب الحَقل والبَيدَر

امين يونس

هنالك بوادر على الأرض ، لمُخّططٍ خطير رُسِمَ منذ سنوات للمنطقة ، وبدأت ملامحه تظهر بعض الشئ .. ولعلَ تسريب نُتَفٍ منهُ خلال العشر سنوات الماضية ، مثل خطة بايدن لتقسيم العراق ، وبعد ذلك تقسيم بلدان اُخرى .. لم تَكن إلا بالونات إختبار ، لقياس ردود الأفعال المُتوقَعة ، وإضافة التعديلات اللازمة للسيناريو الأصلي .

رغمَ تَوّفُر العديد من الأمور ، التي تجمع الكُرد من الأجزاء الاربعة : العراق / تركيا / إيران / سوريا ، من قبيل اللغة والدين والأرض المُترابطة والتأريخ  .. إلا انه هنالك بالمُقابل ، نقاط ضُعف تعتري هذا التقارُب والوحدة المُفتَرَضة .. مثل إختلاف التطور السياسي الاجتماعي الإقتصادي ، في كُل جزء .. والفَرق في طبيعة أنظمة الحُكم في البُلدان الأربعة .. والتنافُس الحاد ، مابَين القوى والاحزاب السياسية الكُردية ، في هذه الأجزاء ، وفشلِها في خلق موقفٍ مُوّحَد ، وإتباع إستراتيجية واضحة ، تأخذ بنظر الإعتبار ، المصلحة الكردية الجامعة .. بل عجز المؤسسات السياسية والأكاديمية الكُردية لِحَد الان ، عن الإتفاق على " لُغة مُوّحَدة " تجمع مُختلَف اللهجات الحالية.

من البديهي ، أن أقليم كردستان العراق " أو ما يحلو للكُرد تسميته كُردستان الجنوبية " ، في وضعٍ مُتقّدِم على بقية أجزاء كردستان ، للعديد من الأسباب ، لَعّل أهمها ، هي الثورات التي خاضَها الشعب الكردي والتضحيات الجِسام التي قّدمها  ، في هذا الجُزء ، منذ وقتٍ مُبّكِر ، مُقارنة مع الاجزاء الأخرى .. إضافةً الى الإستفادة من الوضع الدولي المُستَجِد والتحولات الكُبرى ، في مطلع التسعينيات من القرن الماضي ... وفَرض الإدارة الذاتية الكردية ، تحت حماية المظلة الدولية ، منذ 1991 . ولم يجرؤ القادة الكُرد ، على إستغلال الإحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ، والفوضى الكبيرة الناتجة عن ذلك .. في تكريس إنفصالهم عن العراق ، وإعلان إستقلالهم [ ورُبما كانوا مُحِقين في موقفهم آنذاك ] .. وكُل الذي إستطاعوا فعله ، هو تثبيت عدة مواد في الدستور الدائم الجديد ، تحفظ للكُرد حقوقهم ، وتردع الآخرين من العودة الى السياسات الشوفينية القديمة . غير ان الوضع في اقليم كردستان العراق ، منذ 2003 ولِحد الان ، هو في إعتقادي ، ليسَ مُجّرَد [ فيدرالية ] ، بل انه يتجاوز في بعض المفاصِل في الواقع العملي ، ليصل الى [ الكونفيدرالية ] .. والمُشكلة الأساسية ، هي ان مُطالبة الكُرد المُستمرة ، بتطبيق (الدستور) بحذافيره ، تُتيح لهم التصرُف كما الان .. فعدم تشريع قوانين في غاية الأهمية لِحد الان ، أي بعد مرور تسع سنوات ، مثل قانون النفط والغاز الذي من المُفتَرض ان يُنّظِم ويُقّنِن إنتاج وتصدير النفط ، فغياب هذا القانون .. يسمح للكُرد بتوقيع عقود مع الشركات الاجنبية .. والتماطُل المُستمر من قِبَل بغداد ، في تطبيق المادة 140 ، يُقّدم ذريعة للكُرد ، في [ عدم الثِقة ] بالشُركاء الآخرين ، ويميلون الى التَشّدُد ورفع سقف مطاليبهم .. رُبما تحت ضغط الشارع الكردي ... وكذلك فُقدان المركز أو الحكومة الإتحادية في بغداد ، لأي نفوذ ( فعلي ) ، على الجيش او الشرطة والقوى الامنية ، في أقليم كردستان ، وحتى التشكيلات العسكرية او الأمنية [ الإتحادية ] المُتواجدة ، في الأقليم حالياً ، هُم من الكُرد .

رغم كُل هذه المشاكل ، بين الأقليم وبغداد ، وبالتالي بين القادة الكُرد ، وقادة العملية السياسية في بغداد .. فأنني أرى ، بأن أعداد العراقيين من غَير الكُرد ، الذين أصبحوا يتفهمون الطموحات الكردية ، ويستوعبون إمكانية إنفصال الكُرد عن العراق في المُستقبل .. هذه الأعداد في تزايُدٍ مُستمر .. وأعتقد ان هنالك أملٌ حقيقي ، ان يَتُم (الطلاق) بين الطرفَين ، بطريقةٍ وِدية ، بعد أن يجري التفاهُم والتنسيق بينهما ، على الحقوق والواجبات وكيفية رعاية الأطفال !! .. والأطفال هُنا ، هُم المناطق المتنازع عليها ، وإدارة المياه والثروات المعدنية والمشاريع المُشتركة ..الخ .

لا أتَصّوَر ، ان تقوم قائمة ل ( دولةٍ كُردية ) في شمال العراق ، من دون ضوءٍ أخضر ، أمريكي وغربي عموماً .. ولا أعتقد ان يجري ذلك ، من غير التفاهم والتنسيق بين أمريكا والغرب من جانب و [[ تُركيا ]] من جانبٍ آخر . وأرى ، بأن تُركيا ، هي حَجر الأساس بالنسبة الى هذا المشروع الدَولي .. وان الولايات المتحدة ، تُحاول حثيثاً ، ان تُقّرَبَ أكثر بين كُرد " العراق " وبين النظام التركي .. ولقد نجحتْ في هذا المسعى الى حَدٍ كبير لِحد الان ! .

وتركيا ، قد غّيرتْ من تعامُلها مع أقليم كردستان العراق ، خلال السنوات الماضية حسب الخطة التي أرى أنها وِضِعتْ منذ سنين طويلة ، في الدهاليز المُتشابكة ، للأجهزة الامريكية والتركية . وليس من المُستبعَد ، أن تُشّجِع تركيا ، قيام دولة كردية في شمال العراق .. بشرط [[ أن تقوم بإتحادٍ كونفدرالي مع الدولة التركية ]] !. وبالضرورة وكشرطٍ لقبول تركيا لهذه الفكرة ، ستكون هذه الدولة ( مُعادِية ) لتوجهات حزب العمال الكردستاني وطموحاته في الاستقلال او الحكم الذاتي الواسع . ومن الممكن ، أن ( يُجَر ) كُرد سوريا جّراً الى الإنخراط في هذا المشروع .

أعتقد ، ان على الساسة الكُرد ، ولا سيما في أقليم كردستان العراق ، وحزب العمال الكردستاني .. تَوّخي الحذر الشديد ، في التعامل مع هذا الملف الخطر . ففي كُل الأحوال ، أرى ان التنسيق والتفاهُم ، مع [[ العَرَب ]] ، سواءً في العراق أو سوريا ، سيكون أجدى وأنفع ، للكُرد وللعرب أيضاً .. وسيفيد العرب خصوصاً ، إذا تَبَنوا الطموحات المشروعة للكُرد في إقامة دولةٍ كُردية في شمال العراق ... وفي جميع الأحوال : ان التشرذم الكردي والإنقسامات الداخلية ، لن تُساعد على تحويل الطموح الكردي الى واقعٍ ملموس .. وكذا التشرذم العربي والخلافات البينية ، لن تُوّفِر للكُرد ، فُرصة حقيقية ، للتفاهمات الكُبرى على مُستقبل المنطقة .

عموماً .. هنالك فُرص معقولة اليوم ، أن تُقارب حسابات البيدَر الكردي ، حسابات الحقل ... إذا تكاتفتْ الجهود الكردية ، وتصرفتْ بِحكمة ... وساندها بعض الحظ !.

 

18/3/2012
 

 

 

free web counter