| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    السبت 18/2/ 2012

 

دولةٌ في مَهَب الرِيح

امين يونس

منذ عشرين سنة في أقليم كردستان ، ومنذ تسع سنوات في العراق عموماً .. بّحتْ أصواتنا من كُثرة المُطالبة ، بالبدء ب ( تخطيط ) علمي لجميع مرافق الدولة .. من دون جدوى !. ولن يكون هنالك تخطيط سليم ، بِلا إحصائيات وأرقام وجداول دقيقة عن كُل شئ .. وهذا ما نفتقده لِحد الآن .. حتى الخطوة التي كان ينبغي البدء بها ، منذ سنوات ، ألا وهي [ الإحصاء السكاني العام ] .. جرى تسييسها ، وإخضاعها للتأجيلات المُتعاقبة ، تحتَ ذرائع واهية وحُجَجٍ ضعيفة . بحيث ان أي دراسة اليوم ، حول أي موضوعٍ حيوي ، تعتمد على أرقام تقريبية غير دقيقة ، وإحصائيات غير مُوّثَقة .

عموماً ، كان رئيس هيئة الإحصاء في أقليم كردستان ، قد صّرَح انه حسبَ عمليات الحَصر والترقيم ، التي جرتْ في اواخر 2009 ، في مُحافظات الأقليم الثلاث ، فأن عدد سكان الأقليم بلغَ (4.9) مليون نسمة . فإذا حسبنا مُعّدل الزيادة السنوية 2.5% ، فان نفوس الأقليم سيكون حوالي الخمسة ملايين وبضعة آلاف في نهاية 2010 ، وخمسة ملايين ومئة وخمسين ألف تقريباً في نهاية 2011 ...

وأود أن اُرّكِز على السنة الماضية 2011 .. فلقد قال السيد وكيل وزير مالية أقليم كردستان ، ان هنالك [662444] موظف يُداوم بِشكلٍ رسمي في أقليم كردستان في سنة 2011 .. وهنالك [645] كادر وموظف لدى الأحزاب... وقال انهم إستلموا ( سبعة تريليون وسبعمئة وخمسين مليار دينار عراقي ) ، ولِنُحّوِل هذا المبلغ الى دولار ، فيصبح [[6335]] مليون دولار أمريكي ! .. نعم ايها السادة ستة مليارات وثلاثمئة وخمسة وثلاثون مليون دولار أمريكي ، الرواتب التي إستلمها الموظفون الرسميون وكوادر الاحزاب في أقليم كردستان في سنة 2011 . وأدناه بعض الملاحظات :

- 662444 ، الموظفين الذين يُداومون رسمياً ، يُشكلون حوالي (13%) من مُجمَل نفوس الأقليم .

- علماً ان ميزانية الأقليم لسنة 2011 ، كانتْ حوالي 14 تريليون دينار عراقي ، أي حوالي [11480] مليون دولار امريكي . منها [7975] مليون دولار تشغيلية و[3505] إستثمارية . وان ميزانية البرلمان حوالي [44.28] مليون دولار ، وميزانية السلطة القضائية [39.64] مليون دولار .

- أحزاب السلطة ، عالجِتْ خطأً بخطأٍ أكبر .. فبعد أن عمدتْ ومنذ بداية التسعينيات الى ضَم أكبر عددٍ مُمكن الى صفوفها ، بِغَض النظر عن النوعية والإخلاص والنزاهة .. بل فقط من أجل غايات إنتخابية وفي سبيل الإستحواذ الأقصى على السُلطة والنفوذ .. لكن بعد أن " تَرَهلَ " حِزبا السُلطة في الآونة الأخيرة ، وباتا بحاجةٍ الى التقليص والترشيق ، نتيجة ضغوطات الشارع .. فأنهما لجئا الى " إحالة الكثير من كوادرهما الى التقاعُد " ... ولكي يستمِرا في حَلب الميزانية .. أحالوهم على التقاعُد بدرجة [ مُدير عام ] وخصصوا لهم رواتب عالية " ينبغي الإشارة الى ان الاحزاب الاخرى الصغيرة ، لم تتعفف في هذه المسألة ، بل وافقتْ ضمناً على المبدأ ، من خلال صرف رواتب تقاعدية لبعض كوادرهم على نفس المنوال ". بحيث إذا دُقِقَتْ اليوم قوائم المُتقاعدين في أقليم كردستان ، من الذين بدرجة مُدير عام او ما يُعادله ، فأن الأرقام ستكون كبيرة ولا تتناسب مع حجم ونفوس الأقليم !.

- ان سياسة الإعتماد الكُلي تقريباً ، على الدولة والحكومة ، وجعل نسبة عالية جداً من المواطنين ، موظفين ومُستلمين لرواتب ، او حشرِ قسمٍ آخر على قوائم ، تحت عناوين شَتى ... إدى الى تعويد المواطنين بصورةٍ عامة ، على الإتكالية والكسل ، وترك العمل المُنتِج . أعتقد ان أي [[هّزة]] تُصيب ميزانية العراق خلال الفترة القادمة (والأسباب المتوقعة كثيرة ، منها الركود العالمي وإنخفاض أسعار النفط بشكلٍ حاد) .. ستؤدي الى كارثة حقيقية تحيق ، بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في العراق عموماً وبضمنه أقليم كردستان . حيث لن تستطيع الحكومة حينها ، توفير هذه النسب الضخمة من الرواتب .. وستكون معضلة جدية ، في كيفية إدارة الإحتجاجات الناتجة عن ذلك والإضطرابات المتوقعة . ناهيك عن الأزمات الخانقة التي سوف تظهر ، نتيجة الإعتماد شُبه الكُلي على الإستيراد في كُل شئ ولاسيما المواد الغذائية .

- حّبذا ، لو قامتْ أي جهة حكومية أو غير حكومية ، بكشف أعداد الذين يستلمون أكثر من راتب ، وتحت مُختَلف التسميات ، وأعداد الذين يستلمون رواتب من غير المتقاعدين ، وهم لا يزاولون أي عمل على الإطلاق ... وأعداد منتسبي الجهات الأمنية خاصةً ، الواردة أسمائهم في قوائم الرواتب ، وهُم لا يداومون أبداً ، ورواتبهم يستلمها كل شهر ، مسؤولون في تلك الجهات . حبذا لو جرى ذلك ، لكي يُحاسَبون ويوضَع حَد لهذه المهزلة !.

حبذا لو بدأتْ الحكومة ، في توفير أعمال [[ مُنتِجة ]] حقيقية ، لأرتال العاطلين والتنابلة وإيجاد حلول للبطالة المُقنَعة .. بالتخطيط السليم المُجدي ، وبالتنسيق مع القطاع الخاص .. وبعث الروح في ( الموتى سريرياً ) : الزراعة والسياحة والصناعة . وإلا فأننا على أبواب مأساة قادمة ، لأننا كما نحنُ الآن ، دولة ضعيفة في مَهب الريح .

 

16/2/2012
 

 

 

free web counter