|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 19/4/ 2012                                                           أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

الى صديقي الإيزيدي : أعتذرُ منك وأطلبُ الصفح

امين يونس

اُختي الحّاجة التي تكبرني بأثنين وعشرين سنة ، تقول لي دائماً : فيكَ جميع الصفات الجّيدة .. لكن ينقصك أمرٌ واحد فقط ، وهو انكَ لاتُصّلي ! . ولي صديقٌ مهندسٌ إيزيدي ، اُمازحه وأغيضه كُلما أراه ، وأقول له : أنتَ إنسانٌ محترم ومهندسٌ جيد ومثقف .. لكن للأسف ، كُل هذا لاينفع .. فأنتَ إيزيدي ! ..

أبتسِمُ للحّجية عندما تُقّرعني ، وأقول لها : إنشاءَالله سوف أفعل مُستقبَلاً .. رُبما هي تدري بأنني أكذُب ! .. لكنها تكتفي بذلك وتدعو لي بالهِداية . أما صديقي المهندس ، فهو رغم ثقافته الواسعة المتنوعة ، إلا أنني اُلاحِظ انه ، ينزعِج ويتنرفَز فعلاً ، إذا تمادى أحدٌ ما في التشكيك بمعتقداتهِ .. وفي الحقيقة ، انا أحترِمُ فيهِ ، تَمَسكه بمبادئه وأتفهم تَدّينه وآراءه الدينية . وهو أيضاً بالمُقابِل ، يدرك أنني ، الذي لايأخذ بِجدية كبيرة ، طقوس وفروض دينهِ الشخصي .. فكيفَ بدين صديقي الإيزيدي !؟ .. ويعرف جيداً ، أنني أحترمُ أي إنسان مؤمن [ بِصدق ] بمعتقداته .. سواء كان مُسلماً او مسيحياً او يهودياً ...الخ ، أو حتى بوذياً او لادينياً .. مادام جميع هؤلاء يدعون الى الخير والعدل ، وصادقونَ فعلاً في إيمانهم .

أعترفُ أنني ، لاأهتَمُ كثيراً ، بالأصول والمنابت ، ولا أعيرُ إهتماماً بالسلالات وشجرات العوائل ولا يعجبني الإفتخار بالعشيرة والقبيلة والمدينة والمنطقة .. ودليلٌ بسيط على ذلك ، أكتب أسمي المُجّرَدِ دائماً .. لكن ليسَ من الضرر في شئ ، إذا قلتُ أننا أهالي هذه المنطقة من العالم ، كُنّا قبل 1500 سنة ، رُبما ندين بالإيزيدية والزرادشتية أو المسيحية او اليهودية .. وكُلها أديان سابقة على الإسلام .. فربما كان جدي إيزيدياً أو يهودياً .. فكما أن ذلك لايرفع من قيمتي شيئاً ، فأنه بالتأكيد لاينتقص من شأني .

ولكن المُهم ..أن نعترف ان هذه المنطقة التي نعيش فيها اليوم ، كانتْ أحياناً وقبل قرون عديدة تحت السيطرة " الإيزيدية " .. ولقد جرتْ حروب كثيرة ومعارك شرسة ، لاسيما بعدَ إنتشار الدين الاسلامي .. وجرى إجبار الكثير من الإيزيديين ، على ترك دينهم وإعتناق الإسلام عنوةً .. بينما إحتفظَ الأشداء منهم والمُقاومين ، بدينهم القديم .. وصديقي المهندس كما يبدو هو حفيد هؤلاء !.

رُبما تكون أحداث القرون الغابرة ، غامضة وصعبة التأكيد .. لكن يمكن تَعّقُب الكثير من تفاصيل الحروب التي جرتْ ضد الايزيديين في ال 250 سنة الأخيرة .. وكُلها كانتْ تحت يافطات دينية إسلامية رافعةً شعارات الجهاد في سبيل الله ! .. وكلمة [[ فرمان ]] العُثمانية السيئة الصيت ، كانتْ تعني ببساطة : إبادة الإيزيديين ! .. وقتلهم ونهبهم وإستباحتهم . من الطبيعي ، ان الإيزيديين ، لم يكونوا ملائكة ، وان شيوخهم واُمرائهم ، شأنهم شأن الشيوخ والأمراء من الأديان الاخرى .. لهم أطماعهم وغاياتهم البعيدة عن الدين والورع .. لكن ما جرى من فظائع كبيرة ، بِحق الإيزيديين .. يُعَدُ من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية .

كما اننا نؤيد ، إدانة الاتراك لإقترافهم جرائم إبادة الأرمن .. ونُدين جرائم الفاشية البعثية ، بِحق الشعب الكردي والشعوب الاخرى .. فأن إبادة الإيزيديين .. من الجرائم الكبرى المُنسِية .. والتي يتحمل جانباً كبيراً منها .. السلطات العثمانية .. ومن بعد ذلك الحكومات التركية والعراقية الملكية .. بالتماهي مع بعض رجال الدين المسلمين الاكراد وعشائرهم ، التي لعبتْ دوراً مُهما في هذه الحروب . وبعض المحطات البارزة من هذه الأحداث ، كانتْ في : 1753  .. 1832 .. 1844 .. 1935 .. وعشرات الحوادث الاخرى المُتفرقة .

في ذلك الجُزء ، الذي قَد يكون أجدادي المسلمين ، قاموا ب أو شاركوا ، في تلك الحروب المُخزِية ضد الإيزيديين .. فأنني اُدين تلك الأحداث المأساوية .. و أعتذر للإيزيديين علناً ... وأقولُ صادقاً لصديقي المهندس : أنا خَجِلٌ من كون أجدادي قد سَببوا الأذى لأجدادك !!.

 

18/4/2012

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter